اثنان وستون هو عدد أكثر الناس ثراءً في العالم والذين تعادل ثرواتهم كل ما يملكه أفقر 3.6 بليون إنسان الآن، وهو انخفاض كبير بعد أن كان عددهم 388 في العام 2010. وقد جرى هذا الرقم الصادم على الألسن في الاجتماع السنوي هذا الأسبوع للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، حيث يناقش زعماء السياسة وكبار رجال المال والأعمال كيفية تحسين حالة الاقتصاد العالمي. والسؤال هو ما إذا كانت النخبة العالمية المجتمعة في دافوس تعتزم اتخاذ أي إجراء لمكافحة فجوة التفاوت الاقتصادي المدمرة (والمتزايدة الاتساع).
الواقع أن زعماء العالم كانوا قلقين إزاء اتساع فجوة التفاوت لعدة سنوات الآن؛ وفي سبتمبر الفائت، اتفقوا على هدف عالمي يتمثل في تضييق هذه الفجوة. بيد أن الفجوة بين أثرى الأثرياء وبقية الناس استمرت في النمو. في مثل هذا الوقت من العام الفائت، توقعت منظمة أوكسفام أن تتجاوز ثروات أكثر 1 % من سكان العالم ثراءً كل ثروات بقية سكان العالم بحلول العام 2016؛ وقد تحقق هذا التوقع قبل شهرين من الموعد المفترض.
وكلما طال أمد انتظارنا قبل اتخاذ الإجراءات اللازمة، كلما تزايدت خطورة العواقب. ذلك أن التفاوت الاقتصادي قوة هَدّامة تعمل على تقويض النمو الاقتصادي، وتعيق جهود مكافحة الفقر، وتشعل شرارة الاضطرابات الاجتماعية. في العام 2012، سلط تقرير المخاطر العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي الضوء على التفاوت الشديد في الدخل باعتباره التهديد الأعظم للاستقرار الاجتماعي والسياسي. وتشير تقديرات منظمة أوكسفام إلى أن هدف استئصال الفقر المدقع، والذي كثيراً ما بُشر به، من المستحيل أن يتحقق بحلول العام 2030 في غياب الجهود القوية في التصدي للتفاوت.
الواقع أن الضرر الشديد الواقعية الذي يخلفه التفاوت على حياة البشر واضح في مختلف أنحاء العالم. على سبيل المثال، أخبر عمال صناعة الملابس في ميانمار منظمة أوكسفام أنهم حتى مع الأجر الإضافي لا يمكنهم تحمل تكاليف السكن والغذاء والدواء. وعلى الطرف الآخر من سلسلة التجزئة، يتمتع المسؤولون التنفيذيون عن شركات الملابس بأجور تبلغ عدة ملايين من الدولارات. وكما أشار رئيس البنك الدولي جيم يونج كيم في العام الفائت فإن الثروة لا تتقاطر إلى الأسفل، بل يمتصها أفراد أقلية قوية وصغيرة للغاية. وهي ليست مسألة عابرة، بل هي متأصلة في اقتصاداتنا. والواقع أن أزمة التفاوت العالمي اليوم كانت نتيجة لثلاثين عاماً من جموح إلغاء القواعد التنظيمية، والخصخصة، والسِرية المالية، والعولمة.
وفي هذا السياق، سوف يتطلب التصدي للتفاوت بين الناس إدخال تغييرات جوهرية على الطريقة التي ندير بها اقتصاداتنا. ولابد من اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان حصول كل عامل على أجر يكفيه لمعيشة كريمة؛ ولابد من تقديم أنظمة ضريبية أكثر تصاعدية؛ ويتعين على الحكومات أن تزيد من إنفاقها على الخدمات العامة؛ كما يتعين على صناع السياسات أن يتحلوا بقدر أعظم من الشفافية، ولابد أيضاً من تعزيز القواعد التنظيمية المالية.
القارة وتوظيف ما يكفي من المعلمين لإلحاق كل طفل أفريقي بالمدرسة.
المديرة التنفيذية لمنظمة أوكسفام الدولية