إضاءة «مجانية» باستخدام الجاذبية

مؤشر الأحد ٢٩/يناير/٢٠١٧ ٢٣:٥٠ م
إضاءة «مجانية» باستخدام الجاذبية

يطل على تطوير حلول مبتكرة جديدة في مجال الإضاءة المنزلية من أجل المناطق المعزولة تماما عن نطاق الشبكات المغذية بالكهرباء.

كانت للمنظمة البريطانية الخيرية «سولار أيد» السبق في تطوير شكل جديد من أشكال الإضاءة باستخدام طاقة الجاذبية. واستوحت المنظمة ابتكارها من الحاجة لتوليد الطاقة الكهربائية لتصل إلى العائلات التي تعيش خارج نطاق الشبكات الكهربائية ويقل دخلها عن 3 دولارات أمريكية في اليوم. وقد تمت بنجاح تجربة مشروع «لمبات الجاذبية» أو Gravity Light في كينيا، ويمكن استخدامها لتغذية المناطق المحرومة في الشرق الأوسط.
تواصلت منظمة «سولار أيد» عام 2009 مع مارتن ريديفورد وجيم ريفز، مستشاريّ تصميم المنتجات في لندن، حيث أرادت المنظمة تطوير مصدر إضاءة شمسي منخفض التكلفة، إلا أن المستشارين سرعان ما تطلعا إلى أبعد من الطاقة الشمسية وبدآ بتجربة أشكال أخرى من الطاقة.
وقد قالا في تعليق لهما: «لم نسلم بالوضع الراهن. فعادة ما يتم توليد الطاقة وتخزينها لتُستخدم لاحقًا. فكرنا فيما سيحدث لو تخلصنا من مرحلة تخزين الطاقة، كالبطارية على سبيل المثال؟ ماذا لو توجد إمكانية لتوليد الطاقة وقت الحاجة إليها؟ سيساهم ذلك في خفض التكاليف، وقد يعزز كفاءة إنتاجها مجددًا أيضًا».
تعمل «لمبات الجاذبية» من خلال الدمج بين الطاقة الحركية والطاقة الكامنة، حيث يتم وصل ثقل معلق (مملوء بالصخور أو الرمال أو غيرها) بنظام بكرات يعمل على شحن المولد ببطء بينما يسقط الثقل إلى الأرض. وكل ما على «المستخدم» فعله هو انتشال الثقل مجددًا، الأمر الذي لن يستغرق سوى ثوان معدودة وسيقوم النظام بتوليد إضاءة لمدة تصل إلى نصف ساعة. وتعمل التروس الداخلية لنظام «لمبات الجاذبية» على توليد طاقة كافية لتشغيل لمبات الصمامات الثنائية الباعثة للضوء «ليد» عالية الكفاءة كما يمكن استخدام النظام لتشغيل جهاز راديو أو إعادة شحن البطاريات.

وقود الكيروسين المكلف

الدافع الرئيسي وراء تطوير «لمبات الجاذبية» كان البحث عن بدائل لوقود الكيروسين الذي يستخدم في بعض المجتمعات الريفية المعزولة في العالم العربي. وقد كانت أسعار الكيروسين من ضمن نقاشات دعم أسعار الطاقة في الشرق الأوسط كما ورد في صحفية «ذا ناشيونال» الإقليمية في شهر يناير 2016.
قد تؤدي الأبخرة المضرة المتصاعدة من الكيروسين إلى الإصابة بالعدوى في العينين، وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 2.5 مليون شخص في الهند يعانون سنويًا حروقًا شديدة نتيجة لسقوط مصابيح الكيروسين. وبالمقارنة مع الكيروسين، تعد «لمبات الجاذبية» أقل تكلفة وأكثر أمانًا ومراعاةً للبيئة.
وقد صرح الفريق المسؤول عن تطوير «لمبات الجاذبية» قائلًا: «تجسد الحاجة إلى منزل متصل بشبكة كهربائية طموح العائلات التي تعيش دون مصدر للطاقة الكهربائية. وعلى الرغم من الاتساع المتزايد التي تشهده شبكة الكهرباء [العالمية]، من المتوقع أن يظل عدد الأفراد خارج نطاق هذه الشبكة على حاله خلال العشرين عامًا المقبلة، الأمر الذي يُعزى إلى استمرار نمو أعداد السكان».
يخصص فريق «لمبات الجاذبية» وقته الآن للتركيز على إجراء المزيد من الأبحاث والتطوير بهدف توسيع نطاق الخيارات التي يتيحها المنتج. وسيعمل الفريق على بيع هذه الوحدات منخفضة التكلفة، وتوفير شرح لخطة تطوير المنتج من خلال الموقع الإلكتروني gravitylight.org والذي يُعتبر كذلك بوابة لجمع التبرعات.
ويجسد مشروع «لمبات الجاذبية» جزءًا من برنامج التشجيع على استخدام الطاقة المتجددة الذي تحتضنه شركة النفط العملاقة «شيل» في إطار حملتها اصنع المستقبل #makethefuture، والتي تتعاون من خلالها مع شركات الطاقة الناشئة للتشجيع على تبني وسائل نظيفة ومتجددة لتوليد الطاقة.
هل يمكن أن تكون طاقة الجاذبية بديلًا للطاقة الشمسية؟
هل يمكن أن يساعد تطوير مثل هذه المنتجات في توفير وسائل لإنتاج الطاقة من أجل الدول العربية الأفقر اليوم وربما من أجل الدول الأغنى في المستقبل؟ وبالنظر إلى الصورة الأكبر، هل يمكن أن تحل طاقة الجاذبية محل الطاقة الشمسية وتكون محور تركيز دول الشرق الأوسط لتوليد الطاقة المتجددة؟
تشير شركة «ستراتفور»، وهي منصة للمعلومات الجغرافية السياسية، إلى أن الطاقة الشمسية نفسها لن تحل محل طاقة الهيدروكربونات، إلا أنها ستمكن دول مثل المغرب والأردن من تحسين أمن الطاقة لديها، وتعزز احتمالية أن تصبح هذه الدول مصدرة للكهرباء. وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة قد أعربتا عن اهتمامهما بتصدير تقنيات الطاقة المتجددة وتمويل مشاريع الطاقة الشمسية في دول أخرى، إلا أن طاقة الجاذبية لا تحظى بعد بالاهتمام.
وقد تكمن العوامل التي ستحسم القرار في الاستخدامات المختلفة لمصادر الطاقة، فعلى سبيل المثال، رغم أن طاقة الجاذبية تستطيع تشغيل لمبة أو راديو، إلا أن الاعتماد عليها كمصدر طاقة للطهي أو غيره من الأنشطة التي تتطلب طاقة كثيفة لا يزال بعيد المنال.
وفي نهاية المطاف، قد لا تكون «لمبات الجاذبية» سوى اختراع غير تقليدي ليس له إلا استخدام محدود النطاق، الأمر الذي لا يستبعد ضرورة البحث عن أشكال جديدة للطاقة والسعي جديًا للاستغناء عن شبكات الكهرباء.