سيمون زادك
تحولت المالية الرقمية إلى ثورة غير متوقعة، وذلك ببساطة من خلال تمكين الإدماج المالي المنخفض التكلفة. وبفضل التكنولوجيات المالية الجديدة «فينتاك»، يمكن للمستهلكين التسوق بسهولة، ويمكن للمهاجرين إرسال المال الذي حصلوا عليه بعرق جبينهم لأسرهم بثمن بخس، ويمكن للشركات الصغيرة الحصول على الائتمان في دقائق بواسطة البيانات الكبيرة، ويمكن للمدخرين تحديد الأهداف الاستثمارية الخاصة بهم. ولكن إذا أرادت «فينتاك» تعزيز قدرتها لخدمة الصالح العام العالمي، عليها الأخذ بعين الاعتبار عاملا آخر: البيئة. ونشر برنامج الأمم المتحدة للبيئة مؤخرا تقريرا بعنوان: «فينتاك والتنمية المستدامة: تقييم التداعيات»، مستكشفا كيف يمكن للإدارة الرقمية تحقيق مكاسب بيئية. كما يشير التقرير، من خلال خفض التكاليف وزيادة الكفاءة، إلى بدء «فينتاك» بالعمل على تفعيل التمويل الأخضر، وتمكين الفقراء من الوصول إلى الطاقة النظيفة من خلال أنظمة الدفع المبتكرة وتسهيل التوفير الأخضر من أجل الأغنياء والفقراء على حد سواء.ويمكن للمبادرات أن تعود بالفائدة الكبيرة على الأسر ومقدمي الخدمات المالية، وعلى الاقتصاد والبيئة. وفي هذا الإطار، تم إيجاد ائتلاف لشركات التمويل الرقمي، «التحالف المالي الرقمي الأخضر»، الذي أطلق في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي هذا العام في دافوس، بسويسرا.أحد مؤسسي التحالف، «أنتي» للخدمات المالية، لديه منصة الدفع عبر الهاتف المتحرك يبلغ عدد مستخدميها 450 مليون مستخدم في الصين وحدها. وتعمل المنظمة الآن مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة لتقديم تجربة حول «الطاقة الخضراء» بواسطة تطبيق يحفز المستخدمين لتقليل استعمال الكربون.
«فينتاك» جزء من الثورة الرقمية على نطاق أوسع، والتي تتضمن أيضا إنترنت الأشياء، والبيانات الكبرى، والذكاء الاصطناعي. وتمكننا هذه التكنولوجيات من تسجيل وتتبع دورة حياة المنتجات -حتى المال في حد ذاته- وبالتالي تحديد على وجه الدقة كيف استُخدمت، وكيف تم تمويلها، وما تأثيرها على البيئة. لذلك يترجم تطبيق شركة «أنتي» للطاقة الخضراء الجديدة البيانات والمعاملات المالية إلى انبعاثات الكربون ضمنيا. وإذا امتد هذا النهج، عبر المزيد من المدفوعات، فيمكن أن يشارك مئات الملايين من الأفراد في العولمة، مع تحقيق وفورات الكربون ضمن خيارات نمط الحياة اليومية.كل الثورات تحمل تكاليف غير مقصودة، وربما تصير عرضة للانحراف، إن لم يكن تفشي الفساد. ثورة «فينتاك» لا تختلف عن ذلك. ويُعد فقدان الخصوصية الخطر الأكثر وضوحا. في الواقع، على الرغم من الجهود المبذولة لإيجاد ضمانات، فإن خطر فقدان الخصوصية لا مفر منه. ولكن هناك أيضا مخاطر أقل وضوحا، ناجمة عن تعطل الأسواق الحالية. كما أكد الصحفي والكاتب مايكل لويس في كتابه الأكثر مبيعا «فلاش بويز»، فإن المخاطر العالية على العوائد المالية لاستغلال الغابات وصناديق التقاعد في القرن العشرين لا تزال بعيدة المدى.وهناك أيضا مخاطر تتعلق بالتنظيم، على الأقل لفترة من الوقت، في وقت يجتهد فيه صناع القرار لمعرفة كيفية إدارة نظام مالي افتراضي يزداد تعقيدا ودينامية. وهناك أيضا خطر آثار السرعة والبيانات الكبيرة على المنتجات التي يمكن أن تؤدي إلى تقويض الظروف اللازمة للتنمية المستدامة.على الرغم من أن هذه المخاطر لا يمكن القضاء عليها، قد يمكن تخفيفها. سوف يحتاج المنظمون، على وجه الخصوص، إلى العمل بسرعة لمواكبة، قدر المستطاع، الوسط المالي المتغير بسرعة. ولكن هدفهم لا ينبغي أن يكون فقط الحماية من مخاطر «فينتاك»، عليهم أيضا مسؤولية التوجيه لتحقيق ذلك الهدف، حتى تصل «فينتاك» إلى كامل إمكاناتها. على سبيل المثال، يجب أن تتماشى «فينتاك» مع أهداف التنمية المستدامة وهو جهد يتطلب معايير جديدة، والابتكار في السوق، والتعاون.يجب على دول العالم أن تدمج التمويل الرقمي في خطط تمويل التنمية المستدامة. ويمكن للتحالفات مثل التحالف المالي الرقمي الأخضر دعم هذه الجهود، من خلال تعبئة العمل الجماعي من جانب المؤسسات المالية والفاعلين الآخرين.
مدير مشارك في لجنة التحقيق التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة