مصر.. الأسعار تسبح ضد تراجع الدولار

الحدث الأربعاء ٠١/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٤٥ ص

القاهرة- خالد البحيري

نحو 15 يوماً هي عمر الانتعاش الطارئ الذي ينعم به الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، فبعد أن وصل سعر الدولار رسمياً لقرابة 20 جنيهاً، تتراوح قيمته حاليا في البنوك الحكومية والخاصة بين 15.90 و15.70، إلا أن هذا الانخفاض الذي يقارب 25 % لم تصل آثاره إلى السلع الضرورية التي يستخدمها المواطن وفي مقدمتها الأغذية والمواد التموينية.

ورغم مساعي الحكومة المصرية إلى تثبيت سعر الدولار الجمركي عند 16 جنيهاً لمدة شهر، إلا أن المستوردين لم يخفضوا الأسعار أيضاً، متعللين بأن الكميات المطروحة في السوق حالياً تم استيرادها حينما كان سعر الدولار 20 جنيهاً، وأن الآثار الإيجابية لتعافي الجنيه ستظهر لكن بعد شهرين على الأقل.

مقاطعة

وبحسب رئيسة قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة د.علا أبو زيد، فإن عدم نزول الأسعار مرة أخرى أمر غير منطقي ولا يحدث إلا في مصر فقط بسبب ضعف الرقابة على التجّار.
ودعت المستهلكين إلى تجنب بعض السلع لإجبار التجّار على خفض الأسعار واستخدام بدائل محلية.. والعمل الجماعي من خلال حملات شعبية في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي على فضح الممارسات الاحتكارية من قِبل «أباطرة» الغذاء في مصر، مع تقليل حلقة البيع والشراء من المستورد إلى المستهلك والتي تمر ببضعة تجّار ما بين جُملة وتجزئة.

الانخفاض حتمي

وأوضح الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة د.طارق عميرة، في اتصال مع «الشبيبة»، أنه من المؤكد أن تنخفض الأسعار ولكنها ستأخذ فترة تصل إلى شهرين؛ لأن التجّار من مصلحتهم أن تظل مرتفعة ولكنهم لم يستطيعوا الصمود أكثر من ذلك، فهناك الكثير من السلع لا يمكن تخزينها لفترة طويلة كالسلع الغذائية. وأضاف أن تذبذب سعر الدولار يعني أن الإجراءات التي تم تنفيذها كانت صحيحة، فعلى سبيل المثال سعر الفائدة الذي تقدمه البنوك حالياً مرتفع وبالتالي تشجع المواطنين على ضخ أموالهم في الجهاز المصرفي، مما يدل على أن الأمور تسير في مسارها السليم، كما أن عائدات قناة السويس آخذة في التحسن مع انتعاش حركة التجارة الدولية، بالإضافة إلى زيادة تحويلات المصريين العاملين في الخارج نتيجة تقليص الفجوة بين سعر الصرف في السوق الموازي والبنوك وشركات الصرافة.

حلول مقترحة

وفي السياق نفسه، أعرب الخبير الاقتصادي د.شريف الدمرداش، عن وجود انخفاض طفيف في قيمة النقد الأجنبي «الدولار»، مؤكداً أن السعر العادل في البنوك لا بد أن يتـــراوح بيـــن 14 و16 جنيهاً للدولار، ولحل أزمة ارتفاع الأسعار يجب العمل على زيادة الإنتاج لتنشيط الصادرات المصرية أمام الواردات، وذلك لجلب العملة الصعبة.
وعلى الجانب الآخر، فسّر الخبير الاقتصادي مختار الشريف، بقاء الأسعار عند مستويات مرتفعة رغم تراجع سعر صرف الدولار بأنه «لم تكن هناك علاقة أصلاً بين ارتفاع الأسعار محلياً وقيمة الدولار.. وأن ما حدث كان من تدبير التجّار والمستوردين الذين استغلوا قرارات 3 نوفمبر القاضية بتحرير سعر الصرف لتحقيق أرباح طائلة، محدثين موجة تضخمية هائلة في ظل ضعف الرقابة الحكومية وضعف مظلة الحماية الاجتماعية للفقراء ومحدودي الدخل، موضحاً أن الدولة تحتاج إلى فترة لا تقل عن 7 أشهر لكي تتعافى من أزمة التضخم.

رؤية أخرى

وأكدت أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة د.هبة عزت، أن الأسعار لن تنخفض وأنها سترتفع أكثر خلال الفترة المقبلة، فقد كان من المفترض قبل تحريك سعر صرف الجنيه أن تتخذ الدولة عدة إجراءات كغيرها من الدول ذات الخبرات العالية وتقوم بتقليل الضرائب، ولكن ما حدث هو العكس فقد تزامن ارتفاع الضرائب وزيادة رسوم الجمارك مع ارتفاع سعر الدولار
وألمحت إلى ضعف الرقابة على الأسواق، فالتجّار يرفعون السعر متى شاؤوا وكل من كان يمتلك بضائع بالسعر القديم أصبح يتعامل بالأسعار الجديدة، وبالتالي نتوقع عدم نزول الأسعار مرة أخرى «للأسف مفيش أمل.. حتى المنتجات المحلية ولعت» بسبب جشع التجّار الذين يفكرون بشكل أساسي في الأرباح، وعلى الجانب الآخر لا توجد زيادة في مرتبات الموظفين أو المعاشات وهم الفئة التي تدفع الثمن دائماً، فالراتب الشهري يتم صرفه بالكامل الآن على الأكل فقط بل الضروري منه، وتحوّلت كثير من الأساسيات في الحياة إلى رفاهيات كالملابس مثلاً، كل هذا يؤثر بشدة على الأسواق ومن المتوقع في الفترة المقبلة إغلاق عدد من المحال التجارية بخاصة المأكولات الجاهزة، وسيتسبب ذلك في وجود بطالة أكبر وبالتالي ستقل الضرائب التي تدخل خزينة الدولة لعدم وجود نشاط اقتصادي.

العرض والطلب

وذكر الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية د.خالد مصطفى بركات، أن آليات العرض والطلب هي التي تتحكم في الأسعار بالإضافة إلى عوامل أخرى، وبالتالي عندما حدث تراجع في سعر الدولار استمرت الأسعار كما هي؛ لأنه لم تكن هناك منذ البداية آلية قادرة على ضبط الأسعار وتحديد القيمة الحقيقية لكل سلعة، وبناءً على ذلك تظهر عوامل أخرى منها غياب الرقابة وعدم وجود ضوابط بالإضافة إلى أن عملية تراجع السعر تأخذ وقتاً، وعندما يتم الرجوع إلى التجار نجدهم يتعللون بأنهم قاموا بشراء السلع قبل تعديل وانخفاض الدولار الجمركي.