«شغب» قانوني بين إدارة ترامب ومعارضيه

الحدث الأربعاء ٠٨/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
«شغب» قانوني بين إدارة ترامب ومعارضيه

واشنطن - وكالات

لا شيء يشغل الرئيس دونالد ترامب وإدارته هذه الفترة سوى المعركة الحامية بين البيت الأبيض والمحاكم في النزاع القانوني حول قانونية قرار ترامب يمنع بموجبه دخول مواطني سبع دول إسلامية إلى أراضي الولايات المتحدة.
وأكدت وزارة العدل الأمريكية في دفوع قدمتها إلى محكمة الاستئناف الفدرالية في سان فرانسيسكو، أن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب ومنع بموجبه سفر مواطني سبع دول إسلامية إلى الولايات المتحدة هو «ممارسة قانونية لسلطة الرئيس».

وقالت الوزارة في مطالعة تضمنت دفوعها إن «الأمر التنفيذي ممارسة قانونية لسلطة الرئيس على دخول الأجانب إلى الولايات لمتحدة وقبول اللاجئين». وأكدت المطالعة أن القرار الذي أصدره قاضٍ فدرالي في سياتل الجمعة، وعلّق بموجبه العمل بالأمر التنفيذي في سائر أنحاء الولايات المتحدة «مداه مفرط جداً».
كما اعتبرت الوزارة أن الاتهام القائل بأن هذا الأمر التنفيذي يستهدف المسلمين اتهام «غير صحيح»، وأن القيود التي تضمنها الأمر التنفيذي «محايدة في ما خص الدين».

مسؤولو الولايات يعارضون الحظر

وقدم مدعون عامون من 15 ولاية ومن واشنطن العاصمة، مذكرة أمس الأول الاثنين تدعم الدعوى التي تطعن في حظر دخول البلاد.
وقال المدعي العام في نيويورك الديمقراطي إيريك شنايدرمان: «الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب غير دستوري وغير قانوني وبالأساس غير أمريكي ولن ننظر إلى ذلك الأمر مكتوفي الأيدي وهو يقوض الأسر التي تعيش في ولاياتنا واقتصادها ومؤسساتها».
ومع تعليق الحظر منذ الجمعة، انتقلت المعركة القضائية إلى سان فرانسيسكو، حيث أمرت محكمة أمريكية الإدارة بتقديم مرافعة الاثنين، تدافع عن القرار الذي أصدره ترامب في 27 يناير. وأكد ترامب أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيلحقون الهزيمة بـ»الإرهاب الإسلامي المتطرّف» و«قوى الموت».
وقال ترامب من قاعدة ماكديل في تامبا بفلوريدا- مقر القيادة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط- «لقوى الموت والدمار، اعلموا أن أمريكا وحلفاءها سيلحقون بكم الهزيمة»، مضيفاً «سنتغلب على الإرهاب الإسلامي المتطرّف ولن ندعه يتجذر في بلادنا».
وكان ترامب وقّع مرسوماً أواخر يناير يعطي القادة العسكريين مهلة حتى أواخر فبراير لتقديم «استراتيجية شاملة لهزيمة تنظيم داعش». وأضاف ترامب أن الجهاديين يخوضون «حملة إبادة جماعية، ويرتكبون فظائع في جميع أنحاء العالم». وتابع أن «الإرهابيين عازمون على ضرب بلادنا كما فعلوا في اعتداءات 11 سبتمبر، وكما فعلوا من بوسطن إلى أورلاندو مروراً بسان برناردينو، وفي جميع أنحاء أوروبا».

تزايد المعارضة

أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة «سي ان ان» أن 53 % من الأمريكيين يعترضون على المرسوم الرئاسي حول الهجرة (في مقابل 47 %)، كما كشف استطلاع لشبكة «سي بي اس» أن 51 % يعارضون المرسوم بينما يؤيده 45 %. وكشف استطلاع «سي ان ان» أن نسبة مماثلة من الأمريكيين (53 %) لديها رأي سلبي إزاء ترامب الذي تولى مهامه الرئاسية قبل أسبوعين فقط. إلا أن ترامب يعتبر هذه الاستطلاعات خاطئة. وقال في تغريدة الاثنين «كل استطلاعات الرأي السلبية معلومات خاطئة مثل استطلاعات سي ان ان وايه بي سي وان بي سي خلال الانتخابات».
وتابع «آسف، لكن الناس يريدون الأمن على الحدود وفرض إجراءات تدقيق مشددة».
كما اتهم وسائل الإعلام «غير النزيهة أبداً» بأنها «لا تريد في حالات عدة تغطية هذه الهجمات» دون أن يعطي أدلة تدعم أقواله، مكتفياً بالقول إن وسائل الإعلام هذه «لديها أسبابها وأنتم تعرفونها جيداً».
وبعدها وزع البيت الأبيض قائمة بـ78 هجوماً قال إن تنظيم داعش «نفذها أو كان ملهماً لها»، وقال إن معظمها لم يتلقَ التغطية الإعلامية اللازمة. وفي ضربة جديدة لترامب قدّمت كبريات شركات التكنولوجيا الأمريكية بينها آبل وفيسبوك وجوجل ومايكروسوفت وتويتر، التماساً مشتركاً إلى القضاء ضد أمر ترامب بحظر السفر.
وقالت الشركات الـ97 التي وقّعت على الالتماس، ومعظمهما من شركات التكنولوجيا التي توظف الكثير من المهاجرين، إن الحظر يلحق «ضرراً كبيراً بالأعمال الأمريكية، وتالياً بالابتكار والنمو»، وفق نسخة عن الالتماس نشرت في عدد من وسائل الإعلام الأمريكية.
وقالت شركات التكنولوجيا إن حظر السفر يضر بتوظيف المواهب والاحتفاظ بها، ويهدد عمليات الشركات ويعيق قدراتها على استقطاب الاستثمارات إلى الولايات المتحدة.
وبين الشركات الأخرى الموقعة على الالتماس أيضاً «إر بي إن بي» و«دروب بوكس» و«إيباي» و«إينتل وكيكستارتر» و«لينكد إن» و«ليفت» و«مودزيلا» و»نتفليكس» و«باي بال» و«أوبر» و«يلب».
وأظهر عدد من كبار مسؤولي الحزب الجمهوري مؤشرات جديدة على الانزعاج من الرئيس الجديد، حيث انتقد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، ترامب لمهاجمته القاضي الذي علّق الحظر.
وقال لشبكة سي ان ان: «أعتقد أنه من الأفضل تجنب انتقاد القضاة بشكل فردي».
وطلب المدعون العامون في ولايتي واشنطن ومينيسوتا اللتين حصلتا على تعليق مؤقت لحظر ترامب، من محكمة الاستئناف رفض إعادة العمل بالحظر.
وقالوا إنه قبل الآن لم يفرض أي رئيس أمريكي «حظراً شاملاً على الدخول على أساس ادعاء عام (وغير موثق) بأن البعض يمكن أن يرتكبوا مخالفات». وأضافوا أن «ذلك ينتهك قراراً واضحاً للكونجرس يحظر التمييز على أساس الجنسية».
ومع تعليق الحظر وصل المسافرون من الدول المستهدفة الذين يحملون تأشيرات سارية إلى الأراضي الأمريكية.

تسببت رغبة دونالد ترامب بإغلاق حدود الولايات المتحدة لمنع دخول «إرهابيين» محتملين بمعضلة حول الوضع القانوني لمسألة أساسية: إلى أي حد تصل صلاحيات رئيس أمريكي في مجال سياسة الهجرة؟

مَن يبت بهذه المسألة؟

يمكن أن تنتهي أمام المحكمة العليا في واشنطن التي تحدد الإطار الدستوري للسلطة التنفيذية وتوحد القوانين. لكن في انتظار ذلك يسود تخبط شديد، فقد قدّمت محاكم فدرالية من مختلف أنحاء البلاد ردوداً مختلفة جداً، وبعضها حتى صادق على المرسوم.

ويظهر ذلك جلياً أمام محكمة الاستئناف في سان فرانسيسكو المكلفة بالنظر في قرار القاضي جيمس روبارت في سياتل الذي علّق المرسوم الرئاسي المناهض للهجرة بشكل واسع النطاق اتخذ بعداً وطنياً.

ما هي القوى أمام محكمة الاستئناف؟

الجهات المدعية الأساسية تتمثل بولايتين ديمقراطيتين تقعان على حدود كندا: ولاية واشنطن حيث مقر القاضي روبارت، ومينيسوتا.

وقدّمت مجموعات مختلفة أمام المحكمة التماسات تدعم قضيتها لا سيما المنظمة الكبرى المدافعة عن الحريات «الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية» ومركز قانون ساوثرن بوفرتي- المرصد المتخصص بالتطرّف- أو حتى منظمة مدافعة عن اللاجئين.
وقدّم حوالي 300 أستاذ قانون ونحو مئة شركة في سيليكون فالي- مقر كبرى شركات التكنولوجيا- أيضاً التماسات دعم لقرار القاضي روبارت.
وأخيراً أعلنت حوالي 15 ولاية أخرى والعاصمة الفدرالية واشنطن الاثنين، عن رفع مذكرة تطالب بتثبيت هذا القرار.

ما الحجج القانونية للأطراف؟

برر دونالد ترامب مرسومه المثير للجدل بالسلطات التي أوكلها إليه دستور الولايات المتحدة. وبحسب المادة الثانية في الدستور فإن الرئيس يملك كل الصلاحيات لإدارة الشؤون الخارجية وسياسة الهجرة. وكتب محامو الحكومة في طعنهم الذي قدم الاثنين أمام محكمة الاستئناف، أن المرسوم «يندرج في إطار المهمات القانونية للسلطة الرئاسية». ويرتكز ترامب بخاصة على مادة من القانون اعتُمدت قبل 65 عاماً وتنص على أن الرئيس الأمريكي يملك حق تعليق دخول مئة من الأجانب في كل مرة يعتبر فيها أن وصولهم إلى البلاد «سيكون مسيئاً لمصالح الولايات المتحدة».

ويحاول محامو الحكومة تعزيز هذه الحجة العامة عبر حجة أخرى من المنطق. ويقولون إن القضاء غير مؤهل لكي يتخذ قراراً في مجال الأمن القومي.

وكتبوا في طعنهم، أن «المحاكم لا تملك إمكانية الوصول إلى معلومات سرية، حول التهديد الذي تطرحه منظمات إرهابية». وأمام ذلك، يتذرع معارضو المرسوم أيضاً بالدستور مؤكدين أن النص ينتهك المبادئ الأساسية: حرية التنقل والمساواة بين الأشخاص ومنع التمييز الديني. وذكروا أن دور القضاء هو إحداث توازن مع السلطة التنفيذية عبر حماية الأقليات.
ويؤكدون أنهم استندوا إلى وضعهم كولايات لتقديم الدعوى نظراً لأن مرسوم ترامب له عواقب سلبية في مجال العمل أو قطاعات التعليم أو الأعمال. وأخيراً، حذروا من أن احتمال إعادة العمل بالمرسوم سيهدد الأمن العام بعد الفوضى التي عمت بخاصة في المطارات بعد تطبيقه بدون الإعلان عنه. وبرر ترامب آنذاك هذه السرعة في التنفيذ بضرورة المباغتة.

المرحلة المقبلة؟

يمكن لمحكمة الاستئناف في سان فرانسيسكو أن تصادق على مرسوم ترامب أو على العكس أن تثبت تعليقه.

وفي الحالة الأولى (إعادة العمل به) إذا تمت، فإن السلطات لم تعلن الإجراءات التي تفكر بها والتي ستتيح تجنب توقيفات في المطارات وعمليات الطرد التي أثارت موجة استنكار دولية وتظاهرات. وفي الحالة الثانية، يطبق قرار القاضي جيمس روبارت على كل أنحاء البلاد ويبقي على إمكانية دخول المهاجرين إلى الولايات المتحدة ورعايا سبع دول مستهدفة بالنص. ويشار إلى أن الطرف الذي يخسر الدعوى بإمكانه مطالبة المحكمة العليا بالبت في ذلك.
وفي حال وافقت المحكمة العليا على النظر في هذا الملف المتفجر، فيجب تأمين غالبية من خمسة قضاة من أصل ثمانية للتمكن من تغيير قرار محكمة الاستئناف. لكن هذا الأمر من الصعب تحقيقه، لأن المحكمة العليا منقسمة حالياً عقائدياً بين أربعة قضاة محافظين وأربعة قضاة تقدميين.

مرسوم ترامب حول الهجرة معضلة قانونية