القاهرة - جوبا - ش - وكالات
تبحث القاهرة عن أوراق للمناورة أمام تصميم أثيوبيا على المضي قدما ببناء سد النهضة الذي وتر علاقات القاهرة مع أديس أبابا، وفي ظل التحولات الإقليمية في دول حوض النيل، اتجهت القاهرة نحو تعزيز علاقاتها مع جوبا، من باب دعم خياراتها في التفاوض والمناورة مع أثيوبيا.
وفي سياق العلاقات الثنائية؛ سلَّم سفير جمهورية مصر العربية في جوبا، أيمن مختار الجمال، دولة جنوب السودان شحنة المساعدات الغذائية واللوجستية التي قدمتها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التابعة لوزارة الخارجية لمساعدة النازحين والمهاجرين في جنوب السودان في ظل تغطية إعلامية كبيرة، وذلك استجابة للطلب الذي قدمته حكومة جنوب السودان، وتنفيذاً للتعهدات المصرية بتقديم 2 مليون دولار مساعدات إنسانية إلى جنوب السودان، في إطار العلاقات المتميزة بين جمهورية مصر العربية وجنوب السودان.
يشار إلى أن وزير خارجية جنوب السودان برنابا بنجامين قال في حوار صحفي من قبل إن العلاقات بين مصر وجنوب السودان قوية وممتدة عبر التاريخ، وإن «جوبا» على استعداد تام للوساطة بين القاهرة وأديس أبابا من أجل التوصل لحل ينهي أزمة «سد النهضة» الإثيوبي، موضحاً أن القاهرة فتحت جامعاتها لتعليم أبناء جنوب السودان، وشاركت بقوة في إحلال السلام ببلاده. وأضاف، في حوار مع موقع «المصري اليوم»، إنه لابد من تعاون جميع دول حوض النيل مع بعضهم البعض، لأن الأخير هو الرابط الأقوى بينهم ، وأنه يجب إدراك احتياجات مصر من المياه، والتعامل من منطلق أن «الجميع رابح".
من جانبه؛ أكد المتحدث باسم رئاسة جنوب السودان أتينج ويك أتينج رغبة بلاده في التعاون مع مصر في المجالات كافة، مثمنا دورها الداعم وتأكيد الرئيس سيلفا كير ميارديت دوما على عمق العلاقات التي تربط بين البلدين.
ووصف أتينج - في مقابلة خاصة مع موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى جوبا يوم أمس الأحد علاقات جنوب السودان بكل من مصر وإثيوبيا بالأخوية، مطالبا بأن يتمتع الحوار بشأن ملف مياه النيل بالعقلانية، والهدوء للبحث عن المصالح المشتركة.
وأكد أن "العلاقات المصرية مع جنوب السودان تاريخية، وقوية، وأن حكومتي البلدين لهما دور كبير في تطوير تلك العلاقات، وترجمتها في كافة مجالات التعاون، ولن يستطيع أحد التأثير على قوة هذه العلاقات".
وأشار إلى أن اتصال الرئيس سيلفا كير الأخير بالرئيس عبد الفتاح السيسي جاء بهدف تعزيز العلاقات بين البلدين لأن مصر دولة صاحبة تاريخ، وحضارة مجيدة، ولها وزن، وثقل سياسي في الشرق الأوسط، وفي القارة السمراء بأكملها؛ فكان لابد من إطلاع القيادة المصرية على كافة الأوضاع في جنوب السودان، وآخر مستجدات ملف المصالحة الوطنية حتى يعم الاستقرار وتتحقق التنمية.
وشدد على أن هذه الملفات تحظى بذات الأهمية بالنسبة لمصر. وحول آخر المستجدات في ملف المصالحة، قال المتحدث باسم الرئاسة "إن الهيئة الحكومية للتنمية (الايجاد) أصدرت بيانا لوضع خارطة طريق لكيفية الإسراع في التنفيذ لما تم الاتفاق عليه بين الأطراف المختلفة بجنوب السودان خاصة فيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الاتفاقية خاصة إنشاء 28 ولاية بجنوب السودان في الثاني من شهر أكتوبر للعام 2015، وألا يكون ذلك عقبة في طريق إحلال السلام بالبلاد".
وأشار إلى أن جنوب السودان في السابق كان يضم عشر ولايات فقط، وأصدر الرئيس سيلفا كير قرارا برقم 36 للعام 2015 بإنشاء 18 ولاية أخرى على أساس أن يكون جنوب السودان حكومة لا مركزية".
وثمن الدور المصري الداعم لجنوب السودان، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من القيادات الحالية ببلاده من وزراء، وسفراء، ومسؤولين حكوميين، وهي قائمة كبيرة قد تلقوا تعليمهم في مصر، مشيرا إلى أنه في الفترة من العام 1972 إلى 1983 كانت يتم إرسال بعثات سودانية إلى مصر في كل المجالات لاسيما الصحة والتعليم والزراعة.
وأضاف" لا تزال جنوب السودان في حاجة إلى التدريب في عدة مجالات منها التنمية البشرية، والمجال الزراعي، ومصر دولة مرموقة تدعم الجميع". ولفت إلى تعرض جنوب السودان لمشكلة النقص الغذائي، مبينا أنه في فترة الصراع اعتمد المواطنون بنسبة كبيرة جدا على المعونات الغذائية من قبل منظمة الأمم المتحدة، وهناك جيل كامل لم يعرف أي أنشطة حياتية، ومنها الزراعة.
وأضاف "نأمل أن تكون الشقيقة مصر هي الداعم الأساس في مجالات التنمية البشرية، والتدريب". وأوضح أن المصالح المصرية بجنوب السودان كبيرة جدا، والهدف هو تعظيم التعاون المشترك، وإحياء المشروعات المشتركة للتنمية بين دول حوض النيل، مشيرا إلى مشروعات الري المصرية بالبلاد، والمشروعات التعليمية ومنها افتتاح مقار لجامعتي القاهرة، والإسكندرية.
وحول ملف التسليح بجنوب السودان، نفى وجود أية نوايا للتسليح من أي من الأطراف حاليا، لأن جنوب السودان يحتاج إلى جهود الجميع سواء من المعارضة، أو الحكومة لتحقيق التنمية، مشيدا بفتح الحدود بين الشمال، والجنوب بالسودان واصفا الخطوة بأنها "إيجابية جدا".
وأشار إلى أن الرئيس سيلفا كير بدأ بخطوة إيجابية بإرسال مبعوث خاص إلى الرئيس السوداني عمر البشير، والذي تحدث معه عن إمكانية فتح الحدود بين الولايات السودانية على المنطقة الحدودية المشتركة، وذلك لحرية حركة المواطنين والبضائع والسلع المختلفة، وحرية التجارة.
وذكر أن البيانين الصادرين عن الرئيسين سيلفا كير، وعمر البشير من جوبا، والخرطوم قد حققا أجواء إيجابية، وأن التواصل مستمر بين الجنوب، والشمال وأنه سيبقى، مضيفا" هذا الأمر مهم للتواصل التجاري مع مصر حيث إننا بحاجة إلى البضائع المصرية لجودتها العالية، وأسواقنا بحاجة إليها".