العبث بالمرافق العامة.. خسائر مادية وجهود مهدورة

بلادنا الأحد ١٢/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
العبث بالمرافق العامة.. خسائر مادية وجهود مهدورة

مسقط - ش

تقوم بلدية مسقط وعبر مختلف مشاريعها وخططها بإنشاء العديد من المتنزهات العامة وملاعب الأطفال في المناطق الحيوية ووسط الأحياء السكنية، بالإضافة إلى تطوير مختلف المناطق والواجهات، والعمل على توفير ألعاب للأطفال في هذه المواقع لتكون متنفساً للزوار والعائلات، وإضفاء اللمسات الجمالية على المدينة بزراعة الأشجار والزهور والنباتات والنخيل، وبسط المساحة الخضراء بمد المسطحات وتعشيب المواقع الحيوية، والتي تكون مقصداً للتنزه والاستراحة وممارسة الأنشطة البدنية المختلفة.

ومع الأدوار التي تنفذها بلدية مسقط، والبرامج التي تسير وفق خطط حالية ومستقبلية لزيادة أعداد المتنزهات والحدائق، وعمل المشاريع التطويرية والتجميلية بالمدينة لتشمل كافة ولايات محافظة مسقط، وتوفير المرافق والخدمات وتطويرها، إلا أن ثمة معاناة تواجهها البلدية وهي ظاهرة التخريب والعبث بالمرافق والخدمات العامة، بأنماط متفاوتة بين موقع وآخر، وبطرق متكررة ومتنوعة، رغم الجهود المبذولة للتصدي لها ومعالجتها للحد منها. ومع هذه الظاهرة سنتناول في التحقيق التالي ماهية هذه السلوكيات التي تعاني منها البلدية، وأبعادها الاقتصادية والنفسية والاجتماعية، ورؤية المختصين حولها، ونظرة المجتمع لهذه السلوكيات وآثارها، وما هي الضوابط الإجرائية التي تتخذ من أجل الحد منها.

سلوكيات متعددة

وعن أبرز السلوكيات التي تلاحظت لدى بلدية مسقط، أوضح مدير عام المديرية العامة لبلدية مسقط بقريات، والمكلف بتسيير أعمال المديرية العامة للتشجير والمتنزهات ببلدية مسقط فوزي بن سليمان الهنائي قائلاً: إن هناك أعمالاً تخريبية تكون أحياناً مقصودة ومتعمدة بفعل فاعل، كما أن هناك أشكالاً متنوعة ومتعددة لتخريب المرافق العامة منها ما يطال دورات المياه من صنابير، وأبواب، والكتابة غير اللائقة على أبواب دورات المياه، وتخريب أضواء الإنارة، والأرضيات، والتخريب المتكرر الذي يطال كراسي الجلوس والمظلات المتوفرة في المتنزهات والاستراحات العامة، وتخريب ألعاب الأطفال من خلال تكسيرها أو حرقها أو نزعها من أماكنها، والكتابة على الجدران والواجهات، والعبث بالتوصيلات الكهربائية لأعمدة الإنارة العامة، وتوصيلات أنظمة الرّي، واقتلاع الزهور والنباتات وتشويهها، والقيام بقطع عذوق النخيل قبل نضج ثمارها، وتخريب الحواجز، وكذلك الأضرار التي تتكبدها المسطحات الخضراء من قيادة السيارات والدراجات النارية والهوائية، والشوي ولعب الكرة على المسطحات الخضراء، مما يؤدي إلى الإضرار بعمليات نمو هذه المسطحات والأعشاب ويشوه المنظر العام. كما أن العبث بأنظمة ومحابس الري يؤدي إلى موت المزروعات، واختلال النظام الآلي للتوقيت المحدد لري المزروعات، مما ينتج عنه رش الأعشاب في أوقات غير مناسبة، وربما تؤثر على الزوار في المسطحات الخضراء وتصيبهم تلك المياه، مما يولد انطباعاً سيئاً لديهم.

أضرار اقتصادية

وأكد فوزي بن سليمان الهنائي أن جميع هذه السلوكيات التخريبية وظواهر العبث بالمرافق العامة تعود بأضرار اقتصادية على المال العام، حيث إن الأموال التي خطط لها من أجل إقامة مشاريع جديدة تخدم المدينة، تسير في الإنفاق على أعمال صيانة هذه السلوكيات التخريبية، وهذا بدوره يؤثر في الميزانية، ويبطئ في سير تنفيذ المشاريع المخطط لها، ويعطل ويضاعف الجهود من أجل صيانة هذه المرافق. وفي جانب الأدوار التوعوية أضاف: تبذل المديرية جهوداً في استقطاب طلاب المدارس، وإعطائهم دورات تدريبية حول الحدائق المنزلية، ومراحل إنشاء هذه الحدائق. كذلك تعمل المديرية على وضع اللوحات الإرشادية، وهناك لوحات جديدة سيتم وضعها تحاكي صور الرموز بجانبها عبارات توعوية، ونأمل أن يكون تأثيرها أكبر للفئات المستهدفة.

التوعية مستمرة

وحول أدوار البلدية التوعوية، أوضحت أسمهان بنت محمد الشكيلية الباحثة الاجتماعية بالمديرية العامة لبلدية مسقط ببوشر أن جهود بلدية مسقط واضحة ومستمرة في مجال التوعية لمثل هذه السلوكيات غير المرغوبة، وكون أن طبيعة عملي كباحثة اجتماعية، فإننا نقوم بتكثيف حملاتنا التوعوية لطلاب المدارس من مختلف المراحل التعليمية باعتبارها الفئة المستهدفة لرفع مستوى الوعي والمسؤولية، ولأنها الفئة الأكثر ارتياداً للمنتزهات، كما قامت إدارة الإعلام والتوعية بإصدار العديد من المطبوعات والنشرات التوعوية واللوحات الإرشادية على شوارع محافظة مسقط للعديد من الظواهر، التي نعمل جميعاً للحد منها تتضمن التوعية ضد مظاهر التخريب بأنواعه، والكتابة على الجدران، ونظافة شواطئنا لتظل (مسقط جميلة.. بنا ولنا جميعاً).

ندوة ومعارض

وأضافت أسمهان الشكيلية بالقول: كما قامت البلدية بتنفيذ ندوة خلال الأعوام الفائتة حول العبث بالمرافق العامة بمشاركة عدد من المعنيين والجهات الخدمية، وتم عمل عدد من المعارض بالتعاون مع العديد من الجهات الحكومية لتسليط الضوء على بعض الظواهر للجمهور، وكيفية الوقاية والحد منها.

أوقات الفراغ

من جانبه يذكر مهند بن حمود الراشدي أنه قبل أكثر من 8 سنوات كان يقوم هو وبعض من زملائه بممارسة بعض من هذه السلوكيات؛ كالعبث بألعاب الأطفال وأعمدة الإنارة، ولكن عندما يتذكر تلك المواقف الماضية فهو يشعر بحجم الأضرار التي تخلفها تلك السلوكيات. ويعتبر ساجد البلوشي أن ظاهرة التخريب ينبغي أن تتوقف بتعاون الجميع، ويأمل بأن يفسح المجال للشباب باستغلال أوقات فراغهم في الأندية الرياضية والثقافية لممارسة الأنشطة والهوايات.

القيم والعادات

كما أشارت بشائر بنت محمد اللواتية إلى أن هذه السلوكيات دخيلة وتوجد بصورة متفاوتة بين موقع وآخر، وتنعدم أحياناً في مواقع أخرى، وتنتشر أحياناً في المتنزهات والمواقع التي تكون بعيدة نوعاً ما عن الأحياء السكنية المأهولة. وينبه صالح بن حمود الهنائي، وهو معلم للقرآن الكريم لأكثر من 30 عاماً إلى أهمية متابعة الشباب والأطفال، وحرص الوالدين على تتبع أصدقاء أبنائهم؛ لأنهم عنصر مؤثر في حياتهم وسلوكياتهم.

الإعلام والبرامج

وقال راشد بن سليمان السابعي مخرج تلفزيوني: إن على الإعلام دورا في الحد من هذه الظاهرة، وذلك من خلال عمل البرامج التوعوية الهادفة، والفواصل الإذاعية والتلفزيونية التي تتناول السلوكيات الحسنة في التعامل مع المرافق العامة.

الإجراءات القانونية

وفي السياق القانوني للموضوع، فقد نصت المادة (7) من قانون بلدية مسقط الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 38/‏‏2015 على أن تختص بلدية مسقط في الفقرة (16) «بإنشاء وإدارة وصيانة الطرق والمتنزهات والميادين العامة والمظلات العامة ودورات المياه العامة وملاعب الأطفال»، والفقرة (21) على «اتخاذ التدابير اللازمة لمنع التعدي على أملاك الدولة العامة والخاصة واتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالة التعدي». ونص الأمر المحلي رقم 32/‏‏97 بشأن حماية المرافق العامة التابعة لبلدية مسقط في المادة (2) على أنه: يحظر على أي شخص القيام بأي فعل من شأنه الإضرار بمرافق البلدية وما بها من تجهيزات ومستلزمات، سواء بالعبث أو التكسير أو التخريب وغير ذلك، ويحظر على الأخص التعرّض لما يأتي: أنظمة الري وتوصيلات المياه، ومستلزمات دورات المياه وتوصيلاتها، وعدادات الكهرباء والمياه والهواتف، والكراسي والمظلات والألعاب والإنارة وتجهيزاتها الموجودة في الحدائق والمنتزهات والساحات والميادين العامة والشوارع، ولوحات العناوين واللوحات الإرشادية، وأية تجهيزات أخرى تخصّ مرافق البلدية.
كما نصت المادة (3) من الأمر المحلي ذاته: مع عدم الإخلال بأحكام المادة السابقة، يحظر على أي شخص– ماعدا الأشخاص المصرح لهم- القيام بأي من الأفعال التالية في مرافق البلدية: قطف أو قلع الزهور أو تسلق الأشجار وقصّ أغصانها أو تكسيرها سواء كان ذلك في الحدائق أو المنتزهات والشوارع العامة، والمشي على المسطحات الخضراء المبتلة أو القيام بأي نشاط أو عمل يؤدي إلى الإضرار بالمزروعات، وإيقاد النار تحت الأشجار أو في أي مكان معد للتنزه على نحو يؤدي إلى تشويه المكان أو الإضرار به أو مضايقة الجمهور، والاغتسال أو السباحة في النافورات أو البحيرات العامة، ودخول غرفة المضخات أو العبث بها، والكتابة أو الرسم على الأسوار والأبواب والجدران والتجهيزات الخاصة بالمباني التابعة لمرافق البلدية، وقيادة الدراجات أو السيارات في الحدائق أو المنتزهات أو على الشواطئ العامة.
كما أوضحت المادة رقم (4) بأنه: يحظر على من يرتاد الحدائق والمنتزهات العامة أو الملاعب القيام بأي فعل يسبب إزعاجاً لباقي الرواد، مثل رفع صوت المذياع أو الأجهزة الموسيقية، كما يحظر عليه أيضا القيام بأي تصرّف يخدش الحياء أو يتنافى مع النظام أو التذوق العام. وأوردت المادة رقم (5) إجراءً بأنه: يحظر على أي شخص أن يترك الأطفال دون السن الثانية عشرة التابعين له دون رقابة أثناء وجودهم في الحدائق أو المنتزهات العامة أو الملاعب. وتلتها المادة رقم (6) بأنه: يحظر على أي شخص اصطحاب الحيوانات إلى الحدائق والميادين والمنتزهات العامة.