التذمر.. لا يبني وطنا

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٨/فبراير/٢٠١٦ ٠٣:٤٥ ص
التذمر.. لا يبني وطنا

محمود بن سعيد العوفي

alaufi-992@hotmail.com

لماذا أصبح التذمر ثقافة سلوكية لدينا، حيث تعج وسائل التواصل الاجتماعي بعبارات التذمر والانتقاد والشكوى والتأفف من كل شيء يحيط بنا، حتى حين يتم الثناء على إنجاز حكومي «ما» لا بد أن ينتهي بعبارة «ولكن لو..» وغيرها من الكلمات، انتقاصا من أمر ولو كان بسيطا، وبالتالي أصبح للتذمر لدى البعض خصوصية، ونسوا أننا شعب قنوع، راض، مفعم بالتفاؤل، وركزوا على الإخفاقات برغم المجهود والعمل الحكومي الكبير المنجز، فساءت الصورة الذهنية لديهم، وعندما تسوء تلك الصورة يصبح علاجها صعبا ومكلفا للغاية. والمثل العماني يقول «لا عجبهم العجب ولا الصيام في رجب».

التذمر لا يبني وطنا.. عندما نقارن أنفسنا بالدول المتقدمة، ونصاب بحالة من اليأس والقنوط، بأننا لن نصل لما وصلوا إليه في التقنية، والتقدم التكنولوجي، والصناعة، وجذب الاستثمارات، وغيرها من أوجه المقارنة، نتذمر ونحن العلة والدواء، لكننا لا نعرف ما نريد، للأسف.. ونرى الكثير من المنتقدين الذين يطرحون أحاديثهم البراقة في وسائل التواصل الاجتماعي يجهلون أدق التفاصيل، ولا يعوا ما يقولون، وبعضهم متبع طريقة «خالف تعرف»، ونحن على يقين تام أن المنتقد لا يتعدى كلامه كونه مجرد ثرثرة فقط، فلا يستطيع تطبيق حرف واحد مما يقوله لو تم منحه المسؤولية الحكومية، وبالتالي فإنه يرى من الصعوبة بمكان تنفيذه على أرض الواقع. وثمة تجارب كثيرة في هذا الجانب، فدفة القيادة تختلف تماما عن طرح الأحاديث الرنانة التي تجلب نقرة الإعجاب في تلك الوسائط.
أصبح البعض مجيدا في طرح أساليب الانتقاد، وفارس الكلمة السلبية المجحفة للعمل الحكومي. ألا تعلمون أن ذكر الإيجابيات يحفز على المزيد من الإنجازات، حيث أكدت سطور نظرية «ماسلو» للموظفين على التحفيز النفسي وإشباع الحاجات من أجل زيادة الإنتاجية، ولا شك أن هناك من المسؤولين بمختلف درجاتهم الوظيفية من يخدمون هذا الوطن ليلا ونهارا من أجل المزيد من التقدم لهذا البلد، لكن.. «رضا الناس غاية لا تدرك».
كثر الحديث عن أزمة انخفاض أسعار النفط وتأثيراتها، وثمة محاولة لتضخيم الوضع لدينا وأنه في الغاية من السوء، وأن هذه الأزمة أضرت بالجميع، متذمرين متشائمين من كل شيء، متجاهلين بأن لدينا مسؤولين في الحكومة حريصون على هذا الأمر يعملون كفريق وبمنهجية واقعية، وتتوفر لهم أدق المعلومات الممكنة عن قدرة اقتصادنا النفطية وغير النفطية، وكذلك أدق المعلومات عن الاقتصاد العالمي بشكل عام وأسواق النفط بشكل خاص. فماذا لديك أيها المنتقد السلبي من المعلومات التي تنشرها هنا وهناك؟
عندما نبحث عن أوضاع الشعوب الأخرى نجد أنها تعاني أضعافا مضاعفة من سوء أوضاعها الاقتصادية وأيضا الأمنية والاجتماعية، وهنا يجب علينا الشكر لله دائما وأبدا على ما نحن نعيشه في هذه الأرض الطيبة، فما يجب أن يعيه الناس أن الأمور والأوضاع والأحوال تتبدل، وأنه يستحيل أن تسير الأمور دائما على حال واحدة، فينبغي التكيف مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة، حتى تنجلي الغمة وتتحسن الأحوال، أما النواح والبكاء وطلب المستحيل ببقاء الوضع كما كان في السابق فهذا محال.. دوام الحال من المحال.
ختاما، علينا أن نشمر عن سواعد الجد والاجتهاد في ميادين العمل كل في مجال تخصصه، ليس بالكلام وإنما بالفعل، لنضع أمامنا تحدياً لنتجاوزه، ولا نلوم الوطن الذي لم يخترع أو يقدم، لأننا نحن من يقوم بذلك، فإما أن نكون آلة بناء أو هدم، فتقدم البلاد ليس صنيعة الحكومة بشكل كامل بقدر ما هو شراكة بين الجانبين، وبالتالي فإن بمقدورنا أن نصنع وننتج، إذا ما أردنا وخلعنا عباءة التكاسل، فالوطن بحاجة إلى أفكار لا انتقاد.