وعوده بالتقارب مع موسكو تتعثر هل يعيد ترامب أجواء الحرب الباردة ؟

الحدث الثلاثاء ٢٨/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص

مسقط – محمد البيباني

على الرغم من تركيزه خلال حملته الانتخابية على ضرورة تحسين العلاقات مع روسيا، إلا أن دعوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتعثر اليوم وهي بعيدة من أن تتحول إلى واقع قريباً.

مؤشرات عديدة تؤكد أن العلاقات الأمريكية الروسية في عهد ترامب من المحتمل أن تأخذ منعطفات جديدة تزيد من الفجوة القائمة حالياً إلى حد قد يطيح بمعاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية المبرمة العام 2010 والمعروفة باسم (نيو ستارت) والملزمة للطرفين بتقليص ترسانتيهما النوويتين لمستويات متساوية بحلول الخامس من فبراير 2018 ولمدة عشر سنوات.

تأكيد ترامب السابق أن قدرة بلاده النووية تتراجع من جهة واعتزامه طلب زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري قد يفتح المجال لسباق نووي يعيد الحرب الباردة من جديد.

الإنفاق العسكري

كشف مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى، عن أن الرئيس دونالد ترامب، طلب زيادات كبيرة في الإنفاق العسكري، بحسب ما أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير لها.
وأوضح أربعة من كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية، أن الرئيس «ترامب» وجه الوكالات الفيدرالية، أمس الاثنين، لجمع ميزانية للعام المالي الجاري، والتي تشمل زيادات كبيرة في إنفاق وزارة الدفاع، وقطاع كبير في الوكالات المحلية التي تستطيع أن تفي بوعوده بترك الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية وحدهما.
وأوضحت الصحيفة، أن تحديد الميزانية ستكون أول خطوة في حملة هذا الأسبوع، لإعادة ضبط البيت الأبيض الذي يشهد حالة من الاضطراب، وقبل يوم من إلقائه خطاباً مهماً أمام الكونجرس بمجلسيه، سيطلب «ترامب» ميزانية تخفض عشرات الملايين من الدولارات لوكالة حماية البيئة ووزارة الخارجية، وفقًا لما أفاد به المسؤولون الأربعة المطلعون على الخطة، كما أن برامج شبكات الضمان الاجتماعي، بصرف النظر عن برامج التأهيل الكبرى للمتقاعدين، ستتضرر بشدة أيضًا.

مغالطات ترامب

من جهة أخرى، وفي الوقت الذي تحدث فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن ضرورة توسيع الولايات المتحدة لترسانتها النووية يقول كثير من الخبراء إن القوة النووية الأمريكية منقطعة النظير، وستظل كذلك مع تنفيذ برنامج تحديث قد تصل تكلفته إلى أكثر من تريليون دولار.
وكان ترامب قال لـ»رويترز» في مقابلة يوم الخميس إن الولايات المتحدة «تراجعت من حيث قدرات الأسلحة النووية». وتعهد بضمان أن تكون بلاده «الأكثر تفوقاً».
وتنشر موسكو حالياً عدداً من الرؤوس النووية الاستراتيجية يزيد بواقع 200 رأس عما تنشره الولايات المتحدة إلا أن البلدين ملتزمان بالمعاهدة الجديدة للحد من الأسلحة الاستراتيجية المبرمة العام 2010 والمعروفة باسم (نيو ستارت) بتقليص ترسانتيهما النوويتين لمستويات متساوية بحلول الخامس من فبراير 2018 ولمدة عشر سنوات. وتلزم المعاهدة البلدين بخفض الرؤوس النووية الاستراتيجية المنشورة إلى ما لا يزيد عن 1550 رأساً نووياً لكل منهما بحلول فبراير العام 2018 وهو أدنى مستوى منذ عقود كما تحد من نشر الصواريخ على البر، وتلك التي يمكن إطلاقها من غواصات ومن القاذفات الثقيلة المجهزة لحمل أسلحة نووية.

نتخلف عن من؟

من جانبه، قال خبير الأسلحة النووية المستقل ستيفن شوارتز إن ترامب يقول: «إننا لا يمكن أن نتخلف في مجال القوة النووية.. نتخلف عن من وكيف؟». وأضاف: «ليس واضحاً لي ولا لكثير من زملائي»، ما يتحدث عنه الرئيس عندما يتعهد بتوسيع قدرة الولايات المتحدة فيما يتعلق بالأسلحة النووية.
كما أن الميزة التي تتمتع بها الولايات المتحدة لا تعتمد على عدد الرؤوس النووية التي يمكنها نشرها مقارنة بما يمكن أن تنشره روسيا وإنما على أنظمة الإطلاق الأكثر تقدماً. وقال شوارتز إن معظم قوة موسكو النووية -التي يجري تحديثها الآن أيضا- تتضمن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والموضوعة على البر والتي تبلغ موسكو واشنطن بأماكنها تماشياً مع اتفاقات الحد من الأسلحة.
وأضاف أن الولايات المتحدة تحتفظ بأسطول «منيع» من الغواصات المجهزة لحمل أسلحة نووية تحت المحيطين الأطلسي والهادي ولا سبيل لرصدها.
وعلى النقيض فإن الغواصات الروسية المحملة بصواريخ والمعرضة لحوادث نادراً ما تجري «دوريات ردع» بعيداً عن أحواضها.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في تقرير عن السنة المالية 2012 قدمته للكونجرس إنه حتى إذا تجاوزت روسيا الحد الذي تفرضه عليها معاهدة نيو ستارت ونشرت المزيد من الأسلحة النووية فإنه لن يمكنها أن تكتسب ميزة استراتيجية عن الولايات المتحدة.
وقال هانز كريستنسن مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين إن ترامب «يحتاج بوضوح إلى إطلاعه على قدرة القوة النووية الأمريكية».

سياسة حافة الهاوية

من جهته قال المدير التنفيذي لجماعة (آرمز كونترول أسوسييشن) وهي جماعة مستقلة داعية للحد من التسلح ولا تسعى للربح «داريل كيمبول»، «تاريخ الحرب الباردة يبين لنا أن ما من أحد يكون «الأكثر تفوقا» فيما يتعلق بسباق التسلح وسياسة حافة الهاوية النووية».
وأضاف: «لدى روسيا والولايات المتحدة حتى الآن أسلحة أكثر بكثير مما هو مطلوب لردع أي هجوم نووي من جانب الآخر أو من جانب بلد آخر مسلح نووياً».
وتساءل محللون عما إذا كان ترامب يريد أن يلغي «نيو ستارت» أو سيبدأ في نشر رؤوس حربية أخرى، وفي المقابلة وصف ترامب معاهدة «نيو ستارت» بأنها: «صفقة منحازة». وتابع قائلا: «إنها مجرد اتفاق سيئ آخر أبرمته بلادنا سواء «ستارت» أو اتفاق إيران... سنبدأ في عقد اتفاقات جيدة».