عدن - إبراهيم مجاهد
قد يستطيع البعض تقبل أن العلاج من أحد الأمراض المستعصية يتطلب البقاء في المكان أو الدولة الذي يقصدها أي مريض للعلاج، سنة أو سنتان أو حتى ثلاث، ولكن ما لا يستطع أن تقبله وأن يصدقه الجميع أن السفر لإجراء عملية جراحية لشخص أصيب في ذراعه بآلة حادة أو حتى إزالة شظية قد يتطلب البقاء "15" عاماً..
في هذا التقرير تنقل "الشبيبة" للقارئ قصة شاب يمني سافر للعلاج وعمره "19" عاماً ولم يعد إلى أهله حتى اليوم رغم أن عمره اليوم 34 عاماً..
سافر للعلاج فغُيب "15" عاماً
فهمي عبدالله أحمد عبادي الطولقي، شاب يمني، عاش في حلب بسوريا مع والده لمدة عام ونصف عندما كان في سن الرابعة أو الخامسة قبل أن يعود إلى اليمن حيث عاش مع والدته في مدينة تعز بعد انفصالها عن والده. وفي عام 1997، تخرج من المدرسة الثانوية في تعز وعمل بائعا للملابس حتى عام 1999.
عرفه أبناء الحي الذي يقطنه في محافظة تعز ذات الكثافة السكانية الأعلى في اليمن وذات أعلى نسبة في التعليم على مستوى الفتيات من بين المحافظات اليمنية- و التي يطلق عليها عاصمة الثقافة نظراً للمستوى الثقافي والعلمي الذي يتمتع به أبناء وسكان هذه المحافظة الواقعة وسط اليمن، والتي تشهد اليوم مواجهات مسلحة عنيفة بشكل يومي منذ أشهر، في إطار الصراع المسلح الذي يعيشه هذا البلد الفقير الذي تهدد المجاعة والحرب حياة معظم سكانه.
عُرف فهمي في الوسط الاجتماعي حيث عاش في حي الجمهوري، بأنه شخص نشيط وعملي ويحب أن يعتمد على نفسه، فما إن تخرج من الثانوية العامة، سارع للعمل.. حيث عمل في محل لبيع الملابس لفترة، ومن ثم قرر السفر إلى باكستان للعلاج. لكن علاجه طال وامتد "15" عاماً. فلم يكن فهمي يعلم بأن علاجه سيطول كل هذه الفترة، ولو كان يعلم ذلك لفضل تحمل الألم طيلة حياته على أن يسافر ويغيب عن والدته وأسرته "15" عاماً قضاها فهمي في السجن.
عُمان أكثر إنسانية
الشاب اليمني النشيط فهمي الطولقي، هو أحد المعتقلين اليمنيين الذين أفرج عنهم مؤخراً من المعتقل الأمريكي، سيء الصيت، جوانتنامو، واستقبلتهم سلطنة عُمان، كواجب إنساني تقدمه عُمان لشقيقتها اليمن التي تعاني ويلات الحرب والصرع على السلطة منذ أكثر من عام، وتعتبر عُمان بحسب أحد المحامين اليمنيين الذين اشتغلوا على ملف المعتقلين اليمنيين في جوانتنامو، الدولة الأكثر إنسانية فقد قبلت استقبال أكبر عدد من اليمنيين المفرج عنهم، حيث كانت قد استقبلت في فترة سابقة عدد من اليمنيين المفرج عنهم، خلافاً للعشرة الذين استقبلتهم السلطنة منتصف يناير الفائت، وكان فهمي الطولقي أحدهم.
نشكر السلطنة
يقول كمال الطولقي شقيق فهمي، وهو أصغر منه، إن السلطنة أعادت إلينا الفرحة والسعادة إلى قلوبنا والبسمة في وجوهنا باستقبالها أخي فهمي ومن معه من المفرج عنهم، فسعادتنا لا توصف، نوجه لسلطنة عُمان الشكر والتقدير والعرفان ولا نستطيع أن نجازيهم نظير استقبالهم اليمنيين المفرج عنهم. وتكفلوا برعايتهم. كان يتحدث كمال عن شقيقه وهو يتلعثم في الكلام من شدة فرحه بالإفراج عنه وقبول السلطنة استقباله مع زملائهم التسعة.
في رواية كمال لـ "الشبيبة" عن قصة سفر فهمي، يؤكد أن شقيقه سافر للعلاج إلى باكستان ولم يكن قد تزوج بعد، ويقول: سافر فهمي إلى باكستان لغرض العلاج، حيث كان بحاجة لعملية جراحية في يده اليسرى وأنه أبلغهم بعد فترة أنه تعرف على أشخاص هناك في باكستان وتعاونوا معه وطلبوا منه يعمل معهم في تجارة الأقمشة. كما أكد أن شقيقه اعتقل عام 2001م وأنهم لم يعرفوا أنه معتقل في جوانتنامو إلاّ في عام 2003م عبر رسالة تسلموها من الصليب الأحمر الدولي، مشيراً إلى أن نباء اعتقال فهمي كان بمثابة الصدمة لهم جميعاً.
جواز السفر
وحول ما إذا كانت أسرة فهمي قد تلقت طلباً منه لزيارته في السلطنة، يوضح كمال أنه وشقيقته و6 آخرين من أفراد أسرته بحاجة للسفر إلى صنعاء أولاً كي يتمكنوا من الحصول على جوازات سفر لإرسال صور منها إلى السلطنة كي تمنحهم الجهات ذات العلاقة تأشيرة الدخول إلى السلطنة. وبحسب أسرة فهمي فإن السلطات القائمة اليوم في صنعاء تمنع منذ فترة منح أي شخص جواز سفر إلاّ في ثلاث حالات إذا كان السفر لغرض العلاج ولديه تقرير طبي بذلك، أو شخص لديه منحة دراسية، أو من لديه تأشيرة من أي دولة. وهذا أمر يعيق سفر ذوي المفرج عنهم إلى عُمان للقاء بأبنائهم واخوانهم وأبائهم.
تناقض الرواية الأمريكية
من خلال ملف فهمي الطولقي الذي لدى إدارة المعتقل والذي –حصلت الشبيبة على نسخة منه- تؤكد المخابرات الأمريكية أن فهمي حصل على تأشيرة علاج إلى باكستان لفترة ثلاثة أشهر، إلاً أنها أكدت إنه لم يجر أي عملية جراحية، و قالت إنه غادر صنعاء في 19 سبتمبر 1999، ووصل إلى كراتشي في 20 سبتمبر 1999. وهو ما نفاه فهمي في التحقيقات ويؤكد أنه سافر عام 2000م.
إدارة المعتقل قالت في ملف الطولقي أنه لم يكن لدى فهمي جواز سفر حين تم اعتقله ونقله إلى جوانتنامو. وهو ما نفاه أيضاً فهمي. لتعود بعد ذلك إدارة المعتقل وتناقض نفسها وتقول "يظهر جواز سفره إنه غادر اليمن يوم 19 سبتمبر 1999 ودخل باكستان في 20 سبتمبر 1999".
الإفراج عن فهمي يشكك في صحة المعلومات التي تدونها المخابرات الأمريكية وإدارة معتقل جوانتنامو في ملفات عشرات المعتقلين؛ حيث تقول هذا الجهات في ملف الاعتقال الخاص بفهمي التحق المعتقل بحركة طالبان لمدة تصل إلى عامين. لم يحضر المعتقل معسكر تدريب رسمي، لكنه تعلم كيفية استخدام بندقية الكلاشنكوف بينما كان في الخطوط الأمامية في كابول.
كما التحق المعتقل لمدة سنة ونصف بمركز جابر بقيادة عمر سيف على خط الجبهة. ثم بقي المعتقل تحت قيادة أبو البراء المغربي من المغرب في مركز سعيد على الخطوط الأمامية في باغرام. كانت خدمة المعتقل في الشهرين والنص الأخيرة على خطوط الجبهة في باغرام يقود شاحنة لنقل الإمدادات والجرحى والقتلى. وعندما بدأ القصف الأمريكي والتحالف في 7 أكتوبر 2001، سافر المعتقل إلى خوست.
وعندما سقطت كابول بيد القوات الأمريكية وقوات التحالف في 13 نوفمبر 2001، عاد المعتقل إلى كابول وسافر مع عضو حركة طالبان الأفغانية حكمة الله إلى قندهار. وعاد المعتقل إلى دار الضيافة في حجي حبش وقاتل في الخطوط الأمامية في قندهار.
باكستان تحتجز فهمي
كان أبو خلود هو المسؤول عن دار الضيافة وكان حمزة الزبير المسؤول عن خط الجبهة. وقبل أسبوعين من سقوط قندهار في 7 ديسمبر 2001، فر المعتقل من الخطوط الأمامية بمساعدة حكمة الله الذي هرب المعتقل إلى فيصل آباد. وبعد ثلاثة أسابيع التقى المعتقل في مسجد بفيصل آباد عماد عبدالله حسن الذي دعا المعتقل أن ينتقل إلى منزل مملوك لرجل يدعى عيسى بالقرب من الكلية السلفية في فيصل آباد. بقي المعتقل هناك لمدة أسبوعين قبل إلقاء القبض عليه".
وذكر ذلك التقرير أن السلطات الباكستانية احتجزت فهمي وغيره من المشتبه بهم في سجن في لاهور ثم في سجن في إسلام آباد. وفي 13 مايو 2002، تم نقل جميع المشتبه بهم إلى سجن أمريكي.
وتزعم المخابرات الأمريكية أن فهمي يعتبر عنصر خطير في التنظيم وأنه يعتبر أحد مدربي التنظيم في أفغانستان ووجهت له العديد من التهم إلاّ أن السلطات الأميركية تدرك أكثر من غيرها حقيقة هذه التقارير ومدى التضليل الذي تحتويه لتبرير جرائم الاعتقال خارج إطار القانون، لذا لجأت للإفراج عن فهمي وكثير من المعتقلين من جوانتنامو الذي أصبح وصمة عار في جبين دولة عظمى تدعي رعايتها لحقوق الإنسان.
*-*
الأمم المتحدة تشيد بدور السلطنة في الملف اليمني
لندن – ش – وكالات
أشار عدد من الدبلوماسيين بالأمم المتحدة إلى أنه لا يوجد أي موعد قريب لعقد جولة محادثات جديدة بين الأطراف اليمنية، بحسب ما أوردت صحيفة “الشرق الأوسط”، يوم أمس الأربعاء، فيما أشاد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق بدور السلطنة ومساهمتها في دعم مهمة المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وتبادل مع صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء وجهات النظر حول أفضل السبل لتعزيز السلام والاستقرار في اليمن مع وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي رحب بجهود السلطنة في دعم المحادثات اليمنية، بحسب تصريحات فرحان حق.
وأفاد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة خلال المؤتمر الصحافي بنيويورك: "ليس لدينا موعد للمحادثات المباشرة بين الأطراف اليمنية، وما يقوم به الأمين العام للأمم المتحدة من مشاورات في سلطنة عمان هي مساندة لجهود المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد٬ وسلطنة عمان تلعب دوراً هاماً في مساندة جهود ولد الشيخ لحل الأزمة اليمنية".
وصرّح دبلوماسي غربي قائلاً: "ما زال إسماعيل ولد الشيخ يقوم بجولات في دول المنطقة، كان آخرها دولة الإمارات العربية المتحدة والأردن٬ بهدف محاولة إحداث اختراق في الموقف٬ لكنه لم يتمكن حتى الآن٬ من التوصل إلى أرضية جديدة من أدنى درجات التوافق بما يسمح بإعلان قريب لجولة من المحادثات لذا ".
وقال مسؤول دبلوماسي بالأمم المتحدة إن محاولات جلب الأطراف اليمنية إلى طاولة الحوار تشهد الكثير من العراقيل، خاصة مع تمسك الحكومة اليمنية بمطالب الإفراج عن المعتقلين ورفع الحصار عن مدينة الحالمة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى سكان الحالمة قبل الذهاب إلى جولة ثالثة من مباحثات السلام٬ فيما يشترط الحوثيين وقف الضربات العسكرية لقوات التحالف العربي كشرط مسبق لقبول المشاركة في المحادثات.