اتخذ خطوة لمكافحة السكري

مسقط -
يحتفي الاتحاد الدولي للسكري باليوم العالمي للسكري في الرابع عشر من نوفمبر كل عام كونه من المؤسسات الرائدة في تدشين الحملات التي تهدف لزيادة الوعي عن داء السكري وطرق مكافحته.

وفي هذا اليوم يتم إشراك الناس والمنظمات الصحية، والمنظمات غير الحكومية، ونظام الرعاية الصحية والجمعيات المدنية في جميع أنحاء العالم لزيادة الوعي عن مرض السكري، الذي يعتبر القنبلة العالمية الموقوتة.

فسكري البول أو ببساطة داء السكري هو تهديد متنامٍ حيث يؤثر على ما يقرب من 382 مليون شخص في العالم، 37 مليون شخص منهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (وفقاً لإحصائيات أطلس الاتحاد العالمي لمكافحة السكري في تحديثه الخامس لسنة 2014)، ومن المحتمل أن يتضاعف هذا العدد إلى 68 مليوناً في أقل من 20 عاماً مع النوع الثاني للسكري كونه المرض الرئيسي. ومن المتوقع أن ترتفع 170 % بين عامي 2012 و 2030 حسب الاتحاد العالمي لمكافحة السكري، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة كبيرة في عدد المرضى من العدد الحالي 145600 إلى ما يقرب من 326400 مريض بالسكري في السلطنة.
يصنف مرض السكري بشكل رئيسي إلى نوعين: النوع الأول والذي يسمى أيضاً سكري اليافعين (السكري المعتمد على الأنسولين)، ويمثل حوالي 10 % من الحالات، ويؤثر على الفئات العمرية الأصغر سناً، الذي هم في العقد الأول أو الثاني من أعمارهم، وينتج بسبب الغياب شبه الكامل للأنسولين في الجسم مما يؤدي إلى تدمير الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس من قبل الأجسام المضادة. ويكون هؤلاء المرضى عادة نحيلي الجسم وتظهر عليهم ثلاث مضاعفات كلاسيكية من زيادة العطش والجوع وسلس البول. وعادة ما يكون العلاج بالأنسولين مدى الحياة بتوجيه من الطبيب المختص.
مرض السكري النوع الثاني هو من المخاوف الصحية الرئيسية ويشكل تهديداً عالمياً متزايداً كما أنه أصبح واحداً من الأسباب الرئيسية للأمراض المبكرة والوفاة (وفقاً لتقارير الاتحاد الدولي لمكافحة السكري)، ويمثل 90 % من حالات السكري، حيث يؤثر عادة على الناس في عقدهم الثالث من الحياة فصاعداً مع «الناس في الفئة العمرية التي تتراوح بين 40-59 سنة وهي الفئات العمرية الأكثر تضرراً في السلطنة» (وفقا لنتائج تقارير منظمة الصحة العالمية). وفي هذا النوع من السكري يحدث نقص نسبي في الأنسولين إما بسبب انخفاض إنتاج الخلايا من الأنسولين في جزر البنكرياس أو مقاومة عملها من قبل الأجسام المضادة في الخلايا، أو عدم القدرة على الاستفادة من كمية الجلوكوز، مما يسبب ارتفاع مستويات السكر في الدم، وفي نهاية المطاف يتم تشخيص المرضى بأن لديهم النوع الثاني من السكري.
لا يعني السكري فقط زيادة مستويات السكر في الدم ولكن من المهم أن نفهم أن له تأثيرات ضارة على الأجهزة الرئيسية في الجسم مثل القلب والدماغ والكلى والعين والأطراف ويبدأ بإحداث تغيّرات في مستوى الكوليسترول في الدم (زيادة في الدهون الثلاثية- وهي شكل من أشكال الكوليسترول، ويلقب عادة باسم الكوليسترول القبيح وانخفاض مستويات البروتين الشحمي المرتفع الكثافة، الملقب باسم الكوليسترول الجيد)، وكذلك إلحاق أضرار في الأوعية الدموية في هذه الأجهزة مما يزيد بشكل كبير خطر إصابة الأشخاص بأمراض القلب والأوعية الدموية مثل النوبة القلبية، والسكتة الدماغية، والفشل الكلوي، أو اعتلال الشبكية (تغيرات في العين) أو قد يتسبب في بتر أحد الأطراف. وتعزى أمراض القلب والأوعية الدموية إلى وفاة 80 % من مرضى السكري (وفقاً لبيانات الاتحاد العالمي لمكافحة السكري)، وتمثل تهديداً كبيراً، وإطلاق اسم «القاتل الصامت» على مرض السكري اسم على مسمى حيث لا تتم معرفة سبب آلام الصدر في معظم الأحيان وقت حدوث النوبات القلبية.
تكون لغالبية مرضى النوع الثاني من السكري عادة أعراض غير محددة مثل الخمول، وزيادة التعب، أو الدوخة وقد تكون هذه الأعراض غير ملحوظة أو يتم التغاضي عنها، وبالتالي لا يستشير المرضى الطبيب في وقت مبكر أو يتم تشخيص الحالة فقط عندما يتعرض البعض منهم لالتهابات الجلد والمسالك البولية ويكتشف بأن لديهم ارتفاعا في نسبة السكر في الدم. ولذلك، فإنه من الأهمية بمكان أن يقوم المرضى عند بداية إحساسهم بمثل هذه المضاعفات بالحضور للفحص في وقت مبكر من قبل الأطباء المختصين للتشخيص السليم وبداية التدبير العلاجي والمتابعة لأن التأخير في التشخيص والعلاج من المحتمل أن يزيد من فرص تطور المضاعفات كما وجد في العديد من التجارب السريرية. وهناك نسبة كبيرة من السكان خاصة في هذه المنطقة، ما يقرب من 52.1 % (حسب إحصائيات أطلس السكري الصادر من الاتحاد العالمي لمكافحة السكري) الذين ما زالوا دون تشخيص ويجهلون المخاطر الصحية المحتملة التي قد يسببها لهم مرض السكري.

تسهم العديد من عوامل الخطر في تطور النوع الثاني من السكري. أنماط الحياة المفتقرة للنشاط البدني على نحو متزايد، والعادات الغذائية غير الصحية (تناول الأطعمة التي تحتوي على المزيد من الكربوهيدرات المشبعة، والمشروبات الغازية)، والسمنة، والوراثة، كلها تؤدي إلى مقاومة الأنسولين، والذي يسبب بدوره إلى ارتفاع الكوليسترول ومستويات السكر في الدم- «السكري» التي هي بحاجة إلى المعالجة. هناك حاجة ملحة للتثقيف الصحي في المجتمع لزيادة وعي الناس فيما يتعلق بمرض السكري ومضاعفاته. على الجميع أن يسهم في أي طريقة ممكنة لمكافحته، إما عن طريق تنظم مسيرة للمشي أو العروض أو المشاركة فيها، أو مجرد ارتداء طوق أزرق والذي هو عبارة شعار الاتحاد العالمي لمكافحة السكري بهدف زيادة الوعي عن مرض السكري.

د.دليب سنجافي

اختصاصي أمراض باطنية والسكري ورئيس قسم الأمراض الباطنية

مستشفى أبولو