ترودي روبين
بعد أخبار السياسة الخارجية القاتمة من الشر الأوسط في عام 2015، هل لنا أن نأمل في أي شيء أفضل في العام الجديد؟
إن هذا من شأنها أن يكون مصدرا للارتياح، بعد سنة ازدهرت فيها داعش وسط الفوضى في الشرق الأوسط وبعد الحروب التي أمطرت أوروبا بمليون لاجئ نصفهم من سوريا.
لذلك، هل هناك أي سبب يدعونا لأن نتوقع تحسن الأمور في عام 2016؟ على أية حال، في ديسمبر اتفقت القوى الكبرى في العالم على خطة إطار عمل لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا، أليس كذلك؟ والجيش العراقي (الذي يعاد تدريبه مرة أخرى من قبل الضباط الأمريكيين) أحرز بعض التقدم ضد داعش في الشهر الفائت، أليس كذلك؟ وإيران تنفذ الاتفاقية النووية التي توصلت إليها مع الغرب وروسيا والصين، أليس كذلك؟
كل ذلك صحيح، وأنا لا أريد أن أكون شخصية مُحبِطة، ولكن من الصعب أن أكون متفائلة. إننا سنعلم قريبا جدا ما إن كانت هذه التطورات تنبئ بعنف أقل في عام 2016. وإليكم المؤشرات التي ينبغي مراقبتها في الأشهر المقبلة:
حول سوريا. على الرغم من إتفاق إطار السلام، لا توجد مؤشرات كبيرة على أن المقاتلين أو داعميهم الخارجيين على استعداد لتقديم التنازلات اللازمة. وروسيا تريد الحفاظ على بشار الأسد في السلطة من خلال القصف الشامل لكل الجماعات المتمردة التي تعارضه – فيما عدا داعش. وبهذه الطريقة، فإن موسكو لا تترك للغرب والدول العربية سوى خيارين اثنين – إما الأسد أو الجهاديين – وتطلب منهم الاختيار.
هذا النهج الوحشي قد يروق لدونالد ترامب، الذي أعلن عن إعجابه بفلاديمير بوتين، ولكنه لن يوقف داعش ولن ينهي الحرب الأهلية.
لماذا هذا؟ لأنه لا بوتين ولا أفضل حليف للأسد، إيران، على استعداد لتقديم أي تنازلات لسكان سوريا من السنة، الذين يشكلون الغالبية العظمى في سوريا. إن المدنيين يتم تدميرهم ببراميل الأسد المتفجرة وبقنابل روسيا العشوائية التي تستهدف المستشفيات والأسواق. وجرائم الحرب تدفع المزيد من المدنيين إلى الخروج من البلاد أو إلى الانضمام لصفوف داعش.
ينبغي أن يكون هناك شيء في هذه الاتفاقية للسنة في سوريا ومؤيديهم من العرب، الذين ينظرون إلى الحرب بوصفها محاولة من جانب الشيعة (إيران ووكيلها الأسد) للهيمنة على المنطقة والغالبية العظمى من سكانها العرب السنة. وعلاوة على ذلك، لم يعد بوسع السنة السوريين العيش تحت حكم رجل قام بتعذيب وقتل عشرات الآلاف منهم. إلى أن يتم معالجة هذه المظالم، سيستمر القتال.
لذا علينا أن نترقب لنرى هل ستبرز صيغة من شأنها إخراج الأسد من السلطة قبل الانتخابات بعد عامين من الآن وتحل محلة رجل آخر قوي (ومقبول على نطاق واسع). ولنترقب أيضا لنرى هل سيصبح الجيشان السوري والروسي أكثر جدية بشأن استهداف داعش. أشك أن أيا من الأمرين سيحدث.
كما ينبغي الوضع في الحسبان هل بوتين لديه خطة بديلة قد تقبل تقسيما فعليا للبلاد إلى ثلاثة أجزاء: جزء يحكمه الأسد، ومنطقة حكم ذاتي كردية، ومنطقة سنية يقوم فيها باقي العالم بمساعدة الميليشيات بخلاف داعش على طرد داعش. هذه خطة قد يراها العرب السنة والغرب الخيار الأقل سوءا. وبخلاف ذلك، فإن القتال سيستمر وستظل خلافة داعش على قيد الحياة.
حول العراق. نعم، إن استعادة سيطرة الجيش العراقي (التي لم تكتمل بعد) على مدينة الرمادي، تلك المدينة السنية التي استولى عليها داعش في مايو الفائت، هي خطوة متأخرة إلى الأمام. ونظرا لصعوبة تحقيق تقدم ضد قوات داشع في سوريا، فمن الضروري هزيمتهم أولا في العراق.
ولكن النصر في الرمادي هو ليس سوى خطوة أولى.
في استعادة السيطرة على هذه المدينة. كان على رئيس الوزراء حيدر العبادي درء الجهود التي تقوم بها الميليشيات المدعومة من إيران لقيادة الهجوم، وهو ما كان من شأنه أن يسبب الرعب لسكان الرمادي السنة وبالتالي تقويض العملية. ولكي يحافظ على المدينة، سيحتاج العبادي إلى تمكين القبائل السنية في المحافظة. ولتحرير الموصل، سيكون من الضروري تسليح العشائر السنية في الشمال، وهو الأمر الذي مازال لم يتم القيام به بعد.
لذا علينا أن نترقب لنرى هل يستمد العبادي ما يكفي من رأس المال السياسي من انتصار الرمادي لبدء إعادة دمج السنة في النظام السياسي والعسكري في العراق. أحد مفاتيح ذلك: هل سيستطيع مناورة وكلاء إيران من السياسيين والميليشيات في العراق ويفوض العشائر السنية لتشكيل حرس وطني رسمي.
ولنترقب أيضا لنرى هل سيضع الرئيس أوباما قوة وتركيز أمريكيين كاملين وراء هذا الجهد. في ظل قوة برية عربية سنية في العراق، يمكن أن يكون هناك صد حقيقي لداعش في عام 2016. وبخلاف ذلك، سيظل داعش في الموصل لفترة طويلة جدا من الزمن.
حول إيران. نعم، طهران تنفذ الشروط الأساسية للاتفاق النووي – إخراج اليورانيوم منخفض التخصيب واليورانيوم المخصب بنسبة 20% من إيران إلى روسيا وتفكيك الآلاف من أجهزة الطرد المركزي وكذلك مفاعلها النووي.
وهذا تقدم كبير – فإيران كانت متجهة حتما نحو النقطة التي كانت ستمتلك عندها مادة انشطارية كافية لصنع القنبلة، والآن تم درء هذا التهديد لمدة عشرة إلى خمسة عشر عاما على الأقل. ويعتقد معظم الخبراء أن إيران لن تغش في هذا الاتفاق بأي شكل رئيسي في السنوات الأولى لأنها تريد الحصول على تخفيف العقوبات والمحافظة عليه.
لكن طهران ستواصل سعيها للحصول على مصالحها الإقليمية، مثل تسليح حزب الله وإرسال مقاتلين إلى سوريا والعراق – وهو السلوك الذي لا يغطيه الاتفاق النووي ويجب التصدي له بشكل مستقل عن الاتفاق. لذا علينا أن نترقب لنرى هل يستخدم المتشددون في الكونجرس هذا كذريعة لمحاولة تقويض الاتفاق النووي كما يحاولون بالفعل. ولننتبه لنتائج الانتخابات الإيرانية في أواخر فبراير المقبل، التي يمكن أن تضعف المشتددين في طهران الذين يريدون فعل نفس الشيء.
بعبارة أخرى، من الممكن أن يكون هناك أخبار أفضل تتعلق بالسياسة الخارجية هذا العام من الشرق الأوسط، ولكنه ليس احتمالا كبيرا. ولكن هذا لا يعني أن نفقد الأمل.
كاتبة عمود في صحيفة فيلادلفيا إنكوايرر