التونسيون لا يثقون في توبة الإرهابيين

الحدث الاثنين ٢٣/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٣٥ ص
التونسيون
لا يثقون في توبة الإرهابيين

مسقط – محمد البيباني

بين المخاوف من ظاهرة العائدين من بؤر القتال وخوف مماثل من تجنيد شباب جدد للانضمام للمنظمات الإرهابية تعيش تونس هاجساً أمنياً تتزايد حدته يوماً بعد يوم، خاصة أن تونس تعد الدولة الأكثر تضرراً من عودة الإرهابيين نظراً لضخامة العدد المرشح للعودة والذي قد يفوق نظيره في أي من الدول العربية.

فبينما تنجح تونس الآن في تحولها الديمقراطي، ما زالت هي الدولة الأولى من حيث عدد المنظمين في داعش وهو الأمر الذي يثير الدهشة ويدفع في اتجاه محاولة البحث عن الأسباب.

بحث عن إجابات

شجَّعت إمكانية النفاذ عبر الحدود منذ العام 2011 آلاف الشباب التونسيين على الهرب إلى الخارج، يذهبون إلى أوروبا أو سوريا أو ليبيا. وأصبحت تونس وفقًا للأمم المتحدة هي الجنسية الأكثر شيوعًا للمُسلَّحين الأجانب الذين يقاتلون لصالح داعش، سواء من حيث العدد أو من حيث نسبتهم إلى السكان.
يقاتل الآن في سوريا وفي ليبيا حوالي 5,500 مواطن تونسي، وقد أوقِف حوالي 8,800 شاب تونسي على الحدود وفقًا لدراسة أجرتها سي.إن.إن.
من جهته ذكر موقع ميدل إيست في تقرير نشره مؤخراً حول تونس أنه على الرغم من أنها ليست من بين الدول الأكثر كثافة سكانية في العالم الإسلامي، إلا أن عدد التونسيين الناشطين في التنظيمات المتشددة هو أكثر نسبياً من معظم البلدان الأخرى.
وأشار الموقع إلى أنه بعد الثورة، ارتفع عدد المسلحين التونسيين ولكن معظمهم كانوا عناصر الميدان أو ضمن قادة من المستوى المتوسط، وفقا للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، وفي تنظيم القاعدة لا يتمتعون بأي امتيازات، ولا توجد شخصيات تونسية رائدة، حتى في فرع تنظيم القاعدة التونسي المتمثل بكتيبة عقبة بن نافع حيث لا يزال بقيادة الجزائريين.

ما بعد الثورة

ووفقاً للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية فإنه صحيح أن حركة المقاومة السلفية موجودة قبل الثورة التونسية، وكان قادتها بالفعل نشطين وبعضهم في السجن، ولكن هناك علاقة واضحة بين ارتفاع المقاتلين ومرحلة ما بعد الثورة في البلاد، حيث إن الحركة السلفية التونسية تمثل أساساً لأنصار الشريعة التي تأسست في مايو 2011 واستغلت موجة من الحريات التي جاءت بعد يناير 2011، واستفادوا من عفو فبراير العام 2011 الذي شهد إطلاق سراح أكثر من 500 سجين محتجز بسبب جرائم سياسية، على الرغم من أن العديد منهم قد شاركوا في أنشطة مسلحة عنيفة داخل تونس وخارجها.
واستطرد ميدل إيست أن هناك عاملاً آخر يتمثل في فشل النخبة بعد الثورة، خاصة النخبة السياسية، في مواكبة تطلعات الشباب، الذين أصبحوا يشعرون بخيبة أمل كبيرة تجاه الدولة، وبهذه الطريقة، أصبح السلفيون المتشددون في تونس عنصراً آخر من عناصر حركة مناهضة الثورة، ورفض الديمقراطية والحريات.

توبة العائدين تثير الانقسام

حوالي 800 شخص عادوا من بؤر التوتر حسبما أكد وزير الداخلية التونسية الهادي مجدوب من جملة 3600 موجودين في بؤر التوتر، حسبما أكد المستشار الأول لرئيس الجمهورية نور الدين بن نتيشة.
«ائتلاف المواطنين التونسيين» الذي يضم منظمات غير حكومية وشخصيات مستقلة يرفض عودتهم تحت ذريعة التوبة في مقابل رؤية أخرى تؤكد على أن الدستور التونسي يعطيهم الحق في العودة إلى وطنهم.
تظاهر مؤخراً المئات أمام مقر البرلمان التونسي للتعبير عن رفضهم لعودة إرهابيين تونسيين من الخارج تحت مسمى «التوبة».
وردد المتظاهرون شعارات من قبيل «لا توبة.. لا حرية.. للعصابة الإرهابية».
كما رددوا شعاراً معادياً لراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الشريكة في الائتلاف الحكومي الحالي، والذي دعا سابقاً إلى «فتح باب التوبة» أمام المتشددين الراغبين في العودة إلى تونس شرط أن «يتوبوا إلى الله» «توبة حقيقية» ويتخلوا عن العنف.
ورفع المتظاهرون لافتات كتبت عليها شعارات مثل «لا لعودة الدواعش» و»إرادة سياسية ضد الجماعات الإرهابية».

مخاوف أخرى

بعد أن أثارت قضية العائدين التوانسة من بؤر التوتر لغطاً داخلياً ورفضاً سياسياً، بدأ البرلمان التونسي في تحري ملابسات القضية بالكامل.
وفي هذا الشأن قالت صابرين القوبنطيني، النائبة بالبرلمان عن كتلة نداء تونس، بأن كتلة حزبها تقدمت، بعريضة لتكوين لجنة تحقيق في شبكات تجنيد الشباب التونسي وتسفيره إلى بؤر التوتر، مشيرة إلى أن أكثر من مائة نائب وقعوا على تلك العريضة.
وأكدت صابرين القوبنطيني في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، أن نوابا من أغلب الكتل بمجلس نواب الشعب (كتل الحرة والنهضة ونداء تونس والجبهة الشعبية وآفاق تونس)، وقعوا على هذه العريضة المطالبة بالتحقيق في هذا الموضوع، «نظرا لخطورته، ولما له من تداعيات على الشباب التونسي»، مشددة على «ضرورة محاسبة من سهل وقام بتسفير الشباب، ومن وقف وراء ذهابهم إلى مناطق القتال».