في 24 من يناير من عامنا الحالي 2017، وفي القاعة المهيبة بأكاديمية الشرطة الممتلئة عن آخرها بقيادات وزارة الداخلية المصرية، يبدأ الجميع في التصفيق الحاد، بينما يخرج الرئيس «حسني مبارك»، ليقف على المنصة، ويلقي كلمة في الاحتفال بعيد الشرطة المصرية، ومن خلفه أضواء خافتة مسلّطة على ستائر زرقاء كبيرة يتوسطها شعار الشرطة المصرية الأصفر بغصنيه الزيتونيين في قلب دائرة يتوسطها نسر يبسط أجنحته، ويرتكز الجميع على كلمة «وزارة الداخلية». كان خطابًا قصيرًا مقتضبًا لم يتجاوز الـعشر دقائق، أثنى فيه الرئيس على جهود الشرطة في دحر الاحتجاجات الشبابية عام 2011، وما وصفه بمحاولات قوى الإرهاب والفوضى زعزعة استقرار مصر، فالرجل في الـ89، ولم يعد يقوى على الحديث طويلًا.
ربما تظن أننا أخطأنا في التاريخ، أو عدنا لزمن غابر قبل ثورة 25 يناير 2011 التي خلعت حسني مبارك، لا؛ فنحن في الفقرة السابقة أمسكنا بالممحاة؛ لإزالة الحقبة التي بدأت منذ ثورة 25 يناير 2011 إلى 25 يناير 2017، لنتخيّل أن حسني مبارك لا زال يتشبث بالسلطة حتى عام 2017؛ وذلك بغية الإجابة على سؤال تخيّلي وهو: كيف سيكون شكل الاقتصاد المصري الآن في حال لو استمر مبارك في السلطة إلى وقتنا هذا؟
وفقًا لبيانات وزارة المالية المصرية حول المتوسط السنوي لأسعار صرف الدولار في الفترة من العام 2000 إلى 2010، يتبيّن أن قيمة الجنيه المقدرة عام 2016، في حال استمرار مبارك في السلطة، وبفرض استقرار الأوضاع، تكون 7.43 جنيه لكل دولار، كما هو موضح في نموذج (دالة TREND)، والانحدار في الرسم البياني.
أما قيمة الجنيه الحقيقية التي وصل إليها بنهاية 2016 كانت 18.85 جنيه تقريبًا لكل دولار، أي أنه حدث تخفيض لقيمة الجنيه بمقدار 171% بين القيمة المفترضة في حال بقاء مبارك في السلطة، وبين الواقع.