المراجع الذي.. مات

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠١/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
المراجع الذي.. مات

محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com

قبل أيام عاد تشاؤل قديم كتبته قبل عام إلى الواجهة، وكان مع الواتساب حيث وصلني مرات عديدة، فيما أخبرني كثر أنه وصلهم عبر عدة مجموعات، وكان عنوانه «موت مراجع»، فقد ذكّرني به فيسبوك في ذكرى مرور عام على نشره، أي أن المراجع مضت على وفاته سنة، أو سنة أخرى، أو أن مراجعا آخر.. مات.

هذا النشاط الذي تقطعه بعض المقالات (تقنيا) دال على اهتمامات الناس، إيجابا أو سلبا، ومثلما يعد الانتشار الواتسابي دالا على رؤية الجمهور تجاه قضية معينة فإنه يحمل دلالته على جوانب أخرى، من بينها الانشغال بشيء، مهما بلغت تفاهته أحيانا، ولا أعني قضية مواطن مات لكثرة مراجعاته لجهة حكومية بغية «تخليص معاملته» أو مات.. قبل أن يفرج عنها، من بين يدي مواطن آخر، يجلس على كرسي حكومي، مهما بدا صغيرا، لكنه كاف لقتل إنسان إحباطا وإرهاقا.

جهة حكوميـــة حاولـــت أن تسألنـــي عن تاريـــخ معيــن لنشر المقال، فقلت لهم قبل سنة!
لكن وضع خطوط، من قبل قارئ، على فقرتين كاف للتدليل على ما يهم الناس في هذه الأزمة، أولها الأراضي الزراعية، والثاني على ما يجده المستثمر الأجنبي من تسهيلات عكس المستثمر المواطن، وهذه تستحق تحليلا آخر، لأن هناك مستثمرين كثرا آثروا الذهاب إلى حيث الدلال الخالص، تاركين لنا (عقدنا وتعقيداتنا) تحت بند الخصوصية!
قبل عام، ربما، قرأ ذلك المقال آلاف، زاد هذا العام عشرات الآلاف لانتشاره تقنيا، وربما العام التالي سيعود للواجهة مرة أخرى، كما هو رسوخ «الإجراءات» على أرضنا، والانشغال بالتوافه أمر محير، مقابل أخرى أهم، وللتدليل عليها وصلتني قبل عام رسالة ترصد مخالفة «غرفة غسيل ملابس» لا يمكن رؤيتها من ثلاث جهات، وفي الرابعة تبدو جلية لمن يتفحص جيدا، ماذا هنالك فوق السطح من نتوء لا يزيد على متر، بينما مياه الغسيل تنساب يوميا في الشارع محدثة أضرارا مستمرة، عدا المنظر السيئ.. ولا تراها عين (البلدية)!.
أشار أحدهم إلى أنك تراجع «بلدية» في موضوع يعدونك المرة تلو الأخرى، لكن في قضية هامشية (ضدّك) تجدهم في نفس اليوم.
أما إجراءات «الأراضي» خاصة الزراعية فهي حائرة بين «الإسكان» و»الزراعة» وربما «السياحة» وليس ببعيد (ربما) وزارات أخرى كالبيئة والتجارة والصناعة والدفاع المدني، حيث أية إضافة، مهما كانت بسيطة، تستدعي موافقة جهات حكومية عدّة، وإن جمعوها في محطة واحدة، إلا أن الوقود لا يكفي لعبور المحتاجين، وهم يتكاثرون، وتترحل مطالبهم، عاما بعد عام، وعقدا إثر عقد.. وعقدة فوق عقدة.
الحكومة لا تريد هذه العقد، ولا المواطن المراجع، وغالبا ينتقدها الجالس على كرسي «تخليص المعاملات».. إنما كما يقول أحد الأصدقاء، المشكلة في «السيستم» الذي حيّر العقول فيه، مع وجود عقول تميل إلى الدعة والسكينة والهدوء والراحة وهي تنظر إلى معاملات المواطنين المتكدسة على الطاولة، وبكل برود يمكن القول «راجعنا مرة ثانية» أو «نتصل بك» فيما لو كانت المعاملة مهمة بأهمية معرفة صاحبها أو اللقب السابق له فإنها لا تحتاج إلا.. دقائق.