القاهرة - خالد البحيري
تترقب القاهرة عن كثب نذر الحرب التي تنبعث رائحتها من جهة الغرب مهددة الشقيقة ليبيا، مع تصاعد الأصوات المنادية بضرورة فتح جبهة للحرب ضد تنظيم داعش خاصة تلك الآتية من إيطاليا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية.
وتنظر دوائر صنع القرار في مصر إلى الحملة الإعلامية المكثفة في الصحف الأجنبية بشيء من الريبة، والتحسب للتداعيات السلبية التي ربما تنتج عن التدخل الأجنبي، على غرار ما حدث بعد الإطاحة بالعقيد معمر القذافي، فقد تدفق السلاح من الحدود الفاصلة بين مصر وليبيا ولا تزال سيناء تعاني منه حتى الآن ومن الإرهابيين الذي استغلوا الأحداث في الوصول إلى سيناء واتخاذها منصة لمحاربة الجيش المصري (تمتد الحدود بين مصر وليبيا إلى أكثر من ألف كيلومتر).
الخبراء الاستراتيجيون والعسكريون في القاهرة يرون أن مصر يجب أن تكون طرفا في أي إجراء يتخذ بشأن ليبيا، عسكريا أو سياسيا، وأن القوات المسلحة المصرية لديها من الكفاءة القتالية والجاهزية ما يؤهلها لأن تكون عنصر حسم سريعا لهذه الأزمة، التي تتماس مع الأمن القومي المصري في نقاط كثيرة.
وفي تصريح خاص لـ»الشبيبة» قال كامل عبدالله خبير الشأن الليبي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: لا بد أن يشارك الجيش المصري بضربات عسكرية في العمق الليبي لوقف تدفق الإرهابيين عبر الحدود ومنع تمدد تنظيم داعش في الشمال الأفريقي، مؤكدا أن ضرب التنظيمات الإرهابية في ليبيا تأخر بعض الشيء، خاصة مع تنامي هذه الجماعات وأصبحت تمثل خطرا داهما على الأمن القومي المصري. وأشار الخبير إلى أن مدناً ليبية كدرنة وسرت تنامت فيها الجماعات المتطرفة بشكل لافت في ظل غياب الدولة، حتى أن هذه التنظيمات أصبحت تمثل قاعدة للإرهاب في شمال إفريقيا، بسبب الفراغ الشاسع في الصحراء الليبية؛ الأمر الذي يساعد التنظيمات الإرهابية.
وتوقع أن يكون التدخل العسكري في ليبيا وشيكا، ومن المرجح أن تتم عمليات جوية ضد مواقع التنظيم دون تدخل بري.
وحذر من التداعيات السلبية للتدخل الغربي في الساحة الليبية، فكل التدخلات الغربية في البلاد العربية جلبت مأساة ولم تكن حلا -على حد تعبيره.
من جانبه أكد اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجي أن السحر انقلب على الساحر، وأصبح داعش صنيعة أوروبا وأمريكا بالمنطقة مهددا لهم ويستطيع أن يضربهم في العمق، والتمدد نحوهم، وما حدث في هجمات باريس الأخيرة مجرد بروفة لما يمكن أن يحدث لو تعمق داعش في ليبيا أكثر من اللازم.
وأضاف في اتصال هاتفي مع «الشبيبة» أن الجيش المصري يتحمل عبء تأمين حدوده الغربية مع ليبيا مضاعفا في ظل انشغال الجيش الليبي في الحرب ضد داعش في سرت وغيرها، ومن المرجح أن يلجأ التنظيم نتيجة الضربات الأمنية في سيناء وخنقه على الحدود من التمدد نحو أوروبا وهو ما يمثل حالة الفزع التي اجتاحت أوروبا حاليا والأصوات المنادية بمواجهة عسكرية خارج الاتحاد الأوروبي من منظور الضربات الوقائية والاستباقية.
وكشف عن أن التخوف الأوروبي راجع بالأساس إلى أمرين، الأول: أن مدينة سرت الليبية تعد ميناء مهما للغاية يتدفق من خلاله السلاح الذي يستخدمه تنظيم داعش الإرهابي.
الثاني: أن التنظيم نجح في نقل أعداد كبيرة من المتطوعين لأوروبا عبر هذا الميناء للقيام بعمليات إرهابية هناك.