لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com
ليس لنا أن نعلم، كمراقبين من الخارج، عما دار بين الرئيس الإيراني د. حسن روحاني وجلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله ورعاه.
ولن نعلم، بدقة، تفاصيل ما دار ويدور بين السلطان وأخيه أمير دولة الكويت الذي أبهج البلاد بزيارته التي تنتهي اليوم. ولن نعرف نتائج ما دار مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس الذي زار البلاد قبل أيام أيضا. فكل ما يُنشر من تفاصيل مسلم بها حول متانة العلاقات وتبادل الآراء حول القضايا المشتركة لن يشي لنا بتفاصيل المحادثات المعمقة، ولكننا، رغم ذلك، نستشعر الأمل والأمان بسبب تلك الزيارات المتلاحقة التي نعلم علم اليقين أنها لن تخرج إلا بالخير على المنطقة بأسرها. فاسم “قابوس السلام” لا يرتبط إلا بنزع فتيل الفتن، ومّد الجسور، وإماطة الأذى، والوساطة بين الفرقاء. والمنطقة التي تموج الآن بالفتن والمعضلات محتاجة لتلك الخطوات التي لا تليق إلا بالسلطنة وحكيمها.
فحضور سلطنة عمان الراسخ في الوعي الدولي غير مرتبط بتطورها العمراني ولا بمنجزاتها الإسمنتية، ولا بعضلاتها ومماحكاتها وصراعاتها، بل بحقيقة أنها حمامة سلام ترفرف كلما تناثر غبار الحرب وعلا رماد حرائق الفتنة. إنه موقع متقدم لم تشغله إلا السلطنة ولا تصلح له إلا السلطنة. موقع الحكيم الذي يلوذ الآخرين به في المهمات والملمات. إنه قطاف دستور قابوس غير المكتوب الذي تربى عليه الشعب العماني؛ لا للفتن.. لا للاصطفافات والصدامات، فكل الأزمات قابلة للحل بدبلوماسيةٍ حقناً للدماء.
إنها مكانة متقدمة يحق للعمانيين أن يتباهوا بها بين الأمم في عصر صارت الصراعات فيه خبزاً للشعوب والأمم.. فالبشرية لم تعد تتطور بالوتيرة التي كانت عليها لأن الجميع منصرف عن التنمية والتطور بمراكمة الانتصارات المزيفة على طواحين الهواء واختلاق الأعداء. العالم اليوم يستنزف نفسه، ويزحف ببطنه نحو نهايته، وقد قدم العلماء الحائزون على جائزة نوبل الساعة “الافتراضية” لنهاية العالم، والتي يعملون عليها منذ العام 1945، بسبب التغيرات الأخيرة لأسباب عدة منها الخطابات السياسية المتشنجة وانتخاب ترامب والتغيرات المناخية!
ننتظر، بشغف، قطاف تلك الزيارات الخيرة. ونعرف أن السلطنة لا تقحم نفسها إلا في مشاريع إعمار ولا تظلل تحت سدرتها إلا مبادرات التقارب. وحفظ الله عمان وشعبها الصادق.. وحكيم العرب السلطان قابوس الذي علمنا كيف يكون السلام صنعة وكيف يكون الاتزان شريعة.