هناك فئات من المواطنين المتجنّسين ممن خدموا البلاد 30 عاما أو أكثر وتفانوا في البناء والتعمير في أحلك اللحظات في هذا الوطن، وعندما رغبوا في ضمّ خدمتهم التي تزيد بعضها على ثلاثة عقود من الزمن إلى صناديق معاشات موظفي الخدمة المدنية والتأمينات، يقال لهم: فات الميعاد بشهر في قانون التأمينات الاجتماعية، وسنة في قانون معاشات موظفي الخدمة المدنية وهم لم يعلموا بهذه المواد التي لا يجب أن تكون عائقا أمام من ارتضى المشرع أن يكونوا جزءاً لا يتجزأ منا كمواطنين، وأصبح لهم ما لنا وعليهم ما علينا من حقوق وواجبات، بل نشملهم بمظلة المعاشات والتأمينات باعتبارهم مواطنين ويجب أن يستظلوا بمظلة تأمينية معينة، ولا نستبعدهم بمجرد تأخرهم في ضم الخدمة، ونغلق الباب في وجوههم إلى غير رجعة، بل على الدولة أن تكمل معروفها وتعدّل هذه التشريعات لكي تتيح لهم ضمّ الخدمة لما لها من أهمية للجميع.
فبلا شك إن قوانين الجنسية في البلاد ليست سهلة أو بسيطة وتراعي كل المواثيق الدولية في هذا الشأن، وتعمل وفق مصلحة الدولة، لذا فمن يستحق الجنسية العُمانية هو مواطن بمواصفات عالية من كل جانب، وفوق هذا وذاك قام بخدمة البلاد، وقدم خبراته ومؤهلاته في أوقات كانت بلدان العالم ولا تزال تفتح أبوابها لكل الخبرات، بل إن البعض منهم لم تعد له علاقة بدولة الأصل، ويرتبط بصداقات ومعارف أكثر من بلده الأصلي، ومع ذلك يحرم من الانضمام إلى مظلة المعاش والتأمينات بسبب مادة في القوانين يجب تعديلها لفتح الباب أمام هؤلاء بضم خدماتهم وتقديم مبالغ نهاية الخدمة التي صرفت لهم طوال عملهم إلى صناديق التقاعد وفق الضوابط المعمول بها، فما الهدف من إعاقة شملهم بنظام التقاعد المعمول به.
هؤلاء أصبحوا مواطنين، وإذا لم تشملهم الأنظمة التقاعدية سيصبحون عالة على الحكومة كغيرهم ممن يتسلم إعانات من التنمية الاجتماعية أو عالة على غيرهم في المجتمع، هم اليوم ليسوا مواطنين ينتمون لدول أخرى وإنما هم مواطنون عُمانيون، ولهذا يجب أن ننظر للموضوع من منظور المصلحة العامة للفرد والمجتمع، ولا نتوقف أمام مواد جامدة تعرقل ضم خدمة مواطن إلى نظام تأميني.
فالمادة 21 من قانون معاشات موظفي الخدمة المدنية والمعدل بالمرسوم السلطاني رقم 8 / 2006 تشترط ألا يكون ضم الخدمة بعد عام من التجنس، في حين المادة « 22 مكرر ج « من قانون التأمينات الاجتماعية والخاص بمعاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي القطاع الخاص تنص على الآتي: « بالنسبة للمؤمن عليه الذي يحصل على الجنسية العُمانية، في تاريخ لاحق لتاريخ العمل، بهذه التعديلات يكون عليه إبداء الرغبة كتابة لكل من صاحب العمل والهيئة بضم مدة خدمته السابقة مباشرة على التجنّس من عدمه وذلك خلال مدة أقصاها شهر من تاريخ الحصول على الجنسية العُمانية».
فهاتان المادتان يجب أن يعاد تعديلهما للعديد من الدواعي آنفة الذكر وضرورة تنبيه المواطن بذلك، حيث إن العديد منهم في غفلة من هذه الأمور وبالتالي هم محرومون من الانضواء إلى أنظمة تأمينية فيها ضرر على الجميع حتى الدولة.
فالحرمان من الراتب التقاعدي لموظف قضى أكثر من 30 عاماً في الخدمة، مسألة فيها شيء من القسوة بسبب تعديل مواد في القانون، فضلا عن أن المواطن سيكون عبئا على الدولة في حالات العجز والوفاة إذا لم ينضم لنظام معاشات وتأمينات، والمواطن يجب أن تتوافر له الحماية المدفوعة من جانبه حسب الأنظمة المعمول بها، وليس معاقبته مدى الزمان على نسيانه وغفلته بعدم التسجيل لأي من الأسباب منها عدم الدراية.
ويمكن فرض غرامات أو رسوم تأخير أيا كانت تلك العقوبات، بسبب حرمانه من الانضمام إلى النظام التأميني، كحرمانه من الجنسية أو من فقدها أو أنه لم يحصل عليها والأمر متشابه في كل الأحوال، إلا في بعض الجوانب التي تحق له كمواطن ولكن الأهم الاستحقاقات التأمينية التي تعينه على الحياة الكريمة.
بالطبع نحن مع التنظيم وضبط الأمور، لكن بدون قسوة تحرم مواطنين ولا تراعي المصلحة العامة للمواطن والدولة، بل في جوانب أخرى يمكن تعويضها كالغرامات على التأخيرات.
نأمل أن تعدل هذه المواد في قانوني صندوق معاشات موظفي الخدمة المدنية والتأمينات الاجتماعية فهي ليست قرآنا منزّلا، رغم نسخه العديد من المرات، فهذه قوانين موضوعة يمكن تعديلها لما فيه مصلحة المواطن.