عين على محتوى منصات التواصل الاجتماعي

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٢/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
عين على محتوى منصات التواصل الاجتماعي

موسى البلوشي
@mo_balushi

الإعلام الاجتماعي قصة، والقصة هي محتوى وتفاعل، مدى نجاحك في روايتك لقصتك بشكل مثير ومختلف ومتجدد هو ما يصنع الفرق فالقصص والأحداث التي تروى كثيرة.
للأسف فإن المحتوى العربي على منصّات التواصل الاجتماعي يغلب عليه التكرار، وهناك بروز للمحتوى الإخباري والفني مع غياب واضح للمحتوى التخصصي الذي يفترض أن يتسيّد المشهد، وهنا نتساءل عن حس المسؤولية لدى المتخصصين في مجالاتهم والذي يعزفون عن استخدام هذه الوسائل، وربما حضروا لكن مع تقديم خجول لمعارفهم وخبراتهم، فالمحتوى الجيد بحاجة إلى صناعة وفكر، وإلى وقت وجهد وتضحيات.
ضعف المحتوى على منصات وتطبيقات الإعلام الاجتماعي يتحمله بالدرجة الأكبر المستخدمون، فصناعة المحتوى ليست مسؤولية المؤسسات الرسمية بل المستخدمين، وخاصة المتخصصون منهم، مسؤولية المبادرات والمجموعات والشركات الناشئة في مختلف القطاعات، مسؤوليتها أن توجد وفق استراتيجيات مدروسة من أجل الحضور النشط والفاعل على هذه المنصات والتطبيقات.
من وجهة نظري فإن المحتوى البصري والتفاعلي المرتبط بالجانب الإنساني والوطني، والمحتوى التعليمي، مع المحتوى التحفيزي كقصص النجاح هي الأكثر تأثيراً ومتابعة اليوم، الناس تميل إلى متابعة الأشخاص الملهمين والذين يقدمون المساعدة للآخرين، كلنا نتذكر التفاعل الكبير الذي حظيت به صورة الطفل السوري الذي وجد ملقى على أحد شواطئ تركيا في رحلة الهروب من الصراع، والتفاعل والتضامن مع ضحايا الأحداث المؤسفة التي عصفت العالم في العام الماضي، كما نتذكّر محليّا التفاعل مع الصيّاد العماني الذي عثر على كميّات كبيرة من العنبر في رحلة صيد، وكلنا نلاحظ التفاعل الكبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مع المناسبات الوطنية.
أما ما يتعلق بالمحتوى الترفيهي فهو محفّز للتفاعل والمشاركة، وارتبط أكثر بالفيديو، والمنصات الأبرز لهذا النوع هو يوتيوب وسناب شات وإنستجرام، وبحسب إحصائيات جوجل لأكثر مقاطع الفيديو مشاهدة في الوطن العربي على اليوتيوب لعام 2016 فقد ضمت قائمة الأعلى مشاهدة، إلى جانب الأغنيات، المقاطع والفيديوهات الساخرة، التي تبث حصريّا على اليوتيوب، ويغلب عليها طابع النقد الساخر بطريقة مختلفة، وهناك كلمة سر أخرى في نجاح هذه المقاطع؛ فجميعها محصلة لصناعة شبابية وجدت في اليوتيوب غايتها، فبروز شباب صانعين للمحتوى المرئي الترفيهي في الوطن العربي ساهم في بناء جمهور متابع لهذا المحتوى.
هناك أدوات بمثابة فضاءات لم تستغل حتى الآن بشكل مثالي على جميع الوسائل وهذه الفضاءات كانت أبرز اتجاهات الإعلام الاجتماعي في 2016م، نتحدث عن المحتوى المرئي وتحديدا عن ميزات البث المباشر خاصة في يوتيوب وفيس بوك وتويتر وميزة القصص في انستجرام، رغم ذلك لم نشاهد توظيفاً لهذه الميزات التي تنافست المنصات على طرحها وابتكار التقنيات لجذب المستخدمين إليها، خاصة على مستوى المؤسسات، وربما يعود السبب لحداثتها، وانتظار التجارب الأولى ثم السير خلفها، وهناك من ينظر إلى هذه الميزات على أنها خاصة بنقل الفعاليات والمناسبات كالمؤتمرات والبرامج التدريبية.
البعض يعتقد أن صناعة المحتوى الترفيهي والمرح أمر سهل، لكن الأمر ليس بهذه الصورة خاصة ونحن نتحدث عن محتوى يتحدث بلغة عالمية يفهمها الجميع، فهو بحاجة إلى أشخاص يملكون حس الدعابة وبعداً واسعاً في فهم الثقافات المختلفة، ومع هذا الحس لا بد أن يكون التوازن حاضراً بعيداً عن الرتابة والإسفاف والقدح في الآخرين.
الجمهور يشعر بالارتياح عندما يضحك، حين يشاهد رسماً كاريكاتورياً أو وجهاً تعبيرياً يعبّر عن حالته أو يمثل لحظته وشعوره وما يخرجه من حالة التوتر والحزن، حين يخرجه من روتين حياته اليومية، حين يرتبط بحالة عاطفية معينة.

وانتقالاً للمحتوى التعليمي الذي رغم ندرته وغياب التخصصية في مجالاته، إلا أن هناك تعطشاً كبيراً وإقبالاً واسعاً ومتابعة نلاحظها من خلال المؤشرات المختلفة والجمهور الواسع نتيجة الحضور النشط لحسابات المبادرات والمؤسسات التعليمية في وسائل التواصل الاجتماعي، وحين نتحدث عن المحتوى التعليمي فإننا نخرج من الدائرة التي تحصره في المحتوى التعليمي المدرسي أو الجامعي إلى التعليم الذي يمنح الناس إمكانية اكتساب مهارة جديدة، إلى كل من شأنه أن يعزز أن الاستثمار في الإنسان يفتح الآفاق للمستقبل.
أخيراً نحن بحاجة إلى وقفة جادة لمراجعة محتوى منصّات التواصل الاجتماعي وتقييمه وتقديم محتوى أصيل ومتجدد عبر مشاريع ومبادرات ترفع من قيمة المحتوى العربيّ وتحسّن حضوره على هذه المنصّات.