فاتورة اللاجئين

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠١/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٤٧ ص
فاتورة اللاجئين

كانت أزمة اللاجئين السوريين سببا في تركيز الاهتمام على الحاجة إلى تحسين إدارة تدفقات اللاجئين في أوقات الأزمات. وتثير إحدى القضايا المتصلة بهذه الأزمة قدرا غير عادي من الانزعاج، فربما تدفع الدول الفقيرة ثمنا كبيرا غير مباشر للجهود التي تبذلها الدول الغنية.

تشير البيانات إلى أن قسما كبيرا من التكاليف المرتبطة بتدفق اللاجئين وطالبي اللجوء في بعض الدول الأوروبية يجري اعتباره من مساعدات التنمية الرسمية وهو المقياس الذي تستخدمه لجنة مساعدات التنمية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لتتبع الإنفاق على المساعدات الدولية. وهذا يترك قدرا أقل من مساعدات التنمية الرسمية متاحا لإطلاق أو إدامة أو توسيع مشاريع التنمية الاقتصادية في الدول الفقيرة.

في العام 2015، أنفقت الدول الأعضاء في لجنة مساعدات التنمية في الاتحاد الأوروبي 9.7 بليون دولار أمريكي من ميزانية مساعدات التنمية الرسمية على ما يقرب من 1.2 مليون طالب للجوء في بلدانهم الأصلية. وبالمقارنة، أنفقت نفس الدول 3.2 بليون دولار على مساعدات التنمية الرسمية في سوريا، وأفغانستان، والصومال، وجنوب السودان، والسودان وهي الدول الخمس الأكبر التي فر منها طالبي اللجوء هؤلاء.
الواقع أن القاعدة التي تسمح للمانحين بتسجيل ما يسمى تكاليف اللاجئين «في الدول المانحة» باعتبارها مساعدات تنمية رسمية وردت في التوجيهات الخاصة بتسجيل إحصاءات لجنة مساعدات التنمية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في العام 1988. في مستهل الأمر، استفاد عدد قليل من المانحين المسجلين لدى لجنة مساعدات التنمية من هذه القاعدة. ولكن في الفترة من العام 2010 إلى 2015، تضاعفت إلى أكثر من ثلاثة أمثالها، من 2.7 % إلى 9.1 %، الحصة من إجمالي مساعدات التنمية الرسمية المسجلة باعتبارها إنفاقا داخل الدول المانحة.
تعمل لجنة مساعدات التنمية على إنشاء قواعد أكثر وضوحا لاستخدام مساعدات التنمية الرسمية لتغطية تكاليف اللاجئين في الدول المانحة. وقد أنشأت مجموعة عمل مؤقتة بشأن اللاجئين والمهاجرين للمساعدة في تحديد ما إذا كان المانحون يوجهون مساعداتهم على النحو الصحيح، وإلى المكان الصحيح، وفي الوقت الصحيح. ونحن نتوقع أن نتمكن من تسليم نتائج هذا العمل في شهر يوليو تقريبا.
كان الاهتمام العالمي الذي ركزته الأزمة السورية على تدفقات اللاجئين والاحتياجات الإنسانية المرتبطة بها تطورا إيجابيا. ولكن سوريا لا تشكل سوى جزء صغير من أكثر من 21 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم مسجلين باعتبارهم «لاجئين» من قِبَل وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (وتصنف مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين أكثر من 65 مليون شخص باعتبارهم «نازحين قسرا». وفي حين تسلط دائرة الضوء اليوم على طالبي اللجوء في أوروبا، يظل أغلب اللاجئين -أكثر من 86 %- في دول نامية، بالقرب من الدول التي فروا منها. فقد استقبلت أوغندا على سبيل المثال عددا من اللاجئين من جنوب السودان في العام 2016 أكبر من إجمالي عدد المهاجرين الذين عبروا البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا على مدار نفس الفترة.
في كل يوم، يضطر 40 ألف شخص إلى الفرار من الصراعات والاضطهاد. ويترك عدد أكبر منازلهم بحثا عن مستقبل آمن وكريم. وينزح عدد متزايد من هؤلاء الناس لمدة عشرين عاما أو أكثر. ويترك كثيرون منهم مشردين داخل دولهم، فيعيشون في حالة من انعدام الأمان والفقر المدقع.
إن الوقوف موقف المتفرج في حين يعيش آخرون في خوف ليس تصرفا إنسانيا. ومع هذا، بدأت دول مثل أوغندا، والتي استضافت بسخاء مئات الآلاف من اللاجئين لعقود من الزمن، ترى مبادئ التسامح والحماية التي تعلي من شأنها وتتمسك بها وقد أُهدِرَت على نحو متزايد في الشمال العالمي. من المفهوم أن تسعى الدول الغنية إلى إدارة أعداد اللاجئين لديها وطمأنة مواطنيها. غير أن حق اللجوء عالمي، ولا ينبغي للتعاون الإنمائي أن يُستَخدَم تحت أي ظرف من الظروف لغرض الاحتواء.
إن مواقف اللاجئين ليست جديدة. وقد ولدت دول المنشأ الخمس الأكبر مجتمعة ما يقرب من 10.2 مليون لاجئ على مدار السنوات الـ25 الفائتة. والأرقام مذهلة، ولكن التغلب على التحدي الذي تمثله ليس مستحيلا بأي حال من الأحوال. بل إن مساعدات التنمية من الممكن أن تساعد في معالجة الأبعاد الاجتماعية الاقتصادية الأطول أمدا لنزوح البشر، فتقدم الدعم لضمان دمج اللاجئين في خطط التنمية الوطنية والمحلية. ومن الممكن أن تساعد في معالجة الأسباب الأساسية وراء النزوح من خلال تركيز الجهود على الحد من الفقر وتضييق فجوات التفاوت، وتعزيز بناء السلام، وتحسين القدرة على الوصول إلى العدالة. وسوف تسعى مجموعة العمل المؤقتة التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى تحديد وتسليم حلول أفضل للاجئين.
الحق أن الظروف التي تواجه المهاجرين قسرا اليوم تتناقض بشكل صارخ مع الالتزامات الدولية مثل أهداف التنمية المستدامة، والتي تناضل حتى «لا يتخلف أي شخص عن الركب». كما يهدد الفشل في معالجة هذه القضايا التضامن الدولي الذي تقوم عليه أجندة التنمية العالمية.
يتعين على الدول المتقدمة والنامية أن تعمل بشكل تعاوني وثيق. ولا ينبغي لها أن تسمح بأي قدر من الغموض بشأن الحق في طلب اللجوء والمسؤولية عن حماية أولئك الذين يمارسون هذا الحق. والواجب علينا الآن أن نضمن أن التمويل «الجديد» يعني المزيد من المال، وليس إعادة توجيه الأموال. وفي المقام الأول من الأهمية، لابد أن تضع برامج اللاجئين -بما في ذلك الاستجابات داخل حدودنا- حقوق الإنسان في صميم تكوينها.

وزير البيئة والطاقة الأسبق في البرتغال