عُمان «صفر» في الإرهاب

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٨/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
عُمان «صفر» في الإرهاب

فريد أحمد حسن
يقدم معهد الاقتصاد والسلام ومقره أستراليا نفسه على أنه «منظمة بحثية غير ربحية تهدف إلى تحويل تركيز العالم إلى السلام كإجراء إيجابي قابل لتحقيق رفاه الإنسان والتقدم»، وكما في موقعه الإلكتروني فإن هذه المنظمة «تحقق أهدافها من خلال تطوير أطر مفاهيمية جديدة لتعريف السلام، وتوفير مقاييس لكشف العلاقة بين السلام والأعمال التجارية والازدهار، وتعزيز فهم أفضل للعوامل الثقافية والاقتصادية والسياسية التي تدفع السلام». ولأن السلطنة هي المرادف العملي لمفردة السلام لذا لم يكن مستغربا أبدا أن تحصل على درجة «صفر» في مؤشر الإرهاب، حيث «أكدت مجلة «نيوزويك» الأمريكية أن سياسات جلالة السلطان قابوس ساعدت في استقرار المنطقة ونجاح دورها في إنهاء الخلاف النووي» وأشارت إلى أن «معهد الاقتصاد والسلام بأستراليا أكد أن السلطنة حصلت على درجة صفر في مؤشر الإرهاب بعدم انضمام أي عماني للتنظيمات الإرهابية»، كما كتب أحد المغردين في «تويتر».

وبحسب وكالات الأنباء فإن المجلة وصفت في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني السلطنة أنها «واحة للسلام في الشرق الأوسط» وقالت «إنها نجحت في النأي بنفسها عن الاضطرابات في المنطقة وتمكنت من تجنب الانجرار إلى الصراعات التي ابتليت بها بعض بلدان الشرق الأوسط وظلت بعيدة عن كل الخلافات وحافظت على علاقات جيدة مع كل الحلفاء الغربيين والدول الأخرى في الشرق الأوسط وأنها تمكنت من درء التهديدات الإرهابية». وبحسب الخبر فإن المجلة المذكورة استعرضت مجموعة من الحقائق عن السلطنة منها «حصول السلطنة على درجة صفر في التهديدات الإرهابية في مؤشر الإرهاب في العالم الذي أصدره معهد الاقتصاد والسلام ومقره سيدني بأستراليا، وهو يقيم أثر الإرهاب على 163 دولة على مقياس تتراوح درجاته من صفر إلى 10 درجات» و«إشادة مركز «تشاتام هاوس» للأبحاث ببريطانيا بحرص السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان على عدم تدخل السلطنة في الصراعات الإقليمية وتبنيها موقفاً محايدًا»، و«تأكيد المركز الدولي لدراسات التطرف والعنف السياسي في «كينجز كوليدج» بلندن أنه لا يوجد عُماني واحد انضم إلى تنظيم (داعش) من بين 20 ألف مقاتل انضموا إليه».

الأهمية في كل ذلك تكمن في أن تلك المعلومات غير الغريبة وغير المدهشة أكدتها منظمة تعمل بطريقة علمية وأنها منظمة غير ربحية.
في العام 2013 كتب ستيفن كوفمان مقالا مهما عن هذا المعهد ونشره بالموقع الإلكتروني «آي آي بي ديجيتال» ملخصه أن العنف مكلف وأن العالم يُنفق ما لا يقل عن 9 تريليونات دولار سنويًا على الجهود المكرسة لمواجهة أعمال العنف والتهديدات بالعنف والتصدي لها، وطرح سؤالا مهما هو ما الذي سيحدث في حال تمكنت البلدان من خفض مستوى العنف واستخدام الأموال المدخرة لتحسين أمور أخرى كالتعليم، وسيادة القانون، والتعايش؟ حيث أوضح أن «البلدان لا تدفع مبالغ طائلة من المال لبناء وتجهيز وصيانة القوات العسكرية وقوات الشرطة فحسب، بل وأيضًا لإجراء تحقيقات حول النشاطات الإجرامية ومعاقبة مرتكبيها».
طبعا المعروف عن معهد الاقتصاد والسلام بأستراليا أنه طرح هذا السؤال من عدة سنوات وأنه اشتغل «بجمع البيانات الدقيقة التي تثبت الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للسلام، والخطوات التي يمكن أن يتخذها كل بلد في سبيل إنهاء الدائرة المفرغة التي تتسبب في تحويل الموارد من البرامج المفيدة إلى البرامج الرامية للتصدي للعنف وعدم الاستقرار المزمنين».
من المؤشرات التي اعتمدها هذا المعهد وبناء عليها يحدد موقع كل دولة على مقياس العنف والسلام «الإرهاب السياسي، والنزاعات الداخلية، والجريمة، ومعدلات البقاء في السجون، والعلاقات مع الدول المجاورة، والنفقات العسكرية، وصادرات الأسلحة»، وكلها تنحاز للسلطنة التي تخلو ولله الحمد من كل هذه السوالب، فكل ما ذكر لا يتوفر منه شيء في السلطنة، وكل ما ذكر يعتبر غريبا عليها، ولهذا ليس غريبا أبدا أن تحصل على «صفر» وتعد من ثم من الدول التي لا مكان للعنف فيها ولا مكان فيها إلا للسلام وللمحبة.
لعل المثال الأقرب لتأكيد سلمية الشعب العماني وسلمية قيادته هو ما تم تناقله الأسبوع من أخبار وتعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي عما أسماه البعض «احتجاجات» على ارتفاع سعر البنزين، فكل ما قيل وما نشر لم يصل إلى الحد الذي تصل فيه الأمور في كثير من دول العالم، بل أن الأمر بدا وكأن الشعب العماني أراد أن يوصل رسالة إلى المسؤولين في السلطنة ملخصها أن الأفضل هو التفكير في مخارج أخرى لا تتسبب في التأثير سلبا على معيشة المواطنين. والأكيد أن الشعب العماني كان واعيا وهو يعبر عن كل ذلك ويوصل رسالته، وحذرا من استغلال البعض ما يجري للإساءة إلى السلطنة أو القيادة فيها، حيث اهتم ببيان أن الموضوع بسيط للغاية وأن الشعب العماني يعتبر السلطنة وقيادتها خطا أحمر لا يمكن القبول بتجاوزه حتى بلفظ خارج يصدر من غير قصد عن أي شخص في الداخل أو الخارج. هكذا هو الشعب العماني أبدا، وهكذا هي قيادته التي تمكنت بحنكة جلالة السلطان من انتزاع المرتبة صفر في مؤشر الإرهاب.
كاتب بحريني