معرض ثقافي.. لا سوق كتب

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٢/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
معرض ثقافي.. لا سوق كتب

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby
malrahby

نظلم معرض مسقط الدولي للكتاب إذ نسميه بالمعرض.. تباع الكتب فيه وتشترى، بل هو مهرجان ثقافي يمتد عشرة أيام فقط، للأسف، مع أنه أكثر ثراء من فعاليات أخرى تحمل هذه التسمية، ولم تغرس سوى التكرار والتناسخ، وأعني بذلك مهرجان مسقط على وجه التحديد، حتى لا أتهم بأني ألمح ولا أصرح.

مهرجــان مســقط ومعرضــها ضــرورتان لا جــدوى من التقليل من أهميتهما، واعتبار دعم الحكومة للأول ترفا وامتناعها عن الثاني تقصيرا إنما دال على عقليات ترى في «الترفيه» ضرورة لا مناص من رفدها، وفي الثقافة «نخبوية» لا حاجة للوقوف معها.
يتجلى ذلك في الاهتمام الرسمي والدعاية للحدثين، الفارق بينهما كبير، بينما أفترض أن الثقافة بحاجة أكثر للدعاية لها، كونها تشهد تراجعا، حيث القراءة هي القاطرة التي تذهب بالناس إلى الوعي والحضارة والتقدم، أما الترفيه فحالة مؤقتة.. مهما حاولت بلدية مسقط إدخال عنصر الثقافة ضمن أنشطتها، لكنها أدخلت المتكرر والاعتيادي، هذا الذي نشهده بكثافة في معرض مسقط، وقد تحول إلى مهرجان ثقافي يكبر عاما بعد عام.
انتقاد مهرجان مسقط لا يعني أنه لم يحقق شيئا، بل لأنه فرّط في أشياء يمكنها أن تدفع به خطوات أكبر للأمام، ولا يعني الانتقاص من الجهد المبذول فيه، فذلك كبير وضخم، لكن الحالة الإبداعية تضاءلت أمام التكرار والتناسخ، حيث لم يعد فيه ما يثير الزائر، سوى (اللمّة)، وغابت إجابة سؤال: ما الجديد؟!
في معرض مسقط للكتاب هناك إصرار على التطوير، إدخال المجتمع في هذه الحالة الإبداعية، والحال لا يعني أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان، إنما ما نراه أفضل مما كان، وهذا يعني أن الخطوة تمضي للأمام بالشراكة، هذه التي تغطي ضعف الدعم، وهذا ما جعل من العارضين يتحمسون لمعرض مسقط، كونه في صدارة المعارض العربية في المبيعات الفردية، والأقل رســـوما على الأجنحة، وهذا ما يفاجئ البعض رغم زيادتها في العامين الأخيرين.
مقارنة معرض بسابقه تعطي الفارق في حجم التطور، وأن الإرادة الرسمية تريده أن يذهب بخطوات واضحة على سلم التغيير نحو الأفضل، وتبدو كلمة «الشراكة» الكلمة الناعمة لتفعيل النجاح عاما بعد آخر، فالمؤسسات الحكومية والخاصة، المحسوبة على الحركة الثقافية شاركت في صنع (التطور)، بجوار المبادرات المجتمعية على مستويات عدّة، تستقبل عشرات الآلاف من الزوار يوميا، ليس لمشاهدة الفرق الاستعراضية والألعاب النارية، بل الالتقاء بخير جليس، في حضور ثقافي كثيف، عبر الكتب والندوات والمحاضرات والفعاليات المتعددة، وضيوف من الوزن الثقيل معرفيا، وهذا ما كنا نتمناه في الدورات السابقة.
الدورة الـ22 من معرض مسقط التي تفتتح اليوم، في حد ذاتها، من «الوزن الثقيل» بالمكان الرائع، وسيكون (أروع) بالوجوه التي تصافح الوجوه تحت مظلة الكلمة، المعرفة التي تجسد (الرهان) على أننا نقرأ، مهما يقال، وأننا لا ندفع بالكتب إلى الأرفف المتربة، بل تستيقظ هذه المعارف، إن لم يكن اليوم فغدا، ويكفينا أن لها عشاقا، إن لم يعطوها الوقت المستحق اليوم، فهي تمنحنا الأمان النفسي بحضورها كمصابيح في بيوتنا، تضيء، رغم كل شيء.