اقرأ.. ما أنا بقارئ

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٢/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
اقرأ.. ما أنا بقارئ

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby
malrahby

حفظنا، في مرحلة مبكرة من العمر، هذا الحوار/‏‏ الرسالة والذي شكل منطلقاً ومنهج ديانة جديدة حملت إلى الدنيا فكراً جديداً في وقت كان العرب أحوج من غيرهم إلى هذه الكلمة وسط (جهالة) طاغية، كطغيان القبليّة، هذه التي بقيت كل هذه القرون، حتى ورجال قريش تضيء قلوبهم روحانية عظيمة لدين عظيم.

حوار بين النبي محمد ومبلغ الوحي جبريل، عليهما السلام.. محوره القراءة، المعرفة، «اقرأ باسم ربك الذي خلق» حيث ضرورة تعرّف الإنسان على نفسه أولاً قبل كل شيء، ممّ خلق، «خلق الإنسان من علق» وصولاً إلى المعرفة الكونية «علّم الإنسان ما لم يعلم».

أسوق هذه الأفكار، رغم عدم تخصصي في خوض محيطها، للتدليل على قيمة القراءة، فيما نجد بيننا مَن لا يريد أن يقرأ، وهم محسوبون على فئة المتعلمين (المعلمين) والقدوة، ولا أعني بكلمة المعلمين المدرسين فقط، بل حتى أولئك الإعلاميين والأكاديميين (في مستويات عدة) والذين يتولون مسؤوليات قيادية، والآباء (بالضرورة) بين هؤلاء أيضاً.. يجدون وقتاً لكل شيء.. إلا للقراءة.
لماذا لا نقرأ؟
السؤال الدائم، والمستهلك، والذي أطرحه أسبوعياً، بطريقة ما، للحديث عنه أو في محيطه، للتذكير بقيمة القراءة في حياة الشعوب، حتى وإن عاكست هذه رغبة حكومات شتى، لا تريد تكاثر «المثقفين» وإن تناسلوا رغماً عنها فإن (تقزيمهــم وتهميشــهم وضرب بعضهم ببعـض) أســـاليب بـدأت تؤتي ثمــارهــا في بلدان عدة.
أعدّ القراءة قضيتي، لأعرّف بها دائماً، كتابة (عبر المقالات) وحديثاً (في المحاضرات والاستضافات) وصولاً إلى الجلسات الجامعة لزملاء وأصدقاء، أحاول تحريك محبة القراءة في قلوبهم، مفنداً أعذارهم، حيث المعضلة على محورين: الوقت، والمزاج.
بينهم مَن لا يجد الوقت.. وآخر ليس مزاجه القراءة.
كأنما الوقت المفترض للقراءة هامشي وليس أساسياً، وكأنما عليها أن تخضع للمزاج، وليست واجباً كما يليق بفكرة تعزز معرفتنا بأنفسنا وخالقنا والكون من حولنا، وكم رائع ذلك الناقد الذي عرفته بسعة اطلاعه عندما قال إنه باع قميصه لعارض كتب على الرصيف من أجل كتاب وجده بعد طول عناء، وخشي ألا يجده عندما يحصل على المال اللازم، على قلّته.
قلت لصديق ذات مرة: هل تجد ساعتين لمتابعة مباراة يومياً؟ ومع إجابته بالإيجاب قلت له جرب أن تقرأ نصف ساعة فقط يومياً، وهناك كتابات عميقة عن كرة القدم تناولها كتّاب قصة وروائيون، بمعنى أن تبدأ بالقراءة في المزاج الذي تحب، حيث التحليل النفسي لفكرة لعب الكرة، وما قد يحدث «لحارس مرمى» على سبيل المثال من تحديات تلامس روحه قبل أن يخشى على جسده من الخراب حيث يعود إلى بيته خالعاً حذائه الذي يعشقه.
من هذا المزاج يمكن بدء علاقة محبة مع القراءة، الدخول في روحانياتها، وإشغال النفس بـ(حق) الفكر بدلاً من أن تنشغل بـ(باطل) ما أوسع أبوابه.