مسقط - ش
أكد المدير التنفيذي لمعهد أعضاء مجالس الإدارات بدول مجلس التعاون الخليجي ناتالي بوتفين أن أداء مجلس الإدارة في الشركات قد اصبح تحت دائرة الضوء أكثر من أي وقت مضى، وها هي وسائل الإعلام تسلّط الأضواء على أخطاء تطبيق الحوكمة لدى العديد من الشركات الكبرى مثل فولكسفاجن والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وتوشيبا، ما يدل على أنّ فعالية مجالس الإدارة على المحكّ في بعض الأوقات، وربما يأتي هذا الاختبار تحت إشراف كل من المساهمين والعملاء ووسائل الإعلام والجمهور.
من المؤكد أنه لا توجد شركة ترغب في مواجهة الاضطرابات، وفي بعض الأحيان، تجد بعض الشركات الصغيرة نفسها مضطرة لمواجهة قضايا ناشئة، ما يستدعي وجود قيادة قوية وحكيمة من رئيس وأعضاء مجلس الإدارة.
تحسين معارفهم
أصبح أعضاء مجالس الإدارة في دول مجلس التعاون الخليجي على دراية أكبر بأهمية تحسين معارفهم ومهاراتهم وقدراتهم، من أجل الوصول إلى مجالس إدارة أكثر فعالية وأفضل أداءً. وجاء البرهان على ذلك من خلال دراسة استطلعت آراء أعضاء مجالس الإدارة، قام بها معهد أعضاء مجالس الإدارات في دول مجلس التعاون الخليجي في مطلع هذا العام. وكشفت الدراسة أن ثلث المشاركين بها يعتقدون أنّ مجالس الإدارة في دول الخليج العربي فعالة. وهذا يقودنا إلى السؤال التالي، ما العوامل التي تجعل من مجلس الإدارة فعالاً؟ أجرى المعهد بحوثاً معمقة حول الجوانب المتعلقة بأداء مجالس الإدارة، وتوصل إلى وجود أربعة مكونات أساسية تقود إلى مجالس إدارة فعالة للغاية.
الدور الأساسي والحساس
المكون الأول هو الدور الأساسي والحساس لرئيس مجلس الإدارة في قيادة أداء المجلس. تقع على رئيس مجلس الإدارة مسؤولية ضمان الأداء الفعال للمجلس ودعم استراتيجية الشركة وأهدافها. وتتمحور المزايا الشخصية الجيدة لرئيس مجلس الإدارة حول قدرته على العمل بشكل جيد مع الناس، والحصول على التأييد والإجماع، والتحلي بالشجاعة الكافية لتنفيذ ما يراه في صالح المؤسسة. وعلى الرئيس الجيد لمجلس الإدارة أن يتحلى بمزايا القدرة على تحدي ودعم الفريق الإداري، ورسم إطار النقاشات التي تمكن أعضاء مجلس الإدارة من معالجة القضايا الأساسية للتوصل إلى القرارات المناسبة. وعندما تحل الأزمات، لا تغيب أهداف ورسالة الشركة عن فكر ونظر رئيس مجلس الإدارة القوي، ويضع مصالحها فوق كل اعتبار، ونراه يواصل قيادة مجلس الإدارة بفعالية، ويتمتع بالقدرة على مواجهة الاضطرابات والأحداث الطارئة والتعامل معها بأسلوب يؤمن الحماية لمصالح الشركة على المدى البعيد.
التخطيط للخلافة
المكون الثاني هو التخطيط للخلافة ضمن مناصب الإدارة العليا، وهو أمر حيوي لنجاح الشركات على المدى البعيد سواء كانت هذه الشركات مدرجة في السوق المالي للأسهم، أو شركة حكومية أو شركة عائلية أو شركة خاصة. وكشف أكثر من 40% من المشاركين في الاستطلاع أن شركاتهم ليست لديها خطة للخلافة. إن مجالس الإدارة الفعالة تضع خطة للخلافة وتواصل العمل على تنقيحها، ولضمان نجاح خطة الخلافة يجب وضعها قبل ثلاث سنوات من موعد استحقاقها، وفي معظم خطط الاستخلاف الناجحة للرئيس التنفيذي للشركة، يكون لهذا الأخير دور أساسي في اختيار أو جذب خليفته. إن تطوير وتحديث خطة الخلافة يجعل مجلس الإدارة يتناغم مع التغيرات في فريق الإدارة العليا والمتطلبات الخاصة للشركة. إنّ خطة الخلافة المحكمة تجعل الانتقال سلساً، وتصب في صالح الحوكمة والتخفيف من المخاطر، وتعزز من ثقة المساهمين وأصحاب المصلحة.
إدارة المخاطر
وصلنا إلى المكون الثالث لمجالس الإدارة الفعالة، ألا وهو إدارة المخاطر، وحسب ما جاء في الاستطلاع الذي أجراه المعهد فإن 44% من المشاركين عبروا عن رغبتهم في رؤية خبرات أكبر في مواضيع التدقيق وإدارة المخاطر، وعند طرح سؤال هل يتمتع كل الزملاء بفهم واضح لأهم خمسة مخاطر تواجه الشركة؟ أفاد ثلث المشاركين في الاستطلاع بالنفي. وقد لخصت دراسة أعدتها شركة بي دبليو سي مسؤولية مجلس الإدارة تجاه المخاطرة الجيدة، بقولها إن مجلس الإدارة مسؤول عن فهم أسلوب إدارة الشركة تجاه المخاطرة، وإلى ضرورة وجود نقاشات موضوعية حولها باعتبارها جزءاً من الاستراتيجية وعملية الإشراف على المخاطر. ووفقاً لـ بي دبليو سي، فإن المشاركة الفعالة لمجلس الإدارة في نقاشات المخاطر لها دور محوري في نهج الشركة تجاه إدارة الإقدام على المخاطر، وهي تكفل نجاح الشركة على المدى البعيد.
الاستراتيجية هي المكوّن الرابع
الاستراتيجية هي المكوّن الرابع من المكونات الأساسية لمجالس الإدارة الفعالة، تمضي كثير من الشركات زمناً طويلاً في دراسة أدائها في الماضي، في حين أن النظر إلى المستقبل هو الذي يحرك عجلة النمو المستقبلي. أبدى أكثر من نصف المشاركين في استطلاع الرأي موافقتهم على أنّ أعضاء مجلس الإدارة ساهموا بشكل فعال في تطوير الاستراتيجية والنقاشات المرتبطة بها. وتضمن مثل هذه النقاشات التفاعل الكامل لأعضاء مجلس الإدارة مع استراتيجية الشركة، وتمكّن مجالس الإدارة من القيام بدور فاعل في فهم وتشكيل توجهات الشركة من خلال التعاون مع الإدارة. ومن ثم فإن مجلس الإدارة يحمّل الفريق الإداري مسؤولية تنفيذ استراتيجية الشركة.
تتضمن الوصفة الخاصة بمجالس الإدارة الفعالة العديد من المكونات الأساسية إلا أنّ أربعاً منها لا غنى عنها لتحقيق هذه الغاية وهي: دور ومسؤولية رئيس مجلس الإدارة، والتخطيط للخلافة، وإدارة المخاطر، والاستراتيجية. وفي النهاية فإن هذه العوامل تساعد الشركة على تجاوز المشاكل السلبية في بدايتها، وتساهم في استمرار الأداء الجيد للمؤسسة والمدّ في عمرها، والتغلب على الصعوبات الشديدة سواء الواقعة منها تحت دائرة الضوء أو خارجها.