«الغموض».. عنوان الخطة البريطانية للانسحاب من أوروبا

الحدث الثلاثاء ١٠/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
«الغموض».. عنوان الخطة البريطانية للانسحاب من أوروبا

مسقط – محمد البيباني

في أحدث تصريحاتها حول خطة الخروج من الاتحاد الأوروبي، قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس الأول الأحد، إنها ستحدد استراتيجيتها بخصوص الخروج من الاتحاد الأوروبي خلال الأسابيع المقبلة نافية تلميحات بأن خططها «مشوشة».

أتت هذه التصريحات عقب موجة من تصريحات سابقة أججت مخاوف كثيرة بشأن جاهزية بريطانيا للانسحاب ووضوح خطتها للتفاوض حوله.

في أكتوبر الفائت أعلنت رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي، في مقابلة مع بي بي سي، أنها سوف تبدأ رسمياً عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بنهاية مارس2017.
بعدها وفي ديسمبر الفائت أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية أنها تعتزم التفاوض في شأن خروج بريطانيا بحلول العام 2019، لكن فترة انتقالية قد تكون مطلوبة بعد ذلك.

سابقة جديدة

في الواقع تواجه بريطانيا والاتحاد الأوروبي وضعاً غير مسبوق بعد قرار البريطانيين الخروج من الكتلة الأوروبية، مما يرغمهما على بناء علاقة جديدة فيها الكثير من أوجه الغموض بعد علاقة استمرت أكثر من أربعين عاماً، وهناك الكثير من المسائل المطروحة في المفاوضات الجديدة التي سيترتب على بروكسل ولندن خوضها.

على مستوى الإطار القانوني، نصت المعاهدات على آلية للانسحاب من الاتحاد الأوروبي أدرجتها في «بند الانسحاب» (المادة 50) الذي أقرته معاهدة لشبونة (2009) وتحدد الآلية سبل انسحاب طوعي ومن طرف واحد، وهو حق لا يتطلب أي تبرير.
وسيترتب على لندن التفاوض بشأن «اتفاق انسحاب» يقره مجلس الاتحاد الأوروبي (يضم الدول الأعضاء الـ28) بأغلبية مؤهلة بعد موافقة البرلمان الأوروبي.
ولا تعود المعاهدات الأوروبية تطبق على بريطانيا اعتباراً من تاريخ دخول «اتفاق الانسحاب» حيز التنفيذ، أو بعد سنتين من الإبلاغ بالانسحاب في حال لم يتم التوصل إلى أي اتفاق في هذه الأثناء، غير أن بوسع الاتحاد الأوروبي ولندن أن يقررا تمديد هذه المهلة بالتوافق بينهما.

معضلات

تبرز تساؤلات كثيرة حول المفاوضات التي سيترتب إجراؤها لتحديد علاقة جديدة، بعد أربعة عقود نسجت علاقات متداخلة ومتشعبة ربطت المملكة المتحدة بباقي الاتحاد الأوروبي. ويجدر بلندن تعديل تشريعاتها الوطنية لإيجاد بدائل عن النصوص الكثيرة الناجمة عن مشاركتها في الاتحاد الأوروبي، لا سيما مجال الخدمات المالية.

وأوردت الحكومة البريطانية في دراسة رفعت إلى البرلمان في فبراير الفائت أنه «من المرجح أن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً، أولا للتفاوض بشأن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، ثم بشأن الترتيبات المستقبلية معه، وأخيراً الاتفاقات التجارية مع الدول خارج الاتحاد الأوروبي».
وتحدثت الدراسة عن «فترة تصل إلى عقد من الغموض» ستنعكس على الأسواق المالية، وكذلك على قيمة الجنيه الاسترليني.

غموض «غير مقبول»

من جانبها قالت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجن، أمس الأول الأحد، إنها لا تعرف الكثير عن خطة بريطانيا للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، معتبرة أن هذا الوضع «غير مقبول» بعد ستة أشهر على تصويت البريطانيين في استفتاء لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وقالت ستيرجن زعيمة الحزب الوطني الاسكتلندي الذي قاد حملة للبقاء في الاتحاد لهيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية (بي.بي.سي) إن الحكومة البريطانية تحتاج إلى التوصل إلى تسوية في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لإبقاء اسكتلندا إلى جانبها عوضاً عن التركيز على موضوع الهجرة فقط.
وأضافت في برنامج أندرو مار «لا تتجاهلوا اسكتلندا».
وتابعت: «لا أشعر أنني أعرف أكثر عن أهداف التفاوض اليوم مما كنت عليه قبل ستة أشهر وربما ما يقلق أكثر من هذا هو أنني لست واثقة من أنها (الحكومة البريطانية) تعرف أكثر عن أهدافها من التفاوض مما كانت تعرفه هي نفسها قبل ستة أشهر أيضا».

هل هناك خطة؟

في نوفمبر الفائت أظهرت مذكرة مسربة أن بريطانيا ليست لديها خطة شاملة للانسحاب من الاتحاد الأوروبي وأنه ربما لا يتم الاتفاق على استراتيجية الانسحاب من الاتحاد قبل ستة شهور بسبب خلافات داخل حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي.

وجاء في الوثيقة المسربة التي اطلعت عليها هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) وصحيفة التايمز وأعدها مستشار من أجل مكتب رئيسة الوزراء إن وزراء الحكومة يعملون على أكثر من 500 مشروع مرتبط بالخروج من الاتحاد وربما يتطلب ذلك 30 ألف موظف حكومي إضافي.
وقال مكتب ماي إنه لا يعترف بالمزاعم التي وردت في المذكرة.
وقال متحدث باسم مكتب رئيسة الوزراء «هذا ليس تقريراً حكومياً ونحن لا نعترف بالمزاعم التي وردت فيه... نركز على إحراز تقدم في مهمة تنفيذ الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بنجاح».
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية والتايمز إن المذكرة التي حملت عنوان «تحديث بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي» والمؤرخة في 7 نوفمبر تنتقد ماي لميلها «للتدخل في القرارات والتفاصيل لتسوي الأمر بنفسها».
وأضافت أنه لا توجد استراتيجية مشتركة إزاء الخروج من الاتحاد الأوروبي بسبب الخلافات بين وزير الخارجية بوريس جونسون ووزير التجارة ليام فوكس ووزير شؤون الخروج من الاتحاد ديفيز ديفيز من جهة ووزير المالية فيليب هاموند ووزير الأعمال جريج كلارك من جهة أخرى.
وتشير الوثيقة أيضاَ إلى «أطراف رئيسية» في قطاع الصناعة يرجح أن «تهدد الحكومة» للحصول على تأكيدات مماثلة لتلك التي قدمت إلى شركة نيسان لصناعة السيارات بأنها لن تضار من تداعيات الانسحاب من الاتحاد.