القاهرة - خالد البحيري
فيما اعتبر مراقبون للشأن المصري زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للقاهرة، تعبيرا عن عمق العلاقات بين البلدين، واعتراف رسمي من أهم دولة بالاتحاد الأوروبي بالاستقرار والأمان الذي تشهده مصر منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي سدة الحكم.. تخوف آخرون من النتائج التي رشحت عن الزيارة وتحديدا اتفاق اللاجئين والذي تحصل بمصر بمقتضاه على نصف بليون دولار مقابل استقبالها لعدد من اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين يتم ترحيلهم من ألمانيا إلى مصر.
فكرة ليست جديدة
مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي قال في اتصال هاتفي مع «الشبيبة»: فكرة ترحيل اللاجئين من ألمانيا إلى مصر ليست بالجديدة، وتم طرحها للنقاش بين القاهرة وبرلين قبل نحو 3 شهور بناء على اقتراح ألماني يقضي بترحيل 500 ألف لاجئ إلى القاهرة مقابل مساعدات مالية يقدمها الاتحاد الأوروبي، وتم تباحث الأمر بين مسؤولين ألمان ومصريين، ويبدو أن مصر قررت مساعدة أوروبا في هذا الشأن.وأضاف: الأمر لن يكون اتفاقا بين بلدين فهناك قوانين دولية منظمة لهذا الشأن ووكالة دولية للاجئين، والأمر يجب أن يتم بما لا يتعارض مع مصالح مصر، أو يخالف الأعراف والقوانين المعمول بها في العالم، وهذا جزء من المسؤولية التاريخية لبلد بحجم بلدنا، فلن نتخلى عن الأشقاء الذين ضاقت بهم السبل نتيجة الحرب في بلدانهم، أو نتركهم تتقاذفهم الأمواج ليلقوا حتفهم في «رحلة موت» عبر البحر الأبيض المتوسط.
تبعات هائلة
وفي السياق قال المتخصص في شؤون الهجرة واللاجئين د. وحيد مسعود: الأمر ليس صفقة بهذه السهولة «أنت تأخذ اللاجئين ونحن نعطيك حزمة مساعدات»، الأمر معقد ويتم التباحث حوله في شتى المجالات، فمصر سوف تتحمل تبعات اقتصادية وأمنية هائلة، حال وافقت على طلب ألمانيا، خاصة أن الكثير من اللاجئين ليس لديهم أوراقا ثبوتية ولا يمكن تتبع نشاطهم السابق في بلدانهم بسهولة، وقد تكون منهم عناصر خطرة، أو تحمل أفكارا تكفيرية تضر بأمن واستقرار مصر لاحقا.
وأردف: آليات عديدة يمكن من خلالها الموافقة على استقبال هؤلاء اللاجئين المرحلين من ألمانيا منها على سبيل المثال تطوع الجانب الألماني ومعه الاتحاد الأوروبي بإنشاء استثمارات في مصر ليعمل بها هؤلاء، ومساهمتهم في تهيئة البنية الأساسية والمساكن التي سوف يقيمون بها، مع توسع التعاون الأمني والاستخباراتي لحماية مصر من أية علاقات غير سوية بين الجهاديين وبعض هؤلاء المهاجرين.
كما أن الوضع سيكون مؤقتا وبحلول الهدوء والاستقرار في البلدان التي نزحوا منها يمكن ترحيلهم فورا، فقد تلاشت الأسباب التي خرجوا من أجلها.. وعاد ليؤكد أن مصر دائما ما تستقبل اللاجئين والذين قد يصل عددهم إلى ملايين، سواء من السودان أو العراق أو ليبيا أو سوريا.
تيار رافض
شعبيا، كان التيار الرافض لهذه الصفقة هو الغالب، والسؤال الذي يتردد منذ مجيء مصر وإعلان نيتها التخلص من اللاجئين عن طريق القاهرة وقطع الطريق على تدفق المزيد منهم قبل حلول فصل الصيف هو إيواء اللاجئين، ضحايا الصراعات عمل إنساني مهم لكن هل نحن مستعدون اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا لهذه المهمة؟
رمضان أبو إسماعيل باحث في معهد الدراسات الأفريقية بالقاهرة قال: ليس لدينا مشكلة أن نستقبل الأخوة العرب في بلادنا، وتاريخنا شاهد على أن مصر كانت دوما قبلة اللاجئين والفارين من بلدانهم، لكن هذا العدد سوف يزيد من أزمتنا الاقتصادية، ويفاقم أسعار السلع، ومن الممكن أن يؤدي إلى تقليص فرص العمل النادرة أصلا، ولنا في تجربة السوريين الموجودين بالفعل في القاهرة خير دليل، ففي حي السادس من أكتوبر (جنوب غرب القاهرة) طغت القوى العاملة السورية واقتحمت سوق العمل بأسعار رخيصة، كما أن رؤوس الأموال التي جلبها البعض منهم معه رفعت أسعار الإيجارات والسكن بشكل لا يصدقه عقل.