مسافرون عرب يحزمون حقائبهم ويتابعون المعركة على التلفاز

الحدث الثلاثاء ٠٧/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
مسافرون عرب يحزمون حقائبهم ويتابعون المعركة على التلفاز

دمشق- واشنطن -عواصم- - وكالات

في ساعات الصباح الأولى من يوم السبت الفائت تلقى الشاب السوري عادل خبر تعليق حظر السفر إلى الولايات المتحدة، فقفز من سريره مسرعاً ليحجز أول تذكرة سفر تأخذه إلى زوجته لمياء في نيويورك.

يقول عادل (25 عاماً) في منزله في حي المهاجرين في دمشق: «كنتُ نائما حين اتصلت بي زوجتي فجر أمس (السبت)، وأخبرتني عن صدور قرار رفع الحظر».

ويضيف خريج كلية الحقوق في دمشق «نهضتُ فوراً ولم أنم منذ ذلك الحين، أشعر بسعادة ما بعدها سعادة».
شعر عادل وقتها كأنه يعيش في «كابوس» خاصة أنه حصل على التأشيرة الأمريكية قبل أسبوعين من صدور قرار ترامب وبعد عام من الإجراءات الضرورية تخللتها خمس زيارات إلى السفارة الأمريكية في بيروت.
بقي الشاب يتابع الأخبار الآتية من الولايات المتحدة على أمل أن يسمع أي أخبار جيدة، وهذا فعلا ما حصل.
وخشية أي طارئ قد يخيب آمالهما باللقاء مجدداً بعد عام على زواجهما، عمد الزوجان إلى تقريب موعد سفر عادل.
ويروي عادل: «وجدتُ حجزا على الطيران الأردني مباشرة من عمّان إلى نيويورك»، مضيفا: «ستقلع طائرتي غداً (اليوم الثلاثاء) صباحا، ومن المفترض أن أصل بعد الظهر».
ومن منزلها في نيويورك تقول لمياء (22 عاما) لفرانس برس عبر الهاتف «الأهم حاليا هو أن يسافر بأسرع وقت، وأن يصل إلى أمريكا قبل أن يصدر المجنون قراراً آخر»، في إشارة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. تجدر الإشارة إلى أنه تم استخدام اسمين مستعارين هما عادل ولمياء. ويزدحم منزل عادل بالمودعين من أقربائه أثناء توضيبه حاجياته ونقله حقائبه إلى السيارة التي ستقله إلى مطار بيروت ومنه إلى عمّان قبل أن يغادر صباح الاثنين للقاء زوجته.

أمل في الحقائب

أبقى عادل طوال الفترة الفائتة على حقائبه التي حضرها للسفر مغلقة فوق بعضها البعض.

ويقول: «شعرتُ أن الأمل موجود داخل هذه الحقائب، وإذا فتحتها فكأني اعترف لنفسي بالفشل وبأني باق هنا».
ويضيف: «أبقيتها جميعها مغلقة سوى واحدة اضطررت أن أفتحها كون فيها حاجات أساسية».
يساعد والد ووالدة عادل ابنهما على حزم ما تبقى من أمتعة، يدقق ابن خالته في موعد الطائرة ويتصل بسائق السيارة التي ستقله إلى بيروت.
يلتقط عادل صوراً له في المنزل قبل أن يغادره وهو الذي لا يزال متفاجئاً من سرعة تبدل الأمور.
تتصلُ لمياء، التي تحمل الجنسيتين الأمريكية والسورية، بزوجها مرات عدة وتؤكّد عليه ألا ينسى أي ورقة ثبوتية، والأهم أن يضع جواز سفره في جيبه.
حافظت لمياء طوال الأيام الفائتة على تفاؤلها خاصة حين مشاهدتها للتظاهرات المناهضة لقرار الرئيس الأمريكي.
وتقول: «كنت أتابع بشدة كل ما يصدر حول قرارات ترامب وأشعر بالسعادة كلما شاهدت تظاهرة مناهضة لها حتى أنني كنت متفائلة بأن يصدر قرار جديد يلغي الأول». وتقول لمياء: «لقد خاب أملي بالرئيس الأمريكي وليس بالديموقراطية الأمريكية».
وتروي: «حين صدر القرار كتبتُ على أحد جدران المطبخ في المنزل «أؤمن أننا سننتصر»، واليوم أضفت إلى جانبها عبارة «نعم لقد فعلناها».
وبرغم فرحها لا تخفي لمياء قلقها من أي تغيير قد يطرأ في اللحظات الأخيرة.
وتخلص إلى القول:»لن يطمئنّ قلبي حتى أراه داخل منزلي في نيويورك، فرحتي ناقصة حتى أراه بعيوني قد خرج من المطار».

تعليق الحظر

ورفضت محكمة فدرالية أمريكية الأحد طلب وزارة العدل إعادة العمل بمرسوم رئاسي يحظر دخول مواطني سبع دول مسلمة إلى الولايات المتحدة، في صفعة جديدة للرئيس دونالد ترامب الذي رد باتهام القضاء بتعريض أمن البلاد «للخطر».
وكانت وزارة العدل استأنفت مساء السبت قرار قاض فدرالي علق تطبيق المرسوم الذي وقعه ترامب قبل ثمانية أيام ما أعاد فتح أبواب الولايات المتحدة أمام مواطني الدول السبع وهي العراق وليبيا والسودان وسوريا والصومال واليمن وإيران.
لكن محكمة فدرالية رفضت صباح الأحد طلب وزارة العدل، وطلبت بالمقابل من ولايتي واشنطن (شمال غرب) ومينيسوتا (شمال) اللتين كانتا وراء الشكوى ضد مرسوم ترامب، توفير وثائق تدعم طلبهما وذلك قبل انقضاء يوم الأحد.
كما أمهلت وزارة العدل حتى بعد ظهر الاثنين لتقديم وثائق جديدة تدعم طلبها.
ومساء الأحد شن ترامب هجوماً عنيفاً لليوم الثاني على التوالي على المحاكم الفدرالية، محذرا من أن النظام القضائي يعرض بهذه الأحكام أمن البلاد «للخطر».
وقال ترامب في تغريدة على تويتر: «لا يمكنني أن أصدق كيف يمكن لقاض أن يعرض بلدنا لمثل هذا الخطر. إذا حصل شيء فاللوم يقع عليه وعلى النظام القضائي. الناس يتدفقون. هذا مؤسف».
وأضاف في تغريدة ثانية: «لقد أمرت وزارة الأمن الداخلي بإخضاع الذين يدخلون إلى بلدنا لتفتيش دقيق للغاية. المحاكم تجعل العمل صعبا للغاية!».
وأطلق ترامب العنان لتغريداته بعد انقطاعه، على غير عادته، طيلة النهار تقريباً عن وسيلة التواصل المفضلة لديه.
وأعلنت الخارجية الأمريكية من جهتها السبت تعليق العمل بقرار ترامب إلغاء نحو 60 ألف تأشيرة. وسارعت شركات الطيران إلى نقل الركاب المتوجهين إلى الولايات المتحدة من رعايا الدول السبع شرط حملهم تأشيرات دخول صالحة.
وقال بيتر سبيرو استاذ القانون في جامعة تمبل في فيلادلفيا لفرانس برس: «من الواضح أن الأشخاص الذين استهدفوا رسميا بالحظر بات في إمكانهم السفر ودخول الولايات المتحدة».
ونصح المسافرين المعنيين بـ»الإسراع إلى المطار والصعود إلى الرحلة المقبلة» لأن البيت الأبيض قد يرد «سريعاً جداً».
واعتبرت الشكوى التي قدمها الاثنين بوب فرجسون وزير العدل في ولاية واشنطن أن المرسوم يتعارض مع الحقوق الدستورية للمهاجرين لأنه يستهدف بشكل خاص المسلمين.
وقال فرجسون بعد قرار قاضي سياتل الذي يعود تعيينه في منصبه إلى عهد الرئيس الجمهوري الأسبق جورج دبليو بوش، «لا أحد فوق القانون ولا حتى الرئيس».
وكان قرار ترامب ترجم في نهاية الأسبوع الفائت باحتجاز 109 أشخاص في مطارات الولايات المتحدة من المقيمين بشكل شرعي في الولايات المتحدة بحسب ما قال البيت الأبيض، في حين منع مئات آخرون من الصعود إلى الطائرات للتوجه إلى الولايات المتحدة.

قصة طبيب

انتهى الأحد الكابوس الذي عاشه الطبيب السوداني كمال فضل الله، وتمكن أخيرا من الالتقاء مجددا بأصدقائه وزملائه في نيويورك، بعد أسبوع من منعه من العودة.
وكان الطبيب الذي يعيش في بروكلين يقضي عطلة في بلده السودان عندما علم بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ينوي منع حاملي التأشيرات الأمريكية من السودان وستة بلدان أخرى ذات غالبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة.
قام فضل الله بحجز بطاقة سفر للعودة مبكراً قبل انقضاء عطلته، لكنه لم يكن سريعاً كفاية، ووجد نفسه الأسبوع الفائت يقف في طابور قبل الصعود إلى الطائرة، لكن تم إنزاله لاحقا وإبلاغه أنه لن يتمكن من السفر. ولم يكن أمام الطبيب سوى البقاء في السودان، فيما عمل أصدقاؤه في نيويورك مع مجموعة من المناصرين والمحامين على إيجاد طريقة لإدخاله مجددا وبأسرع ما يمكن. ومع قيام قاض فدرالي في سياتل بوقف العمل في مرسوم ترامب الجمعة، تمكن فضل الله من السفر إلى الولايات المتحدة في اليوم التالي.
وفي قاعة الوصول في مطار جون ف. كينيدي الدولي كان مختار صديق فضل الله وزميله في المهنة في انتظاره، فيما هرع ابن مختار الصغير لملاقاته ومعانقته.
وقال فضل الله الذي بدا عليه الارتياح «إنه شعور عظيم»، بعد رحلة بدأت ليلا من مطار دبي، مضيفا: «كان أسبوعا صعبا بحق، لكن النهاية كانت سعيدة».
وكان صديقه بين مجموعة من الأطباء والمهنئين الذين شاركوا في استقباله بالهتافات وهم بلباس الأطباء الأبيض.
وصرخ أحدهم «أهلا بك في وطنك»، وكان يمكن سماع صوت بكاء فيما فضل الله يحتضن ابن مختار.
وقال فضل الله الذي يتحدر من مدينة مدني السودانية إن أول شيء يريد القيام به هو الاتصال بوالدته وشقيقته لطمأنتهن بأن كل شيء على ما يرام.
وأجاب عندما سأله أحدهم عن رأيه بالمنع المؤقت الذي طال رعايا إيران والعراق وليبيا والسودان والصومال وسوريا واليمن، «كان فعلا شيئا رهيبا وصادما».

بلد عظيم

وقال الطبيب السوداني وهو يتطلع للعودة إلى عمله بأسرع ما يمكن ورؤية مرضاه مجددا «العدالة هي العدالة، والقانون هو القانون، إنه بلد عظيم»، مضيفا:»سأكون سعيدا برؤيتهم جميعا».

ومن بين الذين حضروا الاستقبال في المطار المحامية العامة في نيويورك ليتيسيا جيمس من الحزب الديموقراطي.
وقالت جيمس للصحافيين «أنا أؤمن بالحرية، وأؤمن بالحريات المدنية، وأؤمن أيضا بأن هذا الطبيب الذي قدم الكثير لوسط بروكلين يستحق الاحتفاء به، ويجب أن يكون واثقا بأن أمريكا هي ملجأ آمن».
ووصفت جيمس المنع بأنه «غير دستوري، وغير قانوني، وغير أخلاقي»، واعتبرت أن ترامب «تجاوز صلاحياته». وأضافت «عليه أن يقرأ الدستور وأن يفهمه».
وكان من بين المستقبلين خورام مهتابدين (30 عاما) من لونغ ايلاند، الذي حضر لاستقبال فضل الله بالرغم من أنه لا يعرفه، لكن المنع أغضبه كثيرا.
وقال مهتابدين لفرانس برس عن طبيب مركز انترفايث الطبي «إنه هذا النوع من الأشخاص هو من يجعل هذا البلد عظيما».
ووالدا مهتابدين طبيبان أيضا جاء الى أميركا قبل أربعين عاما بواسطة نفس برنامج الإقامة التنافسي الذي ترعاه الحكومة الأمريكية.
وتابع: «نحن جميعا مستاؤون. وهذا ليس فقط من اجل الأطباء، بل من أجل سائقي سيارات الأجرة ومالكي المطاعم الصغيرة، والإنسان العادي الذي تحطمت حياته بالكامل جراء منع السفر السخيف هذا».
وأضاف: انه كان هناك «نقص هائل» في عدد الأطباء في الولايات المتحدة، وقام أطباء من ذوي الكفاءة مولودون في بلدان أجنبية بتعبئة هذا الفراغ، وهم يعملون أحيانا في مناطق تنقصها الخدمات ما يساعدهم على الحصول على البطاقات الخضراء بسرعة.
وقال مختار صديق فضل الله وزميله خلال أيام الدراسة في السودان «أنا حقا سعيد».
صباح الأحد وقبل وصول فضل الله جلس ابنا مختار اللذان يبلغان الثالثة والسادسة من العمر على أرض المطار ليكتبا لافتات ترحيب. وكتب الابن الأكبر «كمال، أنا مشتاق إليك».
وفي طهران قالت شابة إيرانية (30 عاما) لفرانس برس إنها أعادت حجز تذكرتها إلى الولايات المتحدة وأنها مستعدة للسفر في وقت متأخر من الأحد لرؤية شقيقها.
وأضافت: «حتى يوم أمس كنت أشعر بخيبة أمل كاملة. لدينا أمل جديد بعد هذه الأنباء. أنا مستعدة للمغامرة لأن نسبة النجاح مساوية لنسبة الفشل» في الوصول إلى الولايات المتحدة.