محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby
malrahby
من القضايا «المؤبدة» في مسارنا التنموي قضيتان مرتبطتان ببعض: تصاعد عدد القوى العاملة الوافدة.. والتعمين، وفيما يرتفع عدد «العمال الأجانب» فإن عدد «الباحثين عن عمل» من شبابنا يرتفع أيضاً، بما يبدو تناقضاً بين مسارين، يفترض أحدهــما على عــلاقة ضـــدية مع الآخر.. وليس العكس.
مؤسسات القطاع الخاص، على اختلاف مستوياتها، والأمر ليس تعميماً، ليست معنية بتوظيف العامل / المواطن قدر لهفتها على جلب العامل الوافد، فإداراتها كما هي صناعة القرار تتحدث لغة أجنبية تنظر إلى طالب العمل من داخل البلاد بتوجس حيث عدم تقبل العمل لساعات طويلة وفي الإجازات، وهذه ثنائية القطب، حيث يطلبها المواطن لأسباب شتى (ارتباطات أسرية واجتماعية وغيرها) بينما الوافد جاء ليثبت أنه جدير بالبقاء؛ لأن الخيار الآخر عودته إلى بلاده.
قارئة طلبت طرح الموضوع من زاوية صعبة حيث كتبت في عنوان رسالتها أن «مجلس الشورى يتخلى عن المواطن» على ضوء تصريحات لأحد الأعضاء وقوله إن «التعمين لا ينفر المستثمرين»، ورؤيته «ضرورة توسيع آفاق استقطاب القوى العاملة الوافدة» بما يفسر أنه حرية أكبر تعطى للقطاع الخاص ليتخلى عن المواطن... أو الوافد! سواء بسواء.
تشير القارئة إلى تصريح آخر ينسب إلى مدير شركة قال إن مجلس الإدارة أعطاه الضوء الأخضر ليتخلى عمّن يشاء من الموظفين وقتما يحب، ومن بينهم المواطنون، تشير القارئة (ولم تفضّل كتابة اسمها) إلى أن «الموضوع خطير جداً ويحمل اتهاماً مبطناً بأن العماني غير منتج» وأنه سيمضي سنوات وجوده في الوظيفة مهدداً في رزقه كونه الحلقة الأضعف حيث إن الوافد يجعله الخوف من ذلك يواصل العمل الليل بالنهار وبدون إجازات، وهذا ما لا يمكن للمواطن فعله، وهو يرى، مثلاً، الموظف الحكومي (مرتاحاً) يمارس حياته الاعتيادية، أسرياً واجتماعياً بدون منغصات.
وجهة نظر، قد لا أتفق معها في بعض الأوجه، وإن قاربها البعض «عاطفياً» حيث إن لغة «القطاع الخاص» تختلف عن «الحكومي» وحيث الموظف دوره إنتاجي في المقام الأول، وكم من النماذج المشرّفة أثبتت حضورها في الشركات والمؤسسات. العمل يتطلب جدية والتزاماً وتفانياً لإثبات الذات، ومن لا يمتلك لياقة «نفسية» عالية فإنه يخسر الرهان، فقوة التحمّل، وبالصبر والذكاء، يمكن التقدم بطريقة مثلى نحو المناصب القيادية، هذه إن تفكك اللوبي الآســـيوي عنها، ولو قليلاً، ستفســـح لعشرات الآلاف من شــبابنا للاســتمرار في القــطاع الخاص.
تتحدث القارئة عن «الأمان الوظيفي» وهذا مهم جداً، لكني أراه متحققاً بتعاون صاحبي العلاقة لترسيخه، وفق حاجة مشتركة بينهما، لكن هناك مؤسسات تدفع الشاب العُماني إلى خارجها بمعاملة «فوقية» مترفعة يمارسها اللوبي المهيمن في الإدارات العليا، ومقابل ذلك هناك شباب لا يمتلكون «الجدية والالتزام» حيث الشعور بالانتماء لم يبلغ حتى الإخلاص للقمة العيش.
وتبقى نقطة أخيرة.. لولا الحكومة وسعيها لفتح المجال أمام المواطن العُماني في شركات القطاع الخاص (رغم الالتفافات على ذلك) لما رأينا ربع هذا العدد من المواطنين في (هذا) القطاع.
ومثلما تختتم رسالتها بمثل عُماني يقول «الرهوة على المربوطة» فإنها ترى بأن أصحاب القرار رأوا أن حل مشكلة الاستثمار تأتي بالتخلي عن «العامل المواطن» حيث الوافد مرغوب فيه.. أكثر.