تكريت – واشنطن – – وكالات
بات الهروب حلماً يراود آلاف المواطنين الذين ما زالوا تحت سيطرة عناصر تنظيم داعش في محافظات صلاح الدين ونينوى وكركوك.
وبرغم المخاطر الكبيرة التي يتعرضون إليها والتي أودت بحياة الكثير منهم إلا أن الفرار من مناطقهم بات الشغل الشاغل لكل من تحمله قدماه على المسير لمسافات طويلة في أرض وعرة وفي ظل ظروف جوية سيئة جداً.
طريق الأبيض وهو ممر جبلي ضيق يبلغ طوله 10 كم يقطع جبال حمرين من شرقها إلى غربها هو أقصر طريق للعبور من قضاء الحويجة الذي يسيطر عليه تنظيم داعش نحو بلدة العلم في صلاح الدين التي تسيطر عليها قوات الحكومة العراقية والتي أصبحت أرض الأحلام بالنسبة لأبناء أقضية الحويجة والشرقاط والقيارة في نينوى وجميع المناطق التابعة لها.
منتهى السرية
يروي فرحان حسين وهو معلم (50 عاماً) كيف تمكن من الهرب من قضاء الحويجة إلى ناحية العلم عبر جبال حمرين: «كان الأمر بمنتهى السرية فقد اتصلت بوسطاء وادلاء وبعد أن دفعت 300 دولار أمريكي لهم من أجل ايصالي إلى بداية الطريق ثم واصلت المسير بمفردي مسرعاً عبر رحلة استمرت ثمان ساعات حتى وصلت إلى الجهة الثانية الغربية من جبال حمرين وكنت على تواصل مع أقربائي في بلدة العلم الذين أخبروا الشرطة وحضروا إلى المكان ثم أخذوني إلى أقربائي«.
ويقول أحمد علي وهو طالب في جامعة تكريت أنه »وبمعية أحد أبناء عمومته ضلوا الطريق في جبال حمرين ففوجئوا بأحد عناصر داعش يستوقفهم على دراجة نارية مما أصابهم بالذعر».
ويضيف »سألنا عنصر داعش لماذا تريدون الفرار من أرض الخلافة إلى أرض الكفر فقلنا له النجاة في الصدق أننا ننوي الفرار إلى ناحية العلم للالتحاق بجامعة تكريت لكن ما لدينا من ماء وزاد قد نفد وقررنا العودة من حيث أتينا».
ويتابع »كنا نتوقع أن يقــــوم بقتلنا لكنه مد يده في علـــبة كان يحــــملها على دراجته النارية فأعطانا خبزاً وتمراً وماء وقال لنا عجلوا بالمسير فهذه الطريق تؤدي بكم إلى ناحية العلم واحذروا أن يراكم أحد غيري».
ويشير علي إلى أنه »شاهد العشرات من جثث الأشخاص في واد سحيق تحت طريق الأبيض وكذلك العشرات من الفطائس من الأغنام والأبقار التي سقطت في الوادي».
وبنفس الطريقة يقول «استقبلتنا الشرطة بعد أن تأكدوا أننا لسنا من عناصر داعش نقلونا إلى أقربائنا في ناحية العلم».
وتصل إلى ناحية العلم (15 كم شمال شرقي تكريت) يومياً عشرات العوائل والأشخاص الهاربين من المناطق التي يسيطر عليها داعش.
جهود استثنائية
وتبذل شرطة العلم جهوداً استثنائية من أجل تأمين وصول تلك العوائل التي غالباً ما تضم أطفالاً ونساء وشيوخا.
يقول العقيد نعيم أحمد «إننا ندور على أصحاب المحال التجارية ونطلب منهم المواد الغذائية والمعجنات والحلويات وقناني الماء والعصائر وحبوب معالجة الصداع ثم نتوجه إلى المكان الذي تصل إليه العوائل النازحة فنستقبلهم ونقدم لهم ما جمعناه من أصحاب المحال التجارية لأنهم يصلون في حالة مزرية من التعب والإنهاك».
ويوضح العقيد نعيم أحمد أن »شرطة العلم تقوم فوراً بالتأكد من أسماء العوائل الداخلة وعدم علاقتها بعناصر داعش ثم تقوم بنقلها بعجلاتها الخاصة إلى داخل الناحية ومن ثم إلى أقاربهم أو السماح لهم بالمغادرة إلى مناطق أخرى مثل كركوك وغيرها من المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة».
وقال رئيس المجلس المحلي في ناحية العلم جاسم العفري إن »ناحية العلم تضم الآن حوالي 10 آلاف عائلة مهجرة أغلبهم يسكنون في الهياكل أو في بيوت مكتظة وهم جميعاً لا يملكون ما يكفي لتسيير أمورهم المعيشية«. ويضيف أن الناحية تقوم بجهود جبارة مع منظمات الأمم المتحدة ومع الأغنياء وتبرعات الأهالي من أجل توفير الحد الأدنى من الظروف المعيشية في هذا البرد القارس.
تقرير مخابراتي
من جانب آخر قال تقرير للمخابرات الأمريكية كشف البيت الأبيض إن تنظيم داعش لديه 25 ألف مقاتل في سوريا والعراق بتراجع عن تقدير سابق بأن عدد مقاتليه يبلغ 31 ألف مقاتل.
وأشار مسؤولون أمريكيون إلى عوامل مثل القتلى في ساحات المعارك والفرار من صفوف التنظيم لتفسير التراجع الذي بلغ نحو 20 في المئة في عدد مقاتلي التنظيم وقالوا إن التقرير أظهر إن الحملة التي تقودها الولايات المتحدة لسحق التنظيم تحقق تقدما.
وقال جوش ايرنست المتحدث باسم البيت الأبيض إن التقدير الجديد للمخابرات «يعني أنهم (التنظيم) مازالوا يمثلون تهديدا كبيرا ولكن الأعداد المحتملة تراجعت.
خسائر كبيرة
وأضاف إن لعمليات القتال البري لشركاء الولايات المتحدة في التحالف تأثيرا في القتال ضد تنظيم داعش.
وأردف قائلا إن قوات الأمن العراقية المدعومة من الولايات المتحدة والمقاتلين القبليين وجماعات المعارضة المعتدلة في سوريا كان لها دور. وكذلك كان للحملة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة والتي شنت أكثر من عشرة آلاف هجمة ضد التنظيم دور أيضا. وأخيرا بدأت الجهود الدولية في وقف تدفق الأجانب الساعين للانضمام إلى التنظيم.
وقال ايرنست إن «تنظيم داعش يواجه صعوبة أكثر من ذي قبل في تعويض النقص في صفوفه ونعلم منذ فترة طويلة ضرورة تعاون المجتمع الدولي لوقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى المنطقة».
ويشير تقرير المخابرات الجديد إلى أن عدد مقاتلي التنظيم في العراق وسوريا يتراوح ما بين 19 ألفا و25 ألفا مقابل تقديرات 2014 بتراوح عدد المقاتلين بين 20 ألفا و31 ألفا.
وقالت إميلي هورن وهي متحدثة باسم مجلس الأمن القومي إن هذا «التراجع يعكس التأثير المشترك لقتلى ساحات المعارك والفرار من صفوف التنظيم والإجراءات التأديبية الداخلية والنقص في عمليات التجنيد والصعوبات التي تواجه المقاتلين الأجانب في السفر لسوريا».
وربما استمع بعض متشددي شمال افريقيا لنداء قيادة التنظيم للتوجه إلى ليبيا حيث يقاتل الإسلاميون لتعزيز قبضتهم على أراض على ساحل البحر المتوسط.
ولم يشر تقرير المخابرات إلى فروع تنظيم داعش في جنوب آسيا ومناطق آخرى في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، حيث يتوسع فرعه الليبي.
ويبدو أن هناك تقديرات أمريكية متضاربة لقوة فرع الحركة في ليبيا. ويقدر مسؤولون دفاعيون العدد بنحو ثلاثة آلاف مقاتل في حين قال مسؤولون أمريكيون إن عددهم يتراوح بين خمسة آلاف وستة آلاف مقاتل.