مسقط - عبد الوهاب بن علي المجيني
يتحدث الكثيرون عن أهمية تفعيل التقاعد المبكر وبخاصة في الوقت الحاضر، حيث إنه قد يضع حلاً مناسباً لما يواجه السلطنة وأغلب دول العالم من آثار سلبية لحقت باقتصاداتها من جراء الأزمة الاقتصادية، إذ إنه قد يخفف العبء على الحكومة وبخاصة في المصاريف التشغيلية وفي بند الأجور.
ويشير بعض الخبراء الذين تحدثت معهم «الشبيبة» إلى أن هناك العديد من الفوائد الإيجابية لتطبيق نظام التقاعد المبكر، خاصة فيما يتعلق بالحد من الترهل الذي يعاني منه القطاع الحكومي، بينما يوضح آخرون أن له العديد من السلبيات أيضا، مشددين على ضرورة دراسة الأمر بشكل جيد قبل تطبيقه.
كما تحدث هؤلاء الخبراء عن وجود أنظمة ناجحة للتقاعد في أغلب دول العالم منوهين بضرورة الاستفادة منها.
فقد أوضح عضو لجنة الشباب والموارد البشرية بمجلس الشورى سعادة محمد بن سالم البوسعيدي أن المطالبات بالتقاعد المبكر ليست بجديدة وتحدث فيها الكثيرون، مشدداً على أهمية دراسة الموضوع من كل الجوانب، مضيفاً أن التقاعد المبكر أمر جيد ولكن «لا يجب أن نمضي في حل موضوع ما وندخل في مشكلة بموضوع آخر»، فجميعنا يدرك وجود ترهل في القطاع الحكومي بوجود موظفين أكثر من اللازم، ولذلك وصلت المصاريف التشغيلية لبند الأجور إلى أكثر من الإمكانية الحالية التي تغطيها الحكومة من مصادر الدخل المختلفة للمصاريف التشغيلية ومن ضمنها الرواتب، ولذلك فالمطالبات يمكن أن تكون أولاً للتخفيف على المصاريف التشغيلية ومن ضمنها «الأجور» والتي تحتاج إلى دخل كبير.
وأوضح أن التوظيف حالياً يجب أن يكون حسب الحاجة الحقيقية فقط، ولا يمكن أن نفتح المجال للتقاعد المبكر لثلاثين ألف موظف ونقوم بتعيين ثلاثين ألفاً آخرين في مكانهم لأن هذا ليس هو النهج الحقيقي لحل المشكلة.
ونعتقد بأننا فــي المرحلــة الحالية بحاجة إلى العمل المنتج في القطاعين العام والخاص، فلابد من توجيه الشباب إلى الأعمال المنتجة وعلى الجهات المختصة النظر في كيفية توجيههم إلى هذه الأعمال.
وأضاف قائلا: إذا تم هذا التقاعد المبكر فعلى المتقاعدين التوجه إلى المناصب الوسطى والقيادية في القطاع الخاص للحلول محل الوافدين، وأيضا عليهم التوجه إلى ريادة الأعمال إذا كانوا قادرين على ذلك.
وعن أسباب وجود الترهل في القطاع الحكومي أوضح البوسعيدي أن من أبرز أسبابه وجود أعداد من الموظفين أكثر من المطلوب الأمر الذي يقلل من إنتاجية الفرد، ولكن عندما يكون العدد الموجود في حدود المعقول فإن بيئة العمل سوف تكون منتجة بدون شك.
وأضاف سعادته: أن البعض قد يقول إن انتقال الموظفين المتقاعدين من القطاع العام إلى الخاص قد يزاحم الباحثين الحاليين عن العمل، ولكن ما هو واضح لدى الجميع أن القطاع الخاص يريد موظفين لديهم خبرة، ونعتقد بأن المتقاعدين من القطاع الحكومي لديهم الخبرة الكافية للعمل في القطاع الخاص.
أما عضو مجلس الشورى سعادة توفيق بن عبد الحسين اللواتي فأوضح أن التقاعد يكون عند العجز عن العمل أو الشيخوخة، مشيراً إلى أن سن التقاعد في الكثير من الدول تم رفعه إلى سن 65 سنة بدلاً من 60، وفي جمهورية ألمانيا الاتحادية تم رفع سن التقاعد إلى 67 سنة، وسوف يصل سن التقاعد فيها إلى 70 سنة في العام 2020، مشيراً إلى أن التقاعد المبكر ظهر في دول الخليج بسبب الرخاء الاقتصادي، موضحاً أن هذا النظام لن يستديم على المستوى البعيد خاصة إذا تمت إساءة استخدامه.
وشدد اللواتي على أهمية الاستفادة من الظروف التي مررنا بها سابقاً فلا يمكن أن نقوم بالتوظيف مع كل ارتفاع لأسعار النفط وبعد تراجع أسعارها نتحدث عن ترشيد الإنفاق أو نتحدث عن تحول الموظفين إلى التقاعد المبكر.
وأضاف سعادته: أن التقاعد المبكر ليس حلاً للمشكلة لأن الموظف سوف يتسلم راتبه من صندوق التقاعد في كل الأحوال حيث إن الحكومة ملزمة بدعم صناديق التقاعد إذا لم تكف إيراداتها لدفع مستحقات المساهمين، مشيراً إلى أنه لا يجب تقديم سن التقاعد.
وأشار اللواتي إلى أنه يجب على الحكومة حل مشكلة الترهل في القطاع الحكومي وعلى الجهات الحكومية إلزام الموظفين بالقيام بأعمالهم بكل جدية وبإنتاجية عالية، منوهاً إلى وجود مليون وافد في القطاع الخاص وهناك شركات حكومية وأخرى خاصة تمنح رواتب مجزية في المراتب العليا والتي لا تحوي على نسب عالية من التعمين، وفي هذه الحالة ومع وجود كوادر متميزة وجادة ومتمكنة ومدربة يمكن أن نوجد فرصاً في القطاع الخاص وبرواتب أفضل من رواتب الحكومة.
لكن احتفاظ الجهات الحكومية بالموظفين لعدم المقدرة على توظيفهم في القطاع الخاص لعدم انطباق شروط توظيفهم فيه فهذه ليست إنتاجية بل ترهل حكومي.
فنحن بحاجة إلى إعادة هندسة القطاع الحكومي وترشيقه، والفائض من هذه العملية يجب إعادة تأهيله واستيعابه في القطاع الخاص، فالقطاع الخاص ليس حاضنة للذين لا يصلحون للعمل في القطاع الحكومي ولا يجب أن نحمّله أكثر مما يحتمل.