مسقط - محمد البيباني
رغم اصراره على بعض تعهداته التي أثارت جدلاً واسعاً حوله، وجعلت مستقبله السياسي محل جدل، إلا أن خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام الكونجرس يعد بداية لنبرة أكثر هدوءاً وبعداً عن الصخب والإثارة، الأمر الذي يشير إلى مساعيه لإعادة تقديم نفسه لمواطنيه كرجل سياسي.
هل ينجح ترامب في تخفيف قلق الأمريكيين حيال سياساته خلال الأيام والشهور المقبلة أم أن التوجس الذي خلفته تصريحاته وتوجهاته السابقة أكبر من أن يختفي بين ليلة وضحاها؟ ..
ثبات ومرونة
بدا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أول خطاب يلقيه أمام الكونجرس الأمريكي، أمس الأول الثلاثاء، أقل حدة عن خطاباته الصاخبة التي طالما عرف بها منذ حملته الانتخابية وحتى وصوله للبيت الأبيض، فتحدث ترامب عن القضايا الرئيسية التي تشغل صناع السياسة الأمريكية، دون أن ينحرف نحو التصريحات المثيرة للجدل، سواء بشأن منتقديه، خاصة الإعلام الأمريكي، أو بشأن ملف المهاجرين.
ولفتت النبرة الأكثر اعتدالا التي حافظ عليها الرئيس الأمريكي، انتباه الصحف الأمريكية، إذ قالت «نيويورك تايمز»: إنه رغم أن ترامب أكد تأكيده على نهج السياسة الخارجية «أمريكا أولا»، بقوله: «ليست مهمتي تمثيل العالم، لكن تمثيل الولايات المتحدة الأمريكية»، إلا أنه أكمل قائلا: «لكن نعرف أن أمريكا أفضل عندما تكون هناك صراعات أقل».
ولم ينطق الرئيس طيلة خطابه شعار «أمريكا أولا»، مثلما اعتاد خلال حملته الانتخابية حتى أصبح الشعار رمزاً لخططه وتبرير قراراته، وتشير الصحيفة إلى أنه بدلاً من ذلك قال إن واشنطن ستعمل مع حلفائها، القدامى والجدد، بما في ذلك حلفاؤه من الدول الإسلامية من أجل القضاء على تنظيم داعش وتحقيق الاستقرار وتجنب الحروب المستقبلية.
لغة سياسية
وعلى عكس تصريحاته السابقة التي هاجم فيها حلف شمال الأطلسي «ناتو»، ووصفه بأنه منظمــة عفا عليها الزمن، اتخذ ترامب لغة أقــرب للسياسة الأمريكية المؤسسية في خطابه، قائلا: «نحن نؤيد بقــوة حلــف شمال الأطلسي، وهو التحالف الذي تشكل عبر روابط حربين عالميتين قضت على الفاشية، وحرب باردة هزمت الشيوعية».
تحول في نغمة الخطاب
ورأت صحيفة وول ستريت جورنال أن خطاب الرئيس ترامب أمام الكونجرس يعكس تحولاً في النغمة الجدلية التي اعتادها، مشيرة إلى أنه رغم عدم حدوث تغيرات سياسية رئيسية، لكن بدا خطاب الرئيس أقل حدة، وأنه اتبع لهجة أكثر رئاسية من تلك التقليدية التي طالما عُرف بها، وأن الرئيس أصدر دعوة بالتجديد الأمريكي، في تناقض صارخ مع موقفه القومي الذي ميز خطاب تنصيبه في يناير الفائت، وإضافة إلى ذلك فإنه دعا لوحدة الشعب الأمريكي في أعقاب الهجمات على المواطنين من أصل هندي في كنساس وغيرها من التهديدات.
خطاب يعزز مكانته
من جانبها، قالت صحيفة واشنطن بوست إن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام الكونجرس بمجلسيه، سيقوي شوكته في منصبه التنفيذي وسيعزز الجمهوريين في الكونجرس الذين يدعمونه. وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الخطاب كان أفضل خطاب مهم لترامب كرئيس، وربما يكون أفضل خطاب له على الإطلاق منذ دخوله المعترك السياسي في يونيو 2015، فرغم أن ترامب لم يبتعد عن رؤيته القاتمة للوضع الحالي لأمريكا، إلا أن لهجته بشكل عام كانت أكثر تصالحية وتفاؤلا مما كان عليه من قبل. وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب قام بعدة أمور جيدة في الخطاب، منها إدانته للتهديدات ضد المراكز اليهودية في بداية الخطاب، وتكريمه لأرملة ضابط البحرية الذي قتل في اليمن مؤخراً في لحظة كانت قوية للغاية.
دفاع عن رؤيته
ورغم أن المنتقدين سيهاجمون بعض مزاعم ترامب في الخطاب، ومنها ما قاله عن زيادة العنف في أمريكا، وما بدا عليه أحياناً من رغبة في العودة إلى نفسه التصادمية لاسيما عند مناقشة الهجرة والجدار الحدودي، إلا أن ترامب قدم دفاعاً قوياً عن رؤيته القومية. وقال: «وظيفتي ليست تمثيل العالم، ولكن وظيفتي تمثيل الولايات المتحدة الأمريكية».
واعتبرت الصحيفة أن الجمهوريين في الكونجرس فازوا بهذا الخطاب، مشيرة إلى أن رئيس مجلس النواب بول ريان ورئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل كانوا قلقين بشأن ما سيقوله ترامب، إلا أن هذا الخطاب هدأ أعصاب الجمهوريين في الكونجرس، وأقنعهم أن ترامب قادر على أن يكون الرئيس الذي يأملونه.
بريق معتدل
وفي تقرير آخر، قالت واشنطن بوست إن ترامب سعى إلى إعادة جمع وعوده الانتخابية المتشـــددة ببريق معتدل، ويعلن ما وصفه بالفصل الجديد من العظمة الأمريكية بالتجديد الاقتصادي والقوة العسكرية.
وأوضحت الصحيفـــة أن ترامب سعى إلى إرساء الاستقرار لرئاسته بعد 40 يوماً أولى عاصفة، وتطرق خلال خطابه الذي استمر ساعة إلى خططه لإصلاح الرعاية الصحية والضرائب، إلا أنه لم يكشف عن تفاصيل محددة.
رؤية لهدف وطني
أما شبكــة «سي أن إن» الأمريكية، فقالت إن ترامب في خطابه قدم رؤية لهدف وطني مشترك، وتحول عن النهج المظلم الذي ساد في خطابته المهمة السابقة للأمريكيين.
وتبنى ترامب، كما تقول «سي أن أن» إيقاع رجل الدولة، وقدم إشارات ملهمة. ولوهلة، تحول هذا الرجل الذي وصفته بأنه من أكثر السياسيين غير التقليديين إلى رئيس تقليدي وهو يسعى لتحقيق الاستقرار في إدارته بعد الأسابيع الخمسة المضطربة الفائتة. وعلى الرغم من أن لغته كانت أكثر نبلاً وتوحيداً عن المعتاد، إلا أنه لم يقدم الكثير عن جوهر سياساته حول قضايا الهجرة والتجارة والدفاع والمكافحة الإرهاب. وكانت النتيجة وصفة قومية شعبوية قال إنها ستؤدي إلى فصل جديد من العظمة الأمريكية.
«الفخر الوطني، فصل جديد من العظمة الأمريكية يبدأ». «شعور جديد بالفخر الوطني يسود بلادنا».
«دوري لا يقوم بتمثيل العالم بل على تمثيل الولايات المتحدة».
تنديد بمعاداة العنصرية
«عمليات التخريب الأخيـــرة التي طالت مقابر يهودية والتهــديدات التي تم توجيهها إلى مراكز للمجتمـــع اليهـــودي كلهـــا تذكرنــا بأنـــه إذا كنـــا أمّة منقسمة عندما يتعلــق الأمـــر بالسياسة، إلا أننا بلد موحد لإدانة الكراهية والشر بكل أشكاله».
نظام هجرة يقوم على «الجدارة» «والتخلي عن النظام الحالي القائم على هجرة لا تتمتع بكفاءات عالية واعتماد في المقابل نظام مبني على أساس الجدارة، من شأنه توفير مبالغ كبير وزيادة الأجور ومساعدة الأسر التي تعاني من صعوبات».
«الذين يريدون الدخول إلى (أي) بلد، يجب أن يكونوا قادرين على إعالة أنفسهم مالياً».
مكتب لضحايا جرائم الهجرة: «أصدرت أمراً بتشكيل مكتب للضحايا الأمريكيين سيحمل اسم «فويس» (فيكتيمز اوف ايميغريشون كرايم انغيجمنت). سنعطي صوتاً للذين تتجاهلهم وسائل الإعلام وتسكتهم المصالح الشخصية».
«عندما نطبق أخيراً قوانيننا حول الهجرة، سنزيد الرواتب وسنساعد العاطلين عن العمل وسنوفر بلايين الدولارات وسنعزز أمن مجتمعنا».
«جدار كبير جداً» «علينا استعادة السيادة وتطبيق القانون على حدودنا. لذلك علينا البدء بتشييد جدار كبير جداً على طول حدودنا الجنوبية».
إصلاح ضريبي «تاريخي» «فريقنا الاقتصادي يعد إصلاحاً ضريبياً تاريخياً سيخفف من الضرائب المفروضة على شركاتنا بحيث تتمكن من منافسة أي كان وتحقيق الأرباح في أي مكان».
«في الوقت نفسه، سنخفف بشكل كبير الضرائب على الطبقة المتوسطة».
«ترليون» دولار للبنى التحتية «بهدف بدء إعادة إعمار البلاد، سأطلب من الكونغرس الموافقة على التشريعات التي ستطلق استثمارات بقيمة تريليون دولار في البنى التحتية في الولايات المتحدة، سيتم تمويلها بفضل رؤوس أموال من القطاعين العام والخاص، وهو ما سيوفر ملايين الوظائف».
استبدال قانون الصحة
هذا المساء سأدعو الكونجرس إلى إلغاء واستبدال قانون أوباماكير بإصلاحات ستزيد الخيارات وستؤمن الحصول بشكل أفضل على (الخدمات) وتحد من الكلفة.
«تجارة عادلة» «أؤمن بشدة بالتبادل الحر لكن أيضا بالتجارة العادلة».
«حاليا عندما نصدر بضائع من الولايات المتحدة، العديد من الدول تفرض علينا رسوماً جمركية بينما عندما نستورد بضائع أجنبية لا نطلب منها دفع أي شيء تقريبا».
«أصدقاء جدد»: «الولايات المتحدة تريد أصدقاء جدد وإقامة تحالفات جديدة عندما تكون لدينا المصالح نفسها».
حلفاء مسلمون من أجل «القضاء» على تنظيم داعش «كما وعدت، طلبت من وزارة الدفاع تنفيذ خطة لتدمير التنظيم والقضاء عليه سنعمل مع حلفائنا، خصوصاً أصدقائنا وحلفائنا في العالم الإسلامي للقضاء على هذا العدو البغيض».
«خوض المعارك والفوز» «أخيراً، للحفاظ على أمن الولايات المتحدة، علينا تقديم الأدوات والوسائل اللازمة إلى الجيش الأمريكي لتفادي وقوع الحرب، أو إذا اضطروا إلى ذلك، لخوض المعارك والفوز».
«سأرفع إلى الكونجرس موازنة تعيد بناء الجيش وتلغي الاقتطاعات التلقائية وتطالب بأكبر زيادة في نفقات الدفاع الوطني في تاريخ الولايات المتحدة».
دعم الحلف الأطلسي «ندعم الحلف الأطلسي بقوة، انه تحالف نشأ بعد حربين عالميتين أطاحتا الفاشية وبعد حرب باردة انتصرت على الشيوعية». «لكن على شركائنا الوفاء بالتزاماتهم المالية».
أهم النقاط التي شملها خطاب ترامب حول «السياسة العامة»