هذه إذاعة عمان

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٤/فبراير/٢٠١٦ ٢٣:٠٠ م

تشدني الكتب التي تتناول تجربة حياتية، سواء كتبها رئيس دولة أو طباخ في مطعم بائس، لأن التجارب ثراء لا يمكن أن نعيشه بتفاصيله الدقيقة، والتي يدركها المشتغل في "حقله" أكثر مما يمكننا معرفة سوى ما يعبر علينا في "حقلنا" من ثمار تختلف كثيرا عن حصاد الآخرين، وحقّ علينا الاستمتاع بما لديهم من حكايات "حياتية ومهنية" كما هو حق عليهم أن يرووا كيف عاشوا التجربة.
لا يسع جميع الأشخاص الكتابة عن تجاربهم، بعضهم لا يملك التجربة العميقة، وبينهم من لا يملك فن الكتابة، وهناك من يرسمها شفاهة ليتولى "كاتب" وضعها في قالب "كتابي" يمتع قارئه بحقول من السير وسط ورود قطفها حاصدها وقد أدمت يديه أشواك.. لا بدّ منها.
سير ثرية، كتبت عن قادة أو أثرياء، أو هم كتبوها ليظهروا كم الحياة أعطتهم، وقد أعطوها عمرهم، وبين هؤلاء من يوثق مرحلة مهمة في تاريخ بلد، وأحسب أن الأستاذ عبدالله بن حمد آل علي أحد هؤلاء، حين كتب "هذه إذاعة عمان" مع أن الغرابة تقودني إلى غياب اسمه عن غلاف الكتاب، وله من الأهمية ما يضعه في مقدمة الكتب التي تحدثت عن نهضة عمان الحديثة، على المستوى الإعلامي، وقد واكب نشأتها "من بيت الفلج إلى مدينة الإعلام، 1970 وحتى 1974" وتلك المرحلة على قدر من الحساسية الوطنية العالية، حيث التغيير الذي يتأسس على قوالب مختلفة لم تعرف في السابق محليا، وتنشد إيصال الصوت الوطني إلى سائر أبناء عمان حيثما كانوا.
يصف الأستاذ عبدالله آل علي رحلته المعرفية الأولى حينما قرر والده إرساله للدراسة في الخارج عام 1958 حيث ركب السفينة (البوم) من قريته سور الشيادي في ولاية صحم ووصلا إلى الكويت، وفي عام 1964 مثل أمام السيد شهاب بن فيصل ليحصل على جواز سفر عماني، ليعبر الكاتب تفاصيل كثيرة في رحلته التعليمية تلك بين قريته والكويت، مشاركا كممثل في مسرحيات مع أستاذ المسرح الكويتي المعروف فؤاد الشطي، وعابرا على مسيرة الإذاعة في العالم، ووصولا في الفصل الخامس إلى نشأة الإذاعة العمانية في يوليو من عام 1970، والتي تولى إدارتها للمرة الأولى أحمد المنصوري، وكما يعرفه المؤلف "من مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة وكان مذيعا في إذاعة صوت الساحل التي تعد آنذاك أول إذاعة رسمية نشأت بمعسكر قوة ساحل عمان بالشارقة".
تضمن الكتاب مجموعة من الصور النادرة، بينها صورة المؤلف مع المرحوم عبدالله بن صخر العامري خلال بث احتفال البلاد بالعيد الوطني الأول عام 1971، ومشاركة فنانين عرب في احتفالات السلطنة بتلك المناسبة، كارم محمود وأبو بكر سالم، واللافت أن المؤلف كان يقدم فقرات الحفل الفني الساهر مرتديا "الغترة والعقال".
واللافت أكثر قائمة المذيعين في تلك المرحلة وهم: الأستاذ عبدالله بن صخر العامري، ذياب بن صخر العامري، علي بن ماجد المعمري، يوسف بن علوي بن عبدالله، علي باقر سليمان، أما قائمة أسماء موظفي قسم الالتقاط وتحرير الأخبار فتضم من بين الأسماء حمد بن محمد الراشدي ويحيى بن سعود السليمي وأحمد بن عبدالله الفلاحي..
.. وزمان يا إذاعة، وزمان يا أسماء.