واشنطن، نيويورك - أ ف ب
لا يمر يوم دون أن يشهد البيت الأبيض اشتباكاً جديداً بين الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب، والمؤسسات الأمريكية الأخرى، فمن القضاء والمحاكم إلى وسائل الإعلام والمدونين هذه الأيام، حيث يتهم ترامب القضاء ووسائل الإعلام بالتقليل من خطورة الإرهاب، على حد تعبيره.
وشدّد ترامب لدى استقباله الثلاثاء في البيت الأبيض المسؤولين الأمنيين (شريف) للعديد من المناطق، على أن مرسومه الذي يعلِّق مؤقتاً دخول مواطني سبع دول مسلمة هي: العراق وليبيا والسودان وسوريا واليمن والصومال وإيران وجميع اللاجئين، وثيقة «منطقية» و»مهمة جداً للبلاد» لحمايتها من الإرهاب. وقال إن القضية يمكن أن تصل إلى المحكمة العليا، مع تأكيده أنه يأمل في ألا يكون ذلك ضرورياً. وقال ترامب «أنا أفهم أكثر من أي شخص آخر عدم النزاهة التامة لوسائل الإعلام».
وكان ترامب اتهم الاثنين وسائل الإعلام بأنها تكتمت في السابق على هجمات نفذها «إرهابيون إسلاميون متطرّفون». ونشر البيت الأبيض بعيد ذلك ملخصاً عن 78 اعتداءً نفذت في العامين الأخيرين، معتبراً أن معظمها «لم يلقَ الاهتمام الإعلامي الذي يستحق». وتشمل اللائحة عدداً من الاعتداءات التي شكلت حدثاً عالمياً لأيام مثل اعتداءات باريس في نوفمبر 2015، واعتداء نيس في يوليو 2016، واعتداء سان برناردينو بكاليفورنيا في ديسمبر 2015.
غير أن ترامب قال الاثنين متجاهلاً أنها شكلت حدثاً عالمياً، «وصل الأمر إلى حد عدم تغطية وسائل الإعلام (هجمات)، وفي حالات عدة لا تريد الصحافة غير النزيهة بالمرة تغطيتها»، معتبراً أن «لديها أسبابها» ولكن من دون تقديم أدنى تفسير لكلامه وما يرمي إليه.
وردت العديد من وسائل الإعلام بينها واشنطن بوست ولوموند وبي بي سي والجارديان، بنشر روابط تحيل إلى تغطياتها للهجمات التي تحدثت إدارة ترامب عن عدم تغطيتها.
وهاجم السكرتير الصحفي شون سبايسر صحيفة نيويورك تايمز بسبب مقال نشرته مؤخراً، نقلت فيه الآتي: «عندما لا يكون ترامب يشاهد التلفزيون مرتدياً رداء الحمام أو على هاتفه للاتصال بمساعدي حملته القدماء والمستشارين، فإنه يذهب أحياناً لاستكشاف المحيط غير المألوف لبيته الجديد». ووصف السكرتير الصحفي المقال بأنه عديم الدقة ومليء بالأكاذيب، مشيراً إلى أن الرئيس ترامب لا يملك رداء حمام، بينما تناقل مستخدمو تويتر صوراً قديمة لترامب وهو يرتدي رداء حمام رداً على ما قاله سبايسر.
وفي نيويورك قال محامي ميلانيا ترامب إنها قامت بتسوية دعوى تشهير ضد مدوّن من ولاية ماريلاند مقابل «مبلغ مالي كبير» بعد أن كتب شائعات لا أساس لها بأنها عملت كمرافقة لرجال.
وكتب المدوّن وبستر تاربلي في بيان نشره محامي ميلانيا «أقرّ بأن هذه البيانات الزائفة أضرت وآذت ميلانيا ترامب وعائلتها بشدة وعليه فإنني أعتذر بصدق لها ولابنها وزوجها ووالديها عن اختلاق هذه البيانات المغلوطة».
وأكد محام يمثل تاربلي صحة البيان في رسالة بالبريد الإلكتروني وقال إن القضية سويت. ولم يكشف أي من الجانبين قيمة التسوية، لكن تشارلز هاردر محامي ميلانيا ترامب قال إنه «مبلغ مالي كبير».
وكانت ميلانيا قد أقامت الدعوى العام الفائت على كل من تاربلي وصحيفة ديلي ميل البريطانية بعد أن نشرت مقالاً مغلوطاً ذكر أنها عملت كمرافقة لرجال. وأشار المقال إلى تقرير نشرته مجلة سلوفينية بأن وكالة لعارضات الأزياء عملت معها ميلانيا في نيويورك في التسعينيات كانت تعمل أيضاً في مجال توفير المرافقات.
ونشرت الديلي ميل استدراكاً واعتذاراً بعد إقامة الدعوى القضائية قائلة في بيان إنها لم تقصد أن تقول أو تلمح إلى أن ميلانيا ترامب عملت مرافقة.
وفي الأسبوع الفائت رفض قاض في ماريلاند الدعوى ضد ديلي ميل لأسباب تتعلق بالاختصاص القضائي بينما سمح باستمرار الدعوى ضد تاربلي. وأنهت التسوية تلك الدعوى.
وزيرة التربية
في الأثناء ثبت مجلس الشيوخ على رأس وزارة التربية الجمهورية الثرية بيتسي ديجوس التي تطلب تعيينها تدخل نائب الرئيس مايك بنس الذي توجه إلى مبنى المجلس للتصويت كما ينص القانون في حال تعادلت الأصوات وترجيح الكفة، بعد أن حصلت على تأييد 50 عضواً ورفض خمسين بينهم جمهوريتان.
«من يسمى بقاضٍ»
وبعد أن اتهم مباشرة «من يسمى بقاضٍ» في إشارة إلى القاضي الفدرالي جيمس روبارت الذي علّق مرسومه، سعى ترامب إلى تحميل روبارت مسؤولية أي هجوم يقع مستقبلاً في الأراضي الأمريكية. وقال في تغريدة الأحد «إذا حدث شيء ما، حمّلوه المسؤولية هو والنظام القضائي».
واعتبرت وزارة العدل في وثيقة أحالتها الاثنين إلى محكمة سان فرنسيسكو أن «المرسوم ممارسة قانونية لسلطة الرئيس حول دخول الأجانب إلى الولايات المتحدة ولقبول اللاجئين».
وفي حال أكدت محكمة الاستئناف في سان فرنسيسكو تعليق المرسوم وأحيل الأمر إلى المحكمة العليا، سيتطلب الأمر أغلبية خمسة قضاة من ثمانية لقلب قرار محكمة الاستئناف. وهذا أمر صعب المنال حالياً بسبب انقسام المحكمة العليا حالياً بين أربعة قضاة تقدميين وأربعة محافظين.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة «سي ان ان» أن 53 % من الأمريكيين يعترضون على المرسوم الرئاسي حول الهجرة (في مقابل 47 %)، كما كشف استطلاع لشبكة «سي بي اس» أن 51 % يعارضون المرسوم بينما يؤيده 45 %.
إلا أن ترامب يعتبر هذه الاستطلاعات خاطئة. وقال في تغريدة الاثنين «كل استطلاعات الرأي السلبية معلومات خاطئة مثل استطلاعات سي ان ان وايه بي سي وان بي سي خلال الانتخابات». وتابع «آسف لكن الناس يريدون الأمن على الحدود وفرض إجراءات تدقيق مشددة».
من جانبه، وجّه مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي انتقاداً شديداً إلى ترامب الثلاثاء. وقال في خطاب أمام عسكريين في طهران «نشكر (دونالد ترامب) لأنه سهّل المهمة بإظهار الوجه الحقيقي للولايات المتحدة». وأضاف «ما نقوله منذ أكثر من 30 عاماً بشأن الفساد السياسي والاقتصادي والأخلاقي والاجتماعي داخل النظام الأمريكي، كشفه ترامب أثناء الحملة الانتخابية وبعدها».
وأعلنت محكمة الاستئناف في سان فرانسيسكو «لا نتوقع صدور حكم (الثلاثاء). نتوقع صدوره هذا الأسبوع».
أما وزير الأمن الداخلي جون كيلي فأعلن أن السفارات الأمريكية قد تطلب في المستقبل من المتقدمين للحصول على تأشيرات إلى الولايات المتحدة الكشف عن كلمات المرور السرية الخاصة بحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لكي يتسنى لها التحقق من خلفياتهم.
وقال كيلي إن هذه الخطوة قد تأتي في إطار الجهود لتشديد التدقيق على الزوار والكشف عن الأشخاص الذين يمكن أن يشكلوا تهديداً أمنياً. وأوضح أن هذه واحدة من الأمور التي لا تزال قيد البحث، بخاصة للمسافرين من البلدان الإسلامية السبعة التي فرض عليها الرئيس الأمريكي حظراً، وهي دول تعاني بحد ذاتها من ضعف في التحري عن بيانات مواطنيها وخلفياتهم.
وأضاف كيلي خلال جلسة استماع أمام لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب «نحن نبحث في (وسائل تحرٍ محسنة أو إضافية) قد نرغب في الوصول إلى حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم مع كلمات المرور».
وقال أيضاً «من الصعب جداً التحري حقاً عن هؤلاء الأشخاص في هذه البلدان السبعة لكن في حال قدموا إلى هنا، نريد أن نقول، ما هي المواقع التي يتصفحونها؟ واعطونا كلمات المرور الخاصة بكم. حتى يكون بإمكاننا الاطلاع على ما يفعلونه على الإنترنت».
وتابع «إذا رفضوا التعاون، عندها لن يدخلوا» إلى الولايات المتحدة.
وشدد كيلي على أنه لم يتخذ أي قرار بهذا الشأن، لكن التدقيق المشدد إجراء حتمي في المستقبل، وحتى لو كان هذا يعني التأخير في منح التأشيرات الأمريكية للزوار. وقال «هذه هي الأشياء التي نفكر بها».
وأشار إلى أنه «بإمكاننا أن نسألهم عن هذا النوع من المعلومات، وإذا كانوا حقاً يريدون القدوم إلى أمريكا عندها سيكونون متعاونين، وإذا لم يفعلوا، فالذي يليه».