سيد منير خسرو
قريبا، قد تُهدد محنة مجتمعات الروهينجا المسلمة في ولاية راخين في ميانمار حكومة البلاد، وأيضا سمعة زعيمته، الحائزة على جائزة نوبل للسلام داو أونغ سان سو كي. فقد تصاعدت الأزمة منذ أكتوبر الفائت عندما أطلقت حكومة ميانمار العسكرية هجوما قُتل فيه 130 روهينجيا، ودمرت عشرات المباني الخاصة بهم. في ذلك الوقت، ادعى قادة الجيش بأن الهجوم كان جزءا من محاولة لتحديد مكان مسلحين مجهولين كان يُعتقد أنهم ارتكبوا عمليات إرهابية يوم 9 أكتوبر أدت إلى مقتل تسعة من رجال الشرطة في ثلاثة مواقع حدودية في منطقة مونغدو.
وفقا لتحليل هيومن رايتس ووتش لصور الأقمار الصناعية، تم تدمير قرى أخرى للروهينجا على مدى تسعة أيام في نوفمبر، ليصل بذلك عدد المباني المدمرة إلى 1250. وفي الوقت نفسه، وبحسب التقارير تم نزوح 000 30 شخص. وتَعتبر الأمم المتحدة الروهينجا الذين لا يتوفرون على أي حقوق من بين الأقليات الأكثر تعرضا للاضطهاد في العالم.
الآن، هناك بلدان أخرى في المنطقة مستقرة على خلاف ذلك متورطة في هذه الأزمة، في الواقع، تشعر بلدان مثل بنجلاديش وتايلاند وأندونيسيا على نحو متزايد بالآثار الجانبية لهذا المشكل، إذ يلتجأ الروهينجا داخل حدودها. ولم يعد من الممكن وصف اضطهاد الروهينجا على أنه مجرد مشكلة داخلية لميانمار.
وقد تم انتقاد دول الآسيان لتناولها مسألة الروهينجا بحذر شديد، وعدم الاعتراف بأن هذا الصراع المستمر يمكن أن يقسم الكتلة على أسس عرقية ودينية. سكان المنطقة هم 60 % مسلمون، و18 % بوذيون، و17 % مسيحيون. وأصبح استمرار التمييز ضد الروهينجا بالفعل فرصة للجماعات الإسلامية المتطرفة المتعاطفة في البلدان التي توفر اللجوء. ويشكل هذا خطرا خصوصا على الدول ذات الغالبية المسلمة مثل أندونيسيا.
ويعيش الروهينجا النازحون في ظروف يرثى لها عند وصولهم إلى البلدان المضيفة، وقد تورطوا في مناوشات مزمنة مع قوات الأمن. كما يواجهون العذاب الأليم ونقصا في الغذاء، وهم عرضة للتجنيد من قبل الإرهابيين. وليس من المستغرب أن تنشر الجماعات الإسلامية المتطرفة أشرطة الفيديو على شبكة الإنترنت تدعو فيها إلى الجهاد ضد ميانمار، واعتقلت السلطات الأندونيسية مؤخرا اثنين من المسلحين الذين كانوا يتآمرون لشن هجوم على سفارة ميانمار في جاكرتا.
ومع تفاقم أزمة الروهينجا، لا شك أن الجماعات المتطرفة الإقليمية والدولية ستستخدم الروهينجا كأداة ملائمة لكسب التعاطف، وتجنيد أعضاء جدد وجمع الأموال. ويتعين على زعماء الآسيان إيجاد حل دبلوماسي فعال للأزمة لمنع تصاعد التطرف في المنطقة وتعطيل التجارة ومعيشة الناس. وقد أدت «مقاربة الآسيان»، حيث تلتزم الدول الأعضاء لتهدئة الأمور بواسطة الدبلوماسية وعدم التدخل المبدئي، إلى تعزيز الكتلة بشكل جيد على الصعيد الاقتصادي في العقود الأولى من وجودها. ولكن مع تصاعد الانتقادات الدولية، أصبح عدم فعالية إستراتيجية النعامة «لا نرى الشر، لا نسمع أي شر» لمعالجة القضايا الداخلية أكثر وضوحا.
ويبدو أن ماليزيا تعترف بهذا الواقع. ودعا اجتماع وزراء الخارجية الآسيان مؤخرا في يانجون لتنسيق المساعدات الإنسانية والتحقيق في الفظائع التي ارتكبت ضد الروهينجا. وعقب الاجتماع، أظهرت ميانمار استعدادها لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وإحاطة أعضاء الرابطة علما بأي مستجد.
لقد حان الوقت لدول الآسيان للاستجابة لهذه الدعوة، وتغيير طريقة عملها، حيث إن الديمقراطيات الناضجة مثل سنغافورة وماليزيا -التي تحتل مرتبة متقدمة في مؤشرات التنمية البشرية- يمكن أن تصبح رائدة عالميا ومسؤولة، بتوسيع قدراتها لحل المشكلات الإنسانية. وعلى دول الآسيان مواصلة التنمية لتصبح قوية ولتخضع للمساءلة السياسية والمجتمعية على غرار الاتحاد الأوروبي. للقيام بذلك، يجب إيجاد السبل السلمية الفعالة للتخفيف من هذه الأزمة الإنسانية الإقليمية.
وفقا لتقديرات غير رسمية، هناك الآن ما لا يقل عن 000 500 لاجئ روهينجي في بنجلاديش وحدها. ومنذ آخر تدخل عسكري، نزح 000 20 روهينجي آخر. وهذا يضع دولة بنجلاديش في موقف صعب للغاية، وهي تكافح بالفعل لتوفير الخدمات الأساسية لما يناهز 170 مليون مواطن.
مؤخرا، زار نائب وزير خارجية ميانمار مدينة دكا لإجراء محادثات. وزار فريق من ثلاثة أعضاء من اللجنة الاستشارية الميانمارية اللاجئين الروهينجا من ولاية راخين، والذين يسكنون الأحياء الفقيرة في المنطقة الساحلية في بنجلادش على الحدود مع ولاية راخين.
ويمكن أن تساعد دول الآسيان في هذا الشأن، بحيث تتمتع الدول الأعضاء مثل سنغافورة بعلاقات ودية مع كل من ميانمار وبنجلاديش، وبالتالي يمكن أن توفر أرضية للبلدين للعمل معا والتوصل إلى حلول دائمة لمشكلة دامت عقودا طويلة.
ولكن ينبغي أولا على دول الآسيان استخدام وزنها السياسي، والنزول بثقلها السياسي، لتحقيق تسوية دائمة وعادلة. وإذا تأتى ذلك، فإنه يمكن لمنظمة الآسيان أن تكون بمثابة وسيط نزيه بين ميانمار وبنجلاديش وممثلين عن المجتمع الروهينجي على الخصوص، الذين عانوا من الاضطهاد لفترة طويلة بما فيه الكفاية.
رئيس معهد السياسة والدعوة والحوكمة (IPAG)
وهي مؤسسة بحثية دولية