دمية تحركها الأزمة الاقتصادية أم لاعب مؤثر يبحث عن الحل

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٣٠/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
دمية تحركها الأزمة الاقتصادية أم لاعب مؤثر يبحث عن الحل

بشرى الحراصية
Alharrasi.bushra@gmail.com

لا شك أن المتابع للمشهد الاقتصادي المحلي والعالمي يلاحظ أن التشاؤم فرض وجوده على الكثيرين الذين أضحوا ينظرون إلى الوضع بكثير من السوداوية والتذمر، وإذا كان الكل متفقا دون شك أن هناك أزمة مست اقتصاد العالم إلا أن ذلك لا يعني أنها نهاية العالم أو أن الأزمة لا حل لها، لأن التاريخ يشهد وبلغة الميدان أن اقتصاد العالم هزته العديد من الأزمات بعضها أقوى من الأزمة الحالية إلا أنه كان وفي كل مرة يتجاوز الأزمات ويستعيد عافيته بسرعة.
حضرت مؤخرا لقاءً لأصحاب المؤسسات وما شد انتباهي لغة التشاؤم والقلق والتذمر، حيث كان الكل يردد العبارات التي يتناقلها الكثيرون والتي تتحدث عن الأزمة الاقتصادية العالمية ولابد أن نتحلى بالصراحة لنقول إنه هناك فعلا أزمة اقتصادية.
لكن البكاء على الأطلال لا يجدي نفعا بل يزيد الهوة ويعمق الخسائر، لذلك علينا أن ننظر إلى الأزمة بإيجابية، فالذكي منا يجب أن يتعظ ويغير استراتيجياته بشكل كلي وجذري، ولا شك أن الوضع الراهن يشبه مشهد الكرة التي تصطدم بالأرض ثم ترتد إلى أعلى، فهي لن ترتد أبدا نحو الأعلى إن أمسكناها وظللنا نقلبها بين أيدينا، لذلك فإنه على كل رائد عمل أو صاحب مؤسسة صغيرة أو متوسطة أن ينتبه جيدا ولا يضيع جهده وتركيزه في التذمر، ويبقى ينتظر الحل وتحسن الأحوال لأنه بذلك يزيد من حجم خسارته، والذكي هو الذي لا يستسلم للأزمات والمصائب والأفكار السلبية، ولا ينساق وراء الذين يلونون المشهد بالأسود الداكن لأنه بذلك يهدر قوته ووقته ويئد روح الإبداع لديه ويزيد من تراكم الخسائر.
على رائد العمل أن يتصرف بذكاء ودهاء كما ولو أنه أحس بالجوع، لكنَّ هناك أمرا مهما يمنعه من تناول الطعام في تلك اللحظة فقط عليه أن يتجاهل جوعه ويسيطر عليه حتى ينتهي من أداء الأمر المهم ثم يتفرغ للأكل بشهية، هذا ما يجب أن نفعله في حياتنا العامة أو في التجارة، وهذا ما كنا نقوم به أيضا عندما كنا طلابا على مقاعد الدراسة، حيث كنا نعمد أثناء الامتحان إلى ترك الأسئلة الصعبة، حيث نبدأ بحل الأسئلة السهلة ثم نتفرغ للصعبة لنحلها بكثير من التركيز وهذه هي نفس الاستراتيجية التي يمكن الاعتماد عليها من تجاوز الأزمة بسلام وبأقل الخسائر.
على رائد العمل أن يضع خططا صغيرة وقريبة المدى لأن إنجازها بنجاح سيكون أكبر حافز يشحذ حماس الإنسان ويستفز إبداعه ويفجر كل طاقاته ويمكنه من رؤية الوضع بنظرة تفاؤل وثقة، وقد يكتشف أن السبب العنصر الذي كان يعتقده أحد العوائق هو في الحقيقة أحد أهم مفاتيح النجاح، لأن التفاؤل والعمل بثقة وإيمان مطلق بأن الحل موجود يمكن من تجاوز أعمق وأكبر الأزمات.
وأتذكر قصة روتها لي صديقة من إحدى الدول الأوروبية التي مرت بأزمة، حيث اعتصم الناس في الشوارع مما اضطر التجار إلى غلق محلاتهم خوفا من أعمال الشغب، وقد كلف ذلك العديد من التجار خسائر فادحة لأن محلاتهم ظلت مغلقة لأيام عديدة، إلا تاجر واحد فقط صاحب مكتبة اشترى عربة صغيرة حملها بالكثير من الأكلات السريعة والمشروبات، وأصبح يبيعها للموجودين في الشوارع، وبما أن أعدادهم كانت كبيرة وكانوا بحاجة ماسة للأكل والشرب فإن هذا الرجل حقق خلال أسبوع واحد أرباحا طائلة لأنه فقط فكر في الحل ولم يبق كغيره ينظر إلى الوضع ويشتكي بتشاؤم.
مهما كانت الأزمة عميقة إلا أن الحل موجود دوما، وعلى كل واحد منا أن يضع نصب عينيه أنه قادر على تحقيق أهدافه، وعندما يتعرض رائد العمل لأية أزمة عليه أن لا يتركها تشل تفكيره وتبث فيه اليأس، بل عليه أن ينطلق في البحث عن الحل والذي هو موجود دون شك، لأن كثيرين حققوا نجاحا مذهلا في عز الأزمة وآخرين كانت الأزمة منعطفا حاسما في تاريخ مؤسساتهم حلقت بهم نحو الأعلى وفي كل أزمة على كل واحد أن يحدد موقفه فيها، هل يكون دمية تحركها الأزمة الاقتصادية أم لاعب مؤثر يبحث عن حل للأزمة الاقتصادية.
الرئيسة التنفيذية لمؤسسة إبداع بلا حدود للتدريب