علي فينوسا - ترجمة: أحمد بدوي
لمدة طويلة ظلت بعض الأمراض تمثل رعبا عالميا ومنها أمراض القلب والسرطان وفيروس نقص المناعة البشرية «الإيدز» على سبيل المثال، وكانت الأمراض المعدية تمثل دائما تهديدا هائلا في المناطق التي لا تستطيع الوصول إلى العلاجات، ولكن بعد اكتشاف المضادات الحيوية انخفضت معدلات الأمراض المعدية القاتلة في البلدان المتقدمة بشكل كبير. بيد أن مخاطر هذه الأمراض تعاود الظهور مجددا ولكننا نتحمل الخطأ تماما هذه المرة.
ووفقا لتقرير جديد مدعوم من الحكومة الأمريكية فإن العدوى المقاومة للدواء تتسبب في قتل المزيد من الناس كل عام إلى حد أنها ستفوق السرطان بحلول عام 2050. وقد تسببت العدوى المقاومة للدواء بما في ذلك سلالات إي كولي والملاريا والسل في وقوع نحو 700 ألف حالة وفاة على مستوى العالم هذا العام، إلا أن العلماء يحذرون أن هذا العدد يمكن أن يرتفع إلى حوالي 10 مليون إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة. وجاءت الدراسة بعنوان مراجعة مقاومة مضادات الميكروبات Review on Antimicrobial Resistance وقادها جيم أونيل الخبير الاقتصادي السابق ورئيس جولدمان ساكس.
والعدوى المقاومة للدواء لن تتسبب وحسب في قتل هذا العدد الكبير من البشر بل ستكبد العالم 100 ترليون (مئة ترليون) دولار سنويا.
ويشير التقرير إلى أن استخدام المضادات الحيوية في الزراعة باعتبارها السبب الرئيسي وراء الارتفاع الكبير في عدوى مقاومة الأدوية، محذرا بضرورة تقليل أو وقف هذه الممارسات تماما.
وهذا الاتجاه المثير للقلق يمتد حتى إلى المضادات الحيوية التي تمثل الملجأ وخط الدفاع الأخير للإنسان والذي لا يمكن استبداله إذا فقد فعاليته.
وأشار أونيل إلى أن الأدلة العلمية تؤيد ضرورة تقليص استخدام المضادات الحيوية في الزراعة وأن الوقت قد حان لصناع القرار للعمل على ذلك، وقال: «نحن بحاجة لخفض جذري في الاستخدام العالمي للمضادات الحيوية، وللقيام بذلك نحتاج إلى اتفاق قادة العالم على هدف طموح للحد الأدنى، جنبا إلى جنب مع الحد من استخدام المضادات الحيوية المهمة للبشر».
ويجادل الخبراء المشاركون في الدراسة حول ضرورة وضع مستوى متفق عليه لاستخدام المضادات الحيوية للكيلوجرام الواحد من الماشية، كما أثاروا المخاوف من التلوث– فتصنيع مضادات الميكروبات ينتج عنه نفايات، وغالبا ما يتم تفريغها هذه النفايات في المجاري المائية، ما يتسبب في خطر فعلي للمقاومة.
وقال نيكولاس ستيرن رئيس الأكاديمية البريطانية إن الضخ الروتيني والمنتظم للمضادات الحيوية في الحيوانات أمر خطير للغاية لأنه يوجد مقاومة للعقاقير التي تمثل مفتاحا للطب الحديث وكذا مفتاحا لحياتنا وسبل العيش.
وعلى الرغم من أنها قد تكون الأشد ضررا، إلا أن حالة الذعر من البكتيريا المقاومة بالتأكيد ليست هي المرة الأولى التي يكون فيها الإنسان هو السبب المباشر في صنع مشاكله الصحية بنفسه، فبدءا من الثورة الصناعية كان تغيير بيئتنا هو أول طريق للإضرار بصحتنا، وها هي آثار تلوث الهواء على الصحة قد تم توثيقها جيدا وتشمل تهيج الجهاز التنفسي وصعوبات التنفس والسعال، وتتفاقم هذه الأعراض في الأشخاص الذين يعانون بالفعل من أمراض القلب والأوعية الدموية وكذا الأطفال وكبار السن. كما أن التعرض لتلوث الهواء بشكل مستمر قد يؤدي إلى فقدان القدرة على المدى الطويل وتطور مخاطر مثل الربو والموت المبكر. وعلى الرغم من أنه من المستحيل مراقبة سلوك كل فرد ليتوافق مع المعايير الصحية والتشريعات القائمة ضد الممارسات الضارة (مثل استخدام المضادات الحيوية في الحيوانات) إلا أن الفرصة لا تزال قائمة لننقذ أنفسنا من أنفسنا.
عن ميديكال ديلي