ريو دي جانيرو –
تواجه الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، التي تردت شعبيتها لتصل إلى حوالي 10 بالمئة في استطلاعات الرأي، مزيداً من التراجع في شعبيتها في الوقت الذي تكافح فيه الحكومة لمواجهة تفشي وباء فيروس زيكا بالبلاد.
وأصاب فيروس زيكا ما يقدر بحوالي 1,5 مليون مواطن برازيلي.
ويتردد أن فيروس زيكا، الذي تنقله بعوضة «أيديس إيجيبتي»، يتسبب في حدوث تشوهات عند الولادة بسبب انتقال العدوى من الأم إلى الطفل، لكن لم يتم إثبات هذه العلاقة حتى الآن.
وارتفعت الحالات المؤكدة للأطفال الذين يولدون بعيب خلقي لسبب يرتبط بفيروس زيكا لتصل إلى 404 حالات، حسبما صرحت وزارة الصحة البرازيلية. ويولد الأطفال الذين يعانون من هذا المرض برأس صغير الحجم بشكل غير طبيعي.
وخلال خطاب تلفزيوني دعت فيه روسيف لرد فعل قومي موحد لمحاربة زيكا، قرع سكان المدن الكبرى بما فيها ساو باولو وريو دي جانيرو وبيلو هوريزونتي على الأواني من نوافذهم وشرفاتهم بعنف، تعبيراً عن استيائهم.
وكانت روسيف قد أعلنت الشهر الجاري عن «عملية كبرى» من جانب الجيش البرازيلي ضد فيروس زيكا ومواقع تكاثر البعوض الذي ينقله.
وأضافت روسيف: «إذا لم تفقس البعوضة، لا يمكنها أن تنشر الفيروس» داعية البرازيليين إلى تجفيف المياه الراكدة التي يتزاوج بها البعوض.
وتعاني البرازيل من ركود حاد في الوقت الذي يئن فيه الحزب اليساري الحاكم لروسيف تحت وطأة فضائح فساد كبرى. ودعا المتظاهرون روسيف إلى التنحي، كما أطلق البرلمان إجراءات لعزل الرئيسة في ديسمبر. وتنفي روسيف أي تقصير من جانبها. وانتشر الفيروس من البرازيل إلى أكثر من 24 دولة. وأعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عالمية يوم الاثنين. ويعاني 80 % من المصابين بالفيروس من أعراض طفيفة فقط بينها الصداع والطفح الجلدي. ودفع انتشار الفيروس شركة «دلتا إيرلاينز» إلى تعديل سياساتها بالسماح للأفراد الذين يخشى إصابتهم - مثل النساء اللائي في سن الإنجاب - بتجنب السفر إلى البرازيل ودول أخرى تحددها السلطات الصحية الأمريكية العامة بأنها لديها معدل انتقال نشط للفيروس.
وقال متحدث باسم شركة «دلتا إيرلاينز» إن طواقم المقصورة يمكنهم تناوب فترات العمل في ظل هذه السياسة. وتتبع شركات «يونايتد إيرلاينز» و«إير فرانس» و«لوفتهانزا» سياسات مماثلة.
بسبب نقل الدم
أكدت السلطات الصحية في البرازيل ظهور حالة عدوى بفيروس «زيكا» من خلال عملية نقل دم من متبرع أصيب بالفيروس الذي ينقله البعوض والذي يتفشى بسرعة كبيرة في الأمريكيتين.
وقال مارسيلو أداس كارفاليو، مدير مركز الدم في جامعة كامبانياس بولاية ساو باولو، إن تحليلاً جينياً أكد أن رجلاً خضع لعملية نقل دم من متبرع مصاب بفيروس «زيكا» في مارس الفائت قد أصيب بالعدوى رغم أن المريض لم تظهر عليه أي أعراض.
وقبل ذلك قالت إدارة الصحة في كامبيناس، وهي مدينة صناعية قريبة من ساو باولو، إن رجلاً أصابته طلقات رصاص أصيب بفيروس «زيكا» بعد خضوعه لعمليات عديدة لنقل الدم في أبريل 2015. وقال مسؤولون إنهم جزموا بأن أحد المتبرعين بالدم له كان مصاباً بفيروس «زيكا».
وقال كارفاليو إن العدوى التي أصيب بها الرجل المصاب كانت في الأغلب بسبب عملية لنقل الدم لكن التحاليل الجينية لم تكن قد تمت لتأكيد الأمر. وقال إنه لا يرجح أن العدوى سببها لدغة بعوض؛ لأن المصاب كان في وحدة الرعاية المركزة في مستشفى على مدار ثلاثة أشهر.
وينتقل فيروس «زيكا» عادة بسبب لدغات البعوض، والآن أضاف نقل المرض من خلال عمليات نقل الدم مصدراً آخر للقلق بشأن الجهود لاحتواء تفشي العدوى. وشددت بعض الدول إجراءات التبرع بالدم لحماية إمدادات الدم من المتبرعين.
ووردت حتى الآن أنباء عن ظهور فيروس «زيكا» في 30 بلداً منذ ظهوره الأول في البرازيل العام الفائت حيث اعتبر سبباً في ميلاد آلاف الأطفال بأدمغة غير مكتملة.
وقال مسؤولون في إدارة الصحة بكامبيناس إن المتبرع بالدم الملوث ظهرت عليه أعراض بعد ذلك أسيء فهمها واعتبرت أعراضاً لحمى «الضنك» وهو فيروس ينقله نفس البعوض الذي ينقل «زيكا». ولم يكتمل تحليل الدم الذي أظهر أنه يحمل فيروس «زيكا» إلا في 28 يناير هذا العام.
وقالت وزارة الصحة البرازيلية إن المتلقي الأول مات متأثراً بجراحه وليس بسبب إصابته بفيروس «زيكا». وقالت إنها شددت التعليمات لبنوك الدم بعدم السماح للمصابين بفيروس «زيكا» أو حمى «الضنك» بالتبرع لمدة 30 يوماً من التعافي الكامل من مرحلة نشاط عدوى «زيكا».
انتشار سريع
وتشير التقديرات إلى أن «زيكا» قد يصيب بين ثلاثة ملايين وأربعة ملايين شخص في الأمريكيتين، بينهم 1.5 مليون شخص في البرازيل وحدها. ويعتقد باحثون بأن سبب الانتشار السريع يعود إلى عدد من النشاطات الرياضية في البرازيل التي جذبت عشرات الآلاف من الناس من كل أنحاء العالم. وعلى سبيل المثال، يرجح د.بيتر أرمبروستر، وهو أستاذ علم الأحياء في «جامعة جورج تاون»، بأن «يكون مصاب من بولينيزيا الفرنسية قد سافر إلى البرازيل لمشاهدة كأس العالم ربما، ما أدّى إلى هذا الانتشار السريع».
من جهة أخرى، يقول مدير معهد التجارب السريرية واليقظة الدوائية، ألكسندر بريشوس، إن «غالبية السكان في البرازيل معرضة بصورة أساسية للإصابة بفيروس زيكا، لذلك نتوقع إصابات عدّة بالمرض وهذا يفسر مدى أهمية إيجاد لقاح يعمل على الحد من انتشار المرض».
ومع وجود فرضية علاقة محتملة بين «زيكا» وصغر حجم الرأس لدى حديثي الولادة، يوضح بريشوس أنه «بمجرد معرفتنا بوجود علاقة أكيدة بين الفيروس وصغر حجم الرأس لدى حديثي الولادة سنكون في وضع أفضل لمعرفة ما إذا كان اللقاح أو العلاج سيكون متوفراً خلال مدّة زمنية معينة».
أمّا في كولومبيا، فقد أفاد معهد الصحة الوطني بأن هناك 20297 حالة إصابة مؤكدة بالمرض، من بينها 2116 حالة لنساء حوامل. وقال المعهد إن 37.2 في المئة من النساء الحوامل المصابات بـ«زيكا» يعشن في إقليم نورتي دي سانتاندير على الحدود الشرقية مع فنزويلا.
ونصحت وزارة الصحة الكولمبية النساء بتأخير الحمل ما بين 6 و8 أشهر لتفادي مخاطر محتملة ذات صلة بالفيروس. وبحسب تقرير لشبكة «بي بي سي»، فإن كولوبيا تتوقع أن يصل إجمالي عدد الأشخاص المصابين بالفيروس إلى نصف مليون شخص هذا العام. وفي الولايات المتحدة، سجلت 36 حالة، بينها أربع نساء حوامل في إيلنوي، واشنطن، ونيويورك، كما تمّ التأكّد، مختبرياً، من 20 حالة في الأراضي الأمريكية، إحداها في بورتوريكو، و19 في جزر فيرجن.
وسجلت حالات إصابة بالفيروس في أوروبا وأمريكا الشمالية لدى أشخاص عائدين من إجازات أو رحلات عمل إلى الدول التي ينتشر فيها الفيروس، ما دفع المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إلى التحذير من السفر إلى 24 بلداً وإقليماً منها: البرازيل، كولومبيا، السلفادور، جواتيمالا، هايتي، هندوراس، المكسيك، بنما، باراجواي، سورينام، فنزويلا، بورتوريكو، جزر فيرجن الأمريكية، جمهورية الدومينيكان، بوليفيا، الإكوادور، وغيانا، والرأس الأخضر.