مصر تسعى لتطهير بؤر الفساد

الحدث الأحد ٢٩/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص

القاهرة - خالد البحيري

شهدت الشهور الفائتة نشاطاً مكثفاً لهيئة الرقابة الإدارية بمصر أسفر عن تطهير العشرات من بؤر الفساد، والكشف عن قضايا عدة تتعلق بالرشوة وإهدار المال العام من «العيار الثقيل»، أبطالها من كبار موظفي الدولة أو المسؤولين.

وتعددت الوجوه التي أوقعت بها الهيئة ما بين وزراء وقضاة ورجال أعمال وموظفي الحكومة، وكلها قضايا محكمة بأدلة دامغة، وتستغرق وقتاً وجهداً مضاعفاً للحفاظ على المال العام، ودعم مناخ الإفصاح والشفافية ومكافحة الفساد.
وتحظى الهيئة بدعم كامل لجهودها من مؤسسة الرئاســـة المصريــــة، وتسهم بشكل فاعل في مراقبة أداء موظفي الحكومة عبر دور جديد وهو الجولات الميدانية التي امتدت لتشمل كافة محافظات مصر من الإسكندرية حتى أسوان، ووصلت إلى القرى المحرومة من العناية والرعاية والاهتمام، واستمتعت إلى شكاوى الفقراء والمعدمين بسبب تدني الخدمات أو الإهمال في تقديمها من قِبل الموظفين العموميين.

ضرب بيد من حديد

وفي اتصال هاتفي لـ«الشبيبة» مع الخبير الاقتصادي د.فخري الفقي المستشار السابق بصندوق النقد الدولي، قال: «القيادة المصرية عازمة على محاربة الفساد، وليس عليها «فواتير» لأي من المسؤولين أو رجال الأعمال، وتتعامل مع الموضوع من منطلق الصالح العام ولذلك تضرب بيد من حديد على أيدي الفاسدين، لكن هذا لا يعني أن الفساد قد انتهى فهناك «حيتان» لم نقترب منهم حتى الآن».
وأضاف: «تعاني مصر من أمراض كثيرة أهمها الفساد والبيروقراطية التي تحطمت بسببها مشاريع استثمارية كبرى، فالخدمات الرديئة وسياسة «الدرج المفتوح» أدت إلى هرب المستثمر من التواجد الفعلي في بيئة الأعمال المصرية».
ودعا إلى مساندة الرقابة الإدارية في حملاتها وتدعيمها بكوادر بشرية مدرّبة على كشف الفساد مع الاستعانة بأحدث الوسائل التكنولوجية وتعديل التشريعات التي تعوق محاربة المفسدين، و»بالتالي نضيّق حيّز الفساد المالي والإداري الذي أدى بنا لهذا الوضع السيء».
وأردف: «نريد أن تأخذ الرقابة الإدارية بعين الاعتبار قبل أن تضرب ضرباتها، أن هناك رجال في مصر شرفاء ربما تكون زادت ثرواتهم في الآونة الأخيرة مع تزايد سعر الصرف؛ لأن هذه الضربات تخيف بعض المواطنين الذين ربحوا نتيجة تحريك أسعار العقارات والأراضي على سبيل المثال في الفترة الأخيرة.. فالبطش مطلوب لكن يجب أن يكون في حالات التلبس وعلينا أن نطمئن الشرفاء فمصر إذا كان بها 10% من الفاسدين فهناك نسبة لا يستهان بها من محبي الوطن».

آلية يجب تفعليها

وفي السياق قال الخبير الاقتصادي والمحاضر بالجامعة الأمريكية د.عمرو الدالي: «لا شك أن تساؤلنا أين كانت الرقابة الإدارية من 30 عاماً هو تساؤل في محله، ومحاربة الفساد تحتاج إلى آلية يجب تفعيلها، فمصر تخلّفت عن تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على الفساد، رغم أنها وقّعت على الاتفاقية ولكنها لم تطبق جميع بنودها، والنصوص التشريعية يجب أن تكون محكمة للتصدي لجميع أنواع الفساد في البلاد».
وتابع: «الرقابة الصارمة توصد أبواب الفساد، إلا أن معظم القوانين الخاصة بالمحليات والاستثمار والتجارة، تحتاج لضبط تشريعي يسمح بمحاسبة ومعاقبة المخطئين.. مثلا: قانون حماية الشهود والمبلِّغين عن جرائم الفساد حتى الآن لم يطبق في مصر، وبالتالي فليست هناك حماية قانونية للمبلِّغ أو الشاهد في قضايا الفساد، مما يجعل الجميع يمتنع عن التبليغ أو الشهادة».

تشديد الرقابة

وطالبت عضوة اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب د. بسنت فهمي، بضرورة تشديد الرقابة على جميع القطاعات، وتمكين الأجهزة الرقابية بتشريعات حديثة تسهم في الكشف عن الفاسدين، مع فرض عقوبات رادعة على كل موظفي الحكومة إذا ثبت في حقهم استغلال منصبهم في السرقة والنهب والتربح أو في حالات السطو على المال العام؛ لأن أغلب مشاكلنا الاقتصادية حلها يأتي بتنظيم الإدارة وتشديد الرقابة».
وأضافت: «الفساد ليس اختلاس أموال فقط، فالموظف الذي لا يقوم بمهمات عمله الوظيفي فاسد وتجب مقاضاته، كذلك صاحب المخبز الذي يقلل من حجم رغيف الخبز فاسد، وكل من يتاجر بقوت الفقراء ويتربح من رفع الأسعار يستحق العقاب».