الوفاء بوعد صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٨/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
الوفاء بوعد صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط

أليسا أميكو

قبل عقد من الزمان، كانت صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مؤسسات عملاقة وصلت إلى الساحة المالية العالمية. وتصدرت صناديق مثل جهاز قطر للاستثمار عناوين الصحف حين استحوذ على أصول بشكل رئيسي في أوروبا وأمريكا الشمالية ــ بما في ذلك أوراق مالية مدرجة بالبورصة وشركات خاصة وأملاك عقارية. بيد أن العالم الذي تستثمر فيه هذه الصناديق تغير، وعليها أن تتغير معه. على مدى العقدين المنصرمين، حيث مكنت عائدات الهيدروكربون (النفط والغاز) صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط من التكاثر والنمو، أُطْلِقت مجموعة مسميات لتصنيف هذه الصناديق، بما في ذلك صناديق الاستقرار وصناديق جيل المستقبل وصناديق الاستثمار. بيد أن معظم هذه الكيانات الاستثمارية السيادية ـ تتناقض مع العناوين الواضحة.

الواقع أن حفنة قليلة فقط من صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط هي مستثمرة مالية حقيقية، لأن العديد منها كانت تمتلك حصصا في مشاريع تملكها الدولة قبل أن تصبح مستثمرة مالية، وتميل ممتلكاتها للتنوع وعادة ما تتضمن هذه الشركات المملوكة للدولة.
ولتهدئة المخاوف بشأن الآثار السياسية لصناديق الثروة السيادية، نظم صندوق النقد الدولي في العام 2008 اجتماعاً ضم 26 من صناديق الثروة السيادية ــ أكثر من 30% منها من الشرق الأوسط ــ لإنشاء مبادئ سانتياجو. وتوخي الاجتماع تعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة في عمل صناديق الثروات السيادية والتأكد من أنها تراعي بالقدر الكافي مخاطر الاستثمار وتساعد على الحفاظ على الاستقرار المالي العالمي.
ولكن منذ ذلك الحين، شهد الوضع تغييراً جوهرياً. ففي أعقاب الأزمة المالية العالمية العام 2008 أصبح الرأسمال الاستثماري أندر كثيراً مما كان، وأفسحت الجهود الرامية إلى ضمان شفافية صناديق الثروة السيادية والقدرة على مساءلتها عن سير عملها الطريق أمام المنافسة على رأسمال هذه الصناديق.
ومع ذلك، واجهت صناديق الثروة السيادية الشرق أوسطية في الوقت ذاته قيوداً جديدة أمام قوتها الشرائية الدولية من جراء التقشف المالي المحلي الناجم عن هبوط أسعار الهيدروكربون.
وبينما توحد صناديق الثروة السيادية أصولها، فمن المرجح أن تولي اهتماماً كبيراً بالبورصات المحلية. وبرغم ذلك، سيجرى أي بيع لاحق للأصول المملوكة للدولة عبر أسواق الأسهم العامة بسبب اهتمام صُناع السياسات في المنطقة بتطوير الأسواق المحلية للرأسمال وتحسين الشفافية في عمليات الخصخصة.
لقد آن الأوان للنظر بعناية أكبر في تأثير صناديق الثروة السيادية على الحوكمة والأداء في الشركات. وتلك قضية لم تتطرق إليها بالتفصيل مبادئ سانتياجو التي ركزت على شفافية صناديق الثروة السيادية. كما أنها لم تُعالَج بالقدر الكافي من جانب القائمين على تنظيم سوق الرأسمال المحلي، الذين ركزوا على تطوير قواعد ولوائح عمل الشركات المدرجة وليس عمل المستثمرين الذين بوسعهم التصرف في هذه الشركات كما لو كانت ملكية خاصة لهم.

وغالبا ما تكون صناديق الثروة السيادية بالشرق الأوسط، بوصفها مالكة كلية أو جزئية للشركات المملوكة للدولة، مساهمة نشطة في هذه الشركات، بل وأحيانا تديرها مباشرة، متجاوزة بذلك مجالس إدارتها بحجة كفاءة صناعة القرار. بيد أنها لا تستخدم نفوذها لتحسين الحوكمة أو دعم الاستدامة عموما. وصناديق الثروة السيادية ليست نشطة في مجال الاستثمار المالي، والكثير منها لا تستخدم حتى حق التصويت على أسهمها. ويتناقض هذا بشدة مع أسلوب أقرانها على مستوى العالم مثل البنك المركزي النرويجي، الذي خاض في السنوات الأخيرة معركة ضد الشركات الضعيفة المملوكة للدولة ومنعها من العمل في صناعات ملوثة للبيئة مثل الفحم.

المدير الإداري لمؤسسة جوفرن، مركز حوكمة الاقتصاد والشركات.