أسعار الوقود.. والحل السحري!

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٥/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
أسعار الوقود.. والحل السحري!

محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com

حاولت أن أتجنب الكتابة عن ارتفاع أسعار الوقود، وهي نتيجة لرفع الدعم الحكومي عن هذا المنتج الحيوي ما وضعه أمام سلطة الميزان العالمي في أسعار البيع للمنتجات النفطية، حيث البنزين والديزل أهمها بالنسبة لحركة حياتنا اليومية، إذ إن كثيراً من منازلنا تصطف أمامها السيارات، مثنى وثلاث ورباع، واحدة لكل موظف.
تجنبت الكتابة، رغم أنه لا مناص من ذلك، كونها أزمة وطن لا أزمة مواطن فقط، وكلاهما (نبض واحد) كما هو الشعار الكروي، إنما تجنب ذلك راجع إلى أمرين: القول إن رفع الدعم ضروري لاعتبارات اقتصادية تم شرحها كثيراً، وبذلك تحسب على الحكومة، ولا أريد أن أحسب لا معها ولا عليها، يكفيني أن أكون مع نفسي، كما لو أني كتبت بأن قرار رفع الدعم فاشل فأحسب مع الناس في قضية "جماهيرية" بامتياز، وهذا ما لا أريده أيضا.
ولذلك، سأمسك العصا من النصف، كما يتهمني البعض، أو يمتدحني آخرون، رفع الدعم مهم جداً، وأيضا هو قرار غير صائب.. بشكله الحالي على الأقل.
تبدو المسألة متناقضة..
ربما، أتفهم وجهة نظر من يرى ذلك، لكنني أعود لأشرح وجهة نظري التي لا ألزم بها أحدا.. وهي أن الحكومة حرصت منذ البداية على تجنيب المواطن أي تأثير بسبب هذه الأزمة، واتخذت مجموعة خطوات إيجابية في هذا الجانب، رغم الاختلاف على بعضها، حيث هناك السمين مما يمكن ترشيده فتركوه، مقابل القليل والضروري الذي حرصوا على تجفيفه.
كان المبلغ الذي تدفعه الدولة لدعم أسعار الوقود كبيراً جداً، وفي الأزمة النفطية فإن الوضع المالي الصعب أودى إلى هذا الخيار (المر)، وتم تقبله بداية حيث لم يكن إلا قليل من الفارق، لكن تمّ تصعيد الأمر تدريجياً ليصل إلى وجبة عائلة كاملة، وربما سيكون بقيمة ثلاث وجبات يحتاجها مواطن بسيط، الأمر أكبر من ثقافة الاستهلاك، ليصل به إلى حافة الفقر.
ما الحل إذن؟
ردود الفعل يجب أن لا تهمل، وهي صاخبة، وقابلة للتطور أكثر، سواء أكانت مبالغ فيها أو ضمن صرخة الموجوع من الضربات المتلاحقة، ومن يعش الحاجة فإنه لن ينظر إلى ما قامت به الحكومة وما يمكن أن يقارن بالدول الأخرى، وإجراءاتها الترشيدية.
ليس المواطن من يحتاج، بل الدولة، لدراسة ما يجري، بعيداً عن كلمات من نوع "التأجيج" و"الصراخ المفتعل"، فمعالجة الأزمات المالية ليس بإجراءات الترشيد فقط، بل بإجراءات من نوع آخر تقع تحت مفردة الترشيد أيضا، إعادة تقييم الهيكل الإداري للدولة، دمج وزارات، إلغاء ما لا نحتاجه منها، التفكير في ضريبة الدخل، والنظر بواقعية وجدّية إلى بطاقات التموين التي تعطى للمستحقين.
ببساطة متناهية: نعم للخروج من مفهوم الدولة الريعية التي تنفق، مقابل عدم إنتاجية وفاعلية، ونعم للوقوف مع المواطن، ذلك الذي عليه أن يقطع مئات الكيلومترات يومياً، بين أسرته الواقعة خارج مسقط، وعمله الذي لا يمكنه الاقتراب منه سكناً، لأن راتبه لا يكفي أن يشاركه فيه مؤجر يأخذ نصفه على الأقل..
على المواطن أن يتحمل من أجل بلاده.. لكنه يأمل من "حكومته" أن تخفف الضغط عنه، فهناك عشرات الظروف تضغط عليه!!