بيروت – – وكالات
تقدم الجيش السوري نحو الحدود التركية يوم أمس الاثنين في هجوم كبير تدعمه روسيا وإيران وتقول المعارضة المسلحة أنه يهدد مستقبل الانتفاضة المندلعة منذ نحو خمس سنوات احتجاجا على حكم الرئيس بشار الأسد.
ولعبت الميليشيات المدعومة من إيران دورا رئيسيا على الأرض بينما كثفت الطائرات الروسية ما يصفه المعارضون بسياسة الأرض المحروقة التي مكنت الجيش من العودة لمناطق استراتيجية في شمال البلاد للمرة الأولى منذ أكثر من عامين.
وقال عبد الرحيم النجداوي من جماعة لواء التوحيد المعارضة «كل وجودنا مهدد وليس فقط خسارة مزيد من الأرض.» وأضاف «هم يتقدمون ونحن ننسحب. في وجه هذا القصف العنيف.. علينا أن نخفف من خسائرنا.»
وقال معارضون وسكان ومنظمة تراقب الصراع إن الجيش السوري وحلفاءه يبعدون نحو 5 كيلومترات تقريبا عن بلدة تل رفعت الخاضعة لسيطرة المعارضة وهو ما يجعلهم على بعد نحو 25 كيلومترا من الحدود التركية.
نازحون سوريون
ودفع الهجوم حول مدينة حلب في شمال سوريا عشرات الآلاف من السكان للفرار باتجاه تركيا التي تأوي بالفعل أكثر من 2.5 مليون سوري وهو أكبر تجمع للاجئين في العالم.
ووفقا لما قاله أحد سكان بلدة أعزاز فإن القصف الروسي المكثف في اليومين الفائتين على بلدتي عندان وحريتان شمال غربي حلب دفع آلافا غيرهم للفرار.
ولا يزال يعيش 350 ألف شخص في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب وحولها وقال عمال إغاثة إن هذه المناطق قد تسقط قريبا في يد الحكومة. ونقل عن الرئيس التركي رجب طيب أردوجان قوله في مطلع الأسبوع إن تركيا مهددة. رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوجلو قال إن هناك 30 ألفا على الحدود التركية السورية وسيتم السماح لهم بالدخول اذا لزم الامر.
في غضون ذلك، وصفت رئيسة بعثة منظمة «أطباء بلا حدود» إلى سوريا موسكيلدا زنكادا الوضع عند معبر باب السلامة الحدودي بين تركيا وسوريا بأنه «بائس». وأضافت أن المنظمة ترى أن الوضع في منطقة أعزاز بائس، وسط استمرار القتال ونزوح عشرات الآلاف من الأشخاص. وذكرت أن ثلاثة مستشفيات تدعمها المنظمة في المنطقة تعرضت للقصف خلال الأيام القليلة الفائتة، موضحة أن موقعها قريب جدا من أماكن المعارك الدائرة حاليا ما يجعل من الصعب تقييم الأضرار.
اختراق دفاعات المعارضة
وفي العودة إلى المعارك الأخيرة؛ وتقول دمشق إنها تريد استعادة السيطرة الكاملة على حلب التي كانت أكبر المدن السورية قبل اندلاع الحرب الأهلية قبل خمس سنوات. وسيكون ذلك مكسبا استراتيجيا كبيرا للحكومة السورية في الصراع الذي أودى بحياة 250 ألف شخص على الأقل وشرد 11 مليونا.
وبعد أسبوع من القصف والغارات الجوية الروسية المكثفة اخترقت القوات الحكومية والمتحالفون معها دفاعات المعارضة لتصل إلى بلدتين في محافظة حلب الشمالية يوم الأربعاء وهو ما ضيق الخناق على خطوط إمداد المعارضة القادمة من تركيا.
وكان نجاح الجيش السوري في فتح طريق إلى البلدتين نبل والزهراء قد مكنه من قطع طريق سريع رئيسي يربط المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في ريف حلف الشمالي بالجزء الشرقي من المدينة الذي تسيطر عليه المعارضة منذ عام 2012. وأدت استعادة بلدة ماير وبعدها كفين إلى الشمال مباشرة من بلدتي نبل والزهراء خلال الأربع والعشرين ساعة الفائتة إلى فتح الطريق باتجاه تل رفعت وهي الهدف التالي لهجوم الجيش. وباستعادتها لن يتبقى سوى بلدة اعزاز قبل الحدود التركية.
واستهدف القصف الروسي على مدى أسابيع طرق المعارضة إلى المعبر الحدودي الرئيسي الذي كان ذات يوم بوابة كبيرة من أوروبا وتركيا للخليج والعراق. ومنذ أن سيطرت المعارضة على المعبر تحول إلى شريان حياة تجاري وطريق إمدادات السلاح للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة في محافظتي إدلب وحلب.
وتدعم تقدم الجيش كذلك بشكل غير مباشر بوحدات حماية الشعب التي يقودها الأكراد الذين يسيطرون على مدينة عفرين جنوب شرقي اعزاز. وقالت المعارضة ان هذه الوحدات سيطرت على سلسلة من القرى منها الزيارة والخريبة في اليومين الفائتين.
وقال المرصد السوري انها استولت على قريتي دير جمال ومرعناز من مقاتلين إسلاميين. وأدى القصف الروسي المستمر منذ أربعة أشهر إلى ترجيح كفة الأسد في الحرب. فبمساعدة موسكو وحلفاء منهم مقاتلون من حزب الله اللبنانية ومقاتلون إيرانيون تمكن الجيش السوري من استعادة أراض على جبهات رئيسية في الغرب.