أطفال أصحاء في العالم الرقمي

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٣/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:١٠ ص
أطفال أصحاء في العالم الرقمي

موسى البلوشي
@mo_balushi

للوهلة الأولى قد يبدو العنوان مثيرا للدهشة، لكن نظرة تأمل فيما يقذفه العالم الرقمي من تطبيقات وبرامج وألعاب الهدف الرئيسي من أغلبها تجاري بحت قد بدأت انعكاساته تظهر في الأجواء الأسرية والمدرسية والجامعية بل ميادين العمل.

لا يمكن أن نحصر الصحة في سلامة الجسم ونهمل صحة العقل والفكر والمعتقد، فكلها تصنع في النهاية إنسانا سويّا، وتحقق التوازن المعرفي والسلوكي لهذا الإنسان، بخاصة وأن الجميع في عالم اليوم يتعرض لرياح تهب من كل اتجاه، وإذا لم تغتنم هذه الرياح ستصبح عاتية تهدم ما أمامها.
80 % من النمو العقلي للطفل يتم في فترة الطفولة المبكرة، وهي المرحلة نفسها التي تظهر فيها أعراض التعلق الكبير بالأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وتطبيقاتها، ورغم أن الدراسات تنصح بعدم تعرض الطفل للأجهزة الإلكترونية قبل الثالثة من العمر، إلا أن هناك من يتجاوز هذه الدراسات ليربط العمر المناسب بمدى استعداد الطفل وموهبته.

أيّا كانت الآراء فمن الأمور المهمة التي يجب التركيز عليها قبل كل شيء معرفة العمر المناسب للتطبيقات قبل تحميلها في الأجهزة وهذا العمر في الغالب يكون في صفحة التطبيق على المتجر، كما يجب قراءة سياسة الخصوصية ومشاركة البيانات لهذه التطبيقات ومتابعة تحديثاتها باستمرار، فهي تساعد على استيعاب ماهية البيانات التي تجمعها الشركات المطورة لهذه التطبيقات والمنصات وسبب جمعها لها والأغراض التي تستخدم فيها، وهناك أيضا أمر مهم يتعلق بتصفية المحتوى في المتاجر الإلكترونية على اختلاف أنظمة التشغيل، ولأن الأطفال يعشقون الأفلام ومقاطع الفيديو يجب توعية الآباء بكيفية تشغيل اليوتيوب على الوضع الآمن لإخفاء المقاطع التي تتضمن محتوى غير لائق مع الأخذ في الاعتبار أنه لا مجال لإخفاء كل المحتوى غير اللائق لكن قد يساعد هذا الإجراء على إخفاء معظم هذا النوع من المحتوى.

هناك دور كبير يقع على المتخصصين والخبراء لتوعية الآباء بأهمية اختيار التطبيقات المناسبة لأطفالهم إذا ما علمنا أن هناك تطبيقات تستخدم لاستغلال الأطفال جنسيّا، وهناك تطبيقات تظهر من خلالها إعلانات ومحتوى يحمل أضرارا أخلاقية للأطفال قد تظهر آثارها على المدى الطويل، وهناك ضرورة لتوعية الآباء بكيفية الإبلاغ عن التطبيقات والمواقع التي تحمل محتوى غير لائق لأطفالهم.

أخيرا فإن الأطفال طاقة وكنز من الإبداع؛ ومن خلال الألعاب والتطبيقات مع مد جسور الثقة والمتابعة والتوجيه نستطيع تهيئة جيل أكثر اتزانا، وجيل قادر على التعامل مع المتغيرات، كما أنه من المهم تبنيّ مشروع إنشاء تصنيف وطني لهذه الألعاب والتطبيقات الإلكترونية خاصة تلك الموجهة للأطفال والاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال مثل نظام تصنيف الألعاب إلكترونية (ESRB) في الولايات المتحدة الأمريكية، هذا التصنيف يحتوي على شارة سن معينة توضع لكل لعبة لإرشاد الآباء بمحتوى الألعاب وتحديد الفئة العمرية التي تلائمها، بعدها يقوم النظام بإصدار تصنيف معيّن للعبة مع تقديم شرح موجز لمحتواها، مثل «تحتوي هذه اللعبة على مشاهد عنف» أو «تحتوي هذه اللعبة على سلوك عدواني» على سبيل المثال.