الفحص قبل الزواج وسيلة وقائية من الأمراض الوراثية

بلادنا الخميس ٠٢/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:١٥ ص
الفحص قبل الزواج وسيلة وقائية من الأمراض الوراثية

خاص -
اعتبــرت منظمـــة الصحة العالمية (WHO) إجراء الفحص الطبي قبل الزواج من أهم الإجراءات الوقائية التي تحد من انتشار الأمراض الجينية والأمراض الوراثية في العالم.

وقد اعتمدت وزارة الصحة برنامج الفحص الطبي قبل الزواج كوسيلة وقائية فعالة للحد من انتشار الأمراض الوراثية والتشوهات الخلقية، ولخفض معدل حدوث وفيات الأطفـــال الناتجة عن هذه الأمـــراض. فقــد تـــم تضمين خدمة الفحص الطبي قبل الزواج ضمن حزمة الخدمات المقدمة في مؤسسات الرعاية الأولية في العام 1999. وتقدم هذه الخدمة لجميع العمانيين المقبلين على الزواج والراغبين في إجراء الفحص بشكل اختياري غير إلزامي.

ضعف الإقبال

وجاء في ورقـــة عمـــل قدمتها رئيسة قسم الفحص الطبي قبل الزواج بوزارة الصحـــة د. ريـــة الكميانية تضمنت استبيانا تحليليا أجري في العام 2014م أن 5.5 % فقط من الفئة المستهدفة استفادت من الخدمة المقدمة، ما يدل على ضعف الإقبال على الخدمة.
وذكرت الدكتورة في ورقتها التحديات والصعوبات التي تواجه برنامج الفحص قبل الزواج لكي يحقق الأهداف التي وضع من أجلها وهي: قلة الوعي بأهمية وجود الفحص الطبي قبل الزواج ويمكن التغلب على هذه العقبة برفع الوعي المجتمعي بالأمراض الوراثية وطبيعة انتقالها وتأثيرها على الفرد والمجتمع.
وأيضا تفضيل الزواج بين الأقارب إذ تبلغ نسبة زواج الأقارب في السلطنة بالإجمال 56.5 %، 24.1 % بين الأقارب من الدرجة الأولى، 11,8 % بين الأقارب من الدرجة الثانية، و 20,4 % بين الأقارب من درجات قرابة عائلية أبعد، وهذا يعمل بشكل كبير على انتشار الأمراض الوراثية ويشكل عائقا كبيرا أمام الحملات التوعوية بخصوص الأمراض الوراثية وطبيعة توارثها من أجل الحد من انتشارها.
أما الأخصائية الاجتماعية رسمية العبرية فقالت: إن من بين التحديات التي يواجهها البرنامج الارتباط العاطفي بين الطرفين الـــذي يرفض الرضـــا بالواقع بناء على نتائج التحاليل، وضعف دراية الأفراد بأن الفحص قبل الزواج ليس المقصود منه منع الزواج لكثير من الحالات، بل هي وسيلة توعويــة فـــي حال إقرار الطرفين بالارتباط، تمنحهما فرصـــة الحصول على معلومات صحية عن طريق عيادات المشورة قبل الزواج، وتقلل من الآثار الصحية والنفسية السيئة التي قد تواجههما وتواجه أفراد أسرتيهما.

زواج الأقارب

ويعد زواج الأقارب من المسببات للأمراض الوراثية وينبغي على الراغبين بالزواج أن يقوموا بالفحص الطبي للاطمئنان على حالتهم المستقبلية وأطفالهـــم، حيث إن الورقـــة التي قدمتها د. رية الكميانيـــة أشارت إلى أن الدراسات أكدت على أن احتمال الإصابة بالأمراض الخلقية لدى الأطفال المولودين لأزواج أقرباء أعلى مقارنة بالمولودين لمتزوجين من غير أقاربهم. وتــزداد نسبة هذه الأمراض كلما زادت درجة القرابة؛ إذ يتوقع إحصائيا أن يصاب طفل واحد من كل 25 طفلاً بمرض وراثي ناتج عن خلل في الجينات أو بمرض له عوامل وراثية خلال الخمس والعشرين سنة من عمره، مثل عيب خلقي شديد، وتأخر في المهارات وتأخر عقلي. وتسعة من هؤلاء المصابين بهذه الأمراض يتوفون مبكرا أو يحتاجون إلى البقاء في المستشفيات لمدة طويلة أو بشكل متكرر. وفي السلطنة تشير الدراسات إلى أن زواج الأقارب يعتبر السبب الرئيسي لحدوث 74 % من حالات التشوه الخلقي.

آثار نفسية واجتماعية

وعن الآثار النفسية والاجتماعية للمصابين بأمراض وراثية تقول أخصائية العلاج النفسي والإرشاد والتوجيه الأستاذة مريم بنت سالم العبرية: تبدأ أعراض هذا المرض في الظهور مند الطفولة ويحتاج المريض إلى علاج منتظم، حيث إن العلاج يستدعي المراجعة المستمرة والدخول المتكرر في المستشفى، حيث تترك هذه العوامل آثار نفسية سلبية على المريض وعلى والديه وأسرته، وقد تؤدي إلى اضطرابات نفسية وتؤثر على علاقاته الأسرية والاجتماعية. ويمكن تقسيم هذه الآثار إلى قسمين:
الأول: شعور الطفل بأنه معرض للألم المستمر بواسطة العلاجات المتعبة، والاعتماد المفرط على الوالدين نتيجة العطف والحنان الزائدين، والانطوائية بسبب تأخره في النمو وما يتبعه من عدم القدرة على ممارسة النشاطات المختلفة التي يقوم بها الأصحاء من أقرانه، وقد يشعر المصاب بأن حياته محفوفة بالمخاطر وهو في سن مبكر بسبب المرض، وقد يصاب المريض في سن المراهقة برد فعل ويتخلى عن متابعة العلاج ليثبت للآخرين أنه شخص لا يحتاج إلى أي علاج وهذا بالطبع سيؤدي إلى عودة حدوث أعراض المرض ومضاعفاته، والتأخير في التحصيل الدراسي وما يصاحبه من مشاكل، وصعوبة الحصول على عمل مناسب أو تكوين عائلة.
ثانيا: الآثار النفسية على الوالدين كالإحساس بالذنب بسبب إنجاب طفل مصاب، والإصابة بالصدمة عند معرفة إصابة الطفل بالمرض، وخاصة إذا عرف الوالدان أن هذا المرض مزمن ويحتاج علاجا مستمرا، والعطف والحنان الزائد على الطفل المصاب الذي قد يؤدي بدوره إلى انصراف الأبوين عن العطف على الأطفال الآخرين مما يعرض الأسرة إلى بعض المشاكل، والمشاكل الاقتصادية، وخاصة إذا كان الدخل المالي للوالدين متوسطا أو ضعيفا لاسيما الأماكن التي لا يتوفر فيها علاج قريب من الأسرة.