التأمين ضد التعطل !

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٢/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
التأمين ضد التعطل !

علي بن راشد المطاعني

‏تعزيز روح العمل في القطاع الخاص في السلطنة، مسألة شائكة على كل الأصعدة والمستويات وتتطلب تفهماً واسعاً من كل جهات الاختصاص، ومن كافة شرائح المجتمع، باعتبار أن العمل في هذا القطاع هو الخيار الأوحد والأهم هكذا أمسى في ظل المتغيرات والمستجدات الاقتصادية الراهنة.
إن إيجاد وتوفير الضمانات والحماية التأمينية أحد مرتكزات تشجيع الشباب العماني لسبر أغوار سوق العمل في هذا القطاع، ثم إن تهيئة بيئات وإضفاء المزيد من المزايا لأبنائنا في القطاع الخاص وريادة الأعمال أحد البدائل التي يجب التركيز عليها في الفترة المقبلة، ولعل دراسة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لنظام التأمين ضد التعطل للقوى العاملة الوطنية المسجلة في التأمينات الاجتماعية يأتي في هذا السياق الهادف إلى تضييق الفجوة بين القطاعين العام والخاص، وهذا من شأنه توفير الحماية الاجتماعية خلال فترة التعطل للعاملين في الشركات في أوقات الأزمات المرادفة للهزات الاقتصادية بين فترة وأخرى.
بل إن هذا النظام في حالة إقراره وتنزيله لأرض الواقع سيعد أحد أهم آليات إدارة سوق العمل عبر أبعاده الاجتماعية والأمنية إذ سيوفر معالجة للمخاطر المحتملة كتسريح العمال في الشركات عندما يتراجع الأداء الاقتصادي لأي سبب من الأسباب.
وهو أمر يتطلب منا جميعاً الإسهام بفاعلية وجدية لإنجاز هذا النظام وتسريع خطواته لكي يغدو إحدى الأدوات التي تحفز على العمل في القطاع الخاص في السلطنة.
بلاشك أن توفير الحياة الكريمة للمواطن سيظل هماً وطنياً يؤرق ويوجع مضاجع كل الجهات الحكومية المختصة بل هو الشغل الشاغل للجميع، وبحث إنشاء نظام التأمين ضد التعطل من العمل ومناقشته من المختصين في الجهات الحكومية وفي غرفة تجارة وصناعة عمان، واتحاد عمال سلطنة عمان، باعتباره يمثل أطراف الإنتاج في البلاد، ذو أهمية للاطلاع على مرئياته في تمويل هذا النظام، والوقوف على الآليات المتوفرة والتيقن من مدى تناسبه مع الأوضاع الاقتصادية في البلاد ومدى قدرته على تحسس أوضاع وظروف العاملين.
‏فتطبيق النظام الذي سوف تشارك فيه كل الأطراف من شأنه أن يحقق الكثير من الفوائد لعل أهمها تحقيق الاستقرار النفسي والمعنوي والاجتماعي للقوى العاملة الوطنية في هذا القطاع.
من بين التوجسات التي تقلق القوى العاملة الوطنية العاملة في القطاع الخاص هي قلة الضمانات ضد التعطل أي الفصل من الوظيفة، وتشكل إحدى التحديات التي تسعى الجهات المختصة من خلال هذه التشريعيات للحد منها، ومعالجتها بإضفاء الحماية التأمينية ضد التعطل، وهو ما قد ينسف ذريعة قوية يتذرع بها البعض كحجة تحول دون الانخراط في الشركات، فإيجاد أطر وآليات واضحة توفر الضمانات الكافية للحماية التأمينية من التعطل في الحالات الطارئة والظروف التي قد تداهم أبواب الشركات كخسارة عقود أو مناقصات أو انتهاء أمد العمل في السلطنة، أو إيقاف الشركات وغيرها من الأسباب.
في الكثير من الدول التي تصبح فيها القوى العاملة ضحية من الضحايا وبالتالي هي في حاجة لتقنين واستحداث ضمان يهدف إلى توفير رواتب في فترات انتقالية إلى أن يتوفر عمل آخر أو بديل جيد يعيل به العامل نفسه وعائلته إلى أن تنقضي تلك الظروف الطارئة.
نظام التأمين ضد التعطل متوفر في الكثير من الدول، لما له من أهمية كبيرة في توفير الضمانات الكافية للعمال ليتفرغوا للإبداع والإنتاج والتطوير، وتسعى المنظمات الدولية مثل منظمة العمل الدولية إلى مساعدة الدول لإيجاد مثل هذه النظم للإسهام في الحد من التعطل.
بالطبع فإن إيجاد نظام للتأمين ضد التعطل، لا يعني بالضرورة أن كل من يفصل من العمل لأسباب منطقية عليه أن يأخذ معونة من التأمين ضد التعطل، وليس معناه بأن اللامبالاة في العمل والتسيب فيه له مكأفاة مرصودة وجائزة تغري بالتسيب، هذا فهم لن يكون بالطبع إذ هو وحتما سيخل بأخلاقيات العمل المعروفة أممياً، وإنما تطبيقه قد يكون وفق نظم وآليات دقيقة تهدف إلى حماية ممن تعصف بهم الظروف الصعبة إلى قارعة الطريق.
نأمل الإسراع بتطبيق هذه النظم الهادفة إلى تعزيز الثقة في العمل في القطاع الخاص عبر توفير كل الضمانات الهادفة إلى طمأنة العاملين في الشركات بأن المزايا بين القطاعين العام والخاص في طريقها للزوال بحول الله.