مسقط - حمدي عيسى عبدالله
يؤكد مختصون أن أزمة النفط رغم تأثيرها السلبي على الاقتصاد الوطني إلا أنها كانت محفزاً استراتيجياً لتسريع خطوات تجسيد منظومة التنويع الاقتصادي وبناء اقتصاد متوازن تساهم فيه مختلف القطاعات بفاعلية، موضحين أن العمل جارٍ بخطوات مدروسة ووفق خطة دقيقة لتحقيق الأهداف المسطرة رغم التحديات.
ويؤكد وزير السياحة معالي احمد بن ناصر المحرزي في تصريح خاص لـ»الشبيبة» أن الأزمة النفطية التي مست العالم أجمع وأثرت على اقتصاد الكثير من الدول من بينها السلطنة ساهمت وبشكل كبير في تكثيف وتفعيل الجهود التي تبذلها السلطنة لتحقيق التنويع الاقتصادي الذي يعتبر الحل المثالي للخروج من هذه الأزمة، ويمكن السلطنة من مواجهة أي أزمة نفطية مستقبلاً خاصةً أننا نعرف جيداً أن أسعار النفط لا تعرف الاستقرار، وبالتالي فإن جهود الخروج من عباءة النفط متواصلة وبكثير من التركيز لتجسيد الأهداف المسطرة على أرض الواقع.
الاعترافات الدولية تؤكد صحة النهج
المحرزي اختتم حديثه قائلاً: «نحن نعمل للمزيد من الترويج للسلطنة كوجهة سياحية رائدة عالمياً وتأتي الاعترافات الدولية لتؤكد صحة النهج وتحفزنا للمزيد، وقد أكد تقرير صدر مؤخراً عن هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أن السلطنة من دول العالم الأكثر ترحيباً بالزوار، مصنفاً السلطنة كخامس أفضل وجهة سياحية للزوار الباحثين عن النزهة والاستقرار في العالم. وأوضح أن دفء الطقس تقابله حرارة الاستقبال بفضل «ثقافة الترحيب القائمة على الإيمان الذي يقود بدوره للانفتاح على القادمين من الخارج، ولا شك أن الإنسان العماني بأخلاقه العالية وطيبته وكرمه وتعامله الحضاري يشكل أحد أهم عوامل الجذب السياحي لأن الأجنبي حينما يصل السلطنة يشعر أنه دخل بيته وهذا ما يجعل السياح يعودون إلينا مرات ومرات ويتحدثون عن تجربتهم في السلطنة، وهذا كله يساهم وبفعالية في العمل الذي نقوم به لتطوير القطاع واستقطاب المزيد من السياح».
المرور إلى السرعة القصوى
من جهته، أكد رئيس مجلس إدارة شركة أنوار آسيا للاستثمار أنور البلوشي أن: «الأزمة النفطية نقمة ونعمة في الوقت نفسه لقد مست الاقتصاد وآثارها أحَسّ بها الجميع لكنها أيضا وضعت الجميع أمام الأمر الواقع، وأكدت وبلغة الميدان أن تسريع خطوات تنويع الاقتصاد ضرورة حتمية حيث أضحى المرور إلى السرعة القصوى في هذا المجال أمراً لابد منه، خاصة أن الكل يدرك أن مؤشر أسعار النفط لا يعرف الثبات، وبالتالي فإن التحسن الطفيف الذي عرفته أسعار النفط لا يجعلنا نتراخى بل العمل يتواصل بكثير من الجهد والتركيز على مختلف القطاعات خاصة تلك التي تمثل العمود الفقري لمنظومة التنويع الاقتصادي». أضاف البلوشي قائلا: «لا شك أن السياحة في صدارة القطاعات التي نركز عليها كثيراً في جهودنا لتحقيق التنويع الاقتصادي ولما نملك من مقومات استثنائية، وما يحمل هذا القطاع الحيوي من فرص استثمارية واعدة فإن السياحة سيكون لها شأن كبير ونحن نسجل نمواً ملحوظاً للقطاع لأن هناك جهداً وعملاً يستهدف مشاركة فعالة للسياحة في الناتج المحلي، وذلك وفق الاستراتيجية العمانية للسياحة 2016 ـ 2040 والتي تستهدف توفير أكثر من 500 ألف فرصة عمل، كما تهدف الاستراتيجية إلى أن تصبح السلطنة في العام 2040 من أهم المقاصد السياحية التي يزورها السائح لقضاء العطلات، وللاستكشاف والاجتماعات؛ من خلال جذب 11 مليون سائح دولي ومحلي.
نعلق عليه آمالاً عريضة
وأكد: «كما أن قطاع الزراعة والصيد السمكي نعلق عليه آمالاً عريضة في مسيرة السلطنة للتنويع الاقتصادي وقد أثلج صدورنا تقرير البنك الدولي نشرته وسائل الإعلام امس والذي يرى أن قطاع مصايد الأسماك في السلطنة لا يبعد سوى بضع خطوات عن أن يكون صناعة تنافسية ذات مستوى عالمي». واعتبر التقرير أنه عندما يتعلق الأمر بمصايد الأسماك، تقارن عُمان نفسها بالنرويج، موضحة أن نحو 45 ألفاً إلى 50 ألفاً من العمانيين يعتمدون على صيد الأسماك وما يرتبط به من الأنشطة ذات الصلة. وقد حققت السلطنة في إطار الجهود التي تبذلها وزارة الزراعة والثروة السمكية في مجال الأمن الغذائي نمواً متسارعاً في قطاع الثروة السمكية حيث بلغ إنتاج السلطنة من الأسماك 257 ألف طن في العام 2015 وتوقعات بأن يصل إلى 462 ألف طن العام 2020. أنور البلوشي اختتم حديثه قائلاً: «تحقيق التنويع الاقتصادي مسؤولية الجميع فالكل مطالب بالعمل وبكل جد لتجسيد الخطط الطموحة على أرض الواقع، ولا شك أن الأزمة تلد الهمة فالكل الآن مقتنع قناعة مطلقة في أن التنويع الاقتصادي ضرورة حتمية وتسريع الخطوات أمر لا بد منه ولا شك أننا سنواجه العديد من التحديات أهمها التمويل الذي يعتبر أوكسجين المشاريع لكننا كلنا ثقة أننا سنتجاوزها لأن للسلطنة سمعة ناصعة ومكانة مهمة في العالم رسمتها السياسة الحكيمة لقائدنا وقدوتنا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي نستمد من توجيهاته روح العمل والعطاء ومواجهة التحديات بثقة وتفاؤل».
الاستفادة من إيجابياتها وسلبياتها
الرئيس التنفيذي لشركة أوبار كابيتال لؤي البطاينة صرح من جانبه قائلاً: «بكل تأكيد النفط ثروة تكونت عبر ملايين السنين وعبر عصور وعصور ويجب علينا المحافظة عليها واستخدامها بطريقة ممنهجة وعقلانية للمحافظة عليها وعلى مستقبل الأجيال المقبلة وتطورها ونموها ورقيها. إن الأزمة النفطية الأخيرة وعلى الرغم من تكرار حدوثها في الثلاثين سنة الفائتة لأكثر من خمس مرات إلا أنه لا زلنا ننظر على أنها أزمة عابرة وكان من الأولى الاستفادة منها ومن إيجابياتها وسلبياتها ما أمكن، والمتتبع للسياسات المالية والاقتصادية التي بدأ العمل بها يرى بأن هنالك إعادة بناء حقيقي للاقتصاديات النفطية والدروس والعبر في المشهد وكانت قاسية نوعاً ما، وأتمنى من تلك الدول أن تأخذ بعين الاعتبار سياسات تنموية ومستدامة ضرورة تحقيق النمو المستدام وإيجاد الوظائف ولا يجب أن تكون فقط حلولاً مالية ولكن يجب أن يرافقها حلول اقتصادية وتشريعية وتعديلات للقوانين بهدف تسهيل إنشاء المشاريع ورؤوس الأموال».
من جانبه، صرح عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان ورئيس لجنة السياحة فيها علي بن سالم الحجري قائلا: «أزمة النفط التي نمر بها الآن هي مرحلة إيجابية من وجهة نظري حيث جعلتنا نعيد السياسات والرؤى حول ضرورة إيجاد مصادر بديلة للدخل وعدم الاعتماد الكلي على النفط حيث الانتكاسات التي شهدتها أسعار النفط العالمية أثرت سلباً على عدة أنشطة اقتصادية ولامس تأثيرها مسار الشركات الكبيرة، حيث قلصت بعض الشركات أعمالها وحدت من استثماراتها... لذلك لكي لا تتأثر أنشطتنا الاقتصادية والاستثمارية بتهاوي أسعار النفط، علينا في هذه الفترة والفترات المقبلة بإنعاش اقتصادنا عن طريق المصادر البديلة كالسياحة والتجارة والزراعة والصناعة والتعدين وقطاع النقل والخدمات واللوجستيات وتحويل أزمة انخفاض النفط إلى فرصة ذهبية نعيد فيها البرامج والخطط لاستغلال هذه القطاعات الإنتاجية وغيرها استغلالاً أمثل».