طريق الباطنة الساحلي.. المشروع الحلم

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٨/يناير/٢٠١٧ ٢١:٣٥ م
طريق الباطنة الساحلي.. المشروع الحلم

طريق الباطنة الساحلي والذي أكمل اثني عشر عامًا منذ الإعلان عنه في شهر يناير من العام 2005، أُريدَ منه أن يحول منطقة ساحل الباطنة من منطقة عشوائية تتوزع بها مزارع أحرقتها ملوحة الأرض ومنازل متواضعة تأثر أغلبها بسبب ضربات أمواج بحر عمان إلى منطقة سياحية رائعة، وذلك عبر إقامة طريق ساحلي مزدوج يبدأ من منطقة المنومة بولاية السيب وحتى خطمة ملاحة بولاية شناص، توجد فيه إطلالات سياحية على البحر تستغل لإقامة منشآت سياحية راقية ويوقف في الوقت نفسه تأكل الشاطئ ويعيد الحياة إلى شاطئ يمتد لمسافة 245 كيلو مترًا.
المشروع والذي يدخل عامه الثالث عشر تحول إلى كابوس نتيجة تعطل العمل فيه بسبب تغير المسار التخطيطي للطريق وكذلك آلية التعويضات والتي تغيرت عدة مرات، فقد بدأت الآلية بتعويض الأهالي بمنازل بديلة لمنازلهم وذلك من خلال استحداث مخططات سكنية جديدة وإقامة مساكن لكل عائلة متأثرة، حيث أسند المشروع إلى شركة من خارج السلطنة وبدأت في التنفيذ عبر حزم بعدد من ولايات الساحل، ثم توقفت بعد خلاف على آلية التنفيذ ثم انسحبت لبيدأ المشروع رحلة أخرى للبحث عن مقاولين لتكملة إنشاء الوحدات التي تمثل المرحلة الأولى، ثم تغيرت الآلية بعد انتقال تبعية الإشراف على الطريق من اللجنة العلياء لتخطيط المدن الملغاة إلى وزارة الإسكان والتي استحدثت آلية جديدة تقوم على تعويض كل صاحب منزل قطعة أرض ومبلغ مالي يبدأ من 45 ألف ريال عماني على أن يقوم المتأثر بنفسه باختيار المقاول الذي سيقوم بإنشاء المنزل البديل.
على الرغم من الجهود المبذولة لإنهاء عملية التعويض إلا أن هناك شكاوى من المتأثرين من المشروع أبرزها أن المنازل التي بنيت لم تراعي الخصوصية العمانية بالنسبة لتقسيمات المنازل، وكذلك ظهور عيوب تصميمية بالمنازل تدل على عدم مراعاة الجودة في التنفيذ وأيضًا اختلاف آلية التعويض والتي يراها البعض متضاربة، فيما يشتكي آخرون من البطء في استلام المبالغ المرصودة لهم وآخرون من المواقع المقترحة لهم والتي يروها بعيدة عن التجمعات السكانية وتفقدهم الترابط العائلي الذي ألفوه خلال سكنهم بالساحل.
التضارب في آليات التعويض والتذمر الكبير من قبل سكان ساحل الباطنة يكشف أن هناك تسرعًا في طرح المشروع دون دراسة وافية لطبيعة المنطقة وسكانها الذين يعدُّون أكبر تجمع بشري بالسلطنة، وهو ما يعني تعويضًا -حسب الإحصائيات الرسمية المنشورة- أكثر من 18892 حالة متأثرة بالمشروع منها 10671 من المنازل و8221 مزرعة وهذا الرقم لا يشمل الأراضي السكنية الفضاء والمباني التجارية والأراضي الحكومية والمساجد والأسواق والأوقاف وهي بحسبة بسيطة مبالغ تصل للبلايين من الريالات، مع الحاجة الشديدة لاستحداث آلاف من قطع الأراضي لبناء المساكن البديلة والتعويضات العينية وإقامة الخدمات المصاحبة من مساجد وأسواق وحدائق وغيرها من الخدمات التي تتطلبها الأحياء السكنية، هذا أولًا، وثانيًا أن إحداث تغيير ديموغرافي لسكان ساحل الباطنة والذين ارتبطوا بالبحر يمثل صعوبة كبيرة لإقناع سكان الساحل الكبير بمفارقته، فمن الصعوبة بمكان أن تنقل شخصًا أدمن وعشق البحر والذي كان مصدر رزقه وعلى ضفافه عاش رحلة حياته إلى منطقة نائية بعيدة وفي تجمعات تبعده عن أهله وجيرانه، إضافة إلى الإشكاليات المتعلقة بإثبات الملك لمنازل ومزارع قديمة يشترك في بعضها المئات من الورثة وبما يعنيه من خلاف على التعويض بين والذي يصل أحيانًا إلى المحاكم لتوزيع الحصص وهو ما يعينه من تأخر في استلام المواقع وقبول التعويض.
كان بالإمكان وببساطة استحداث آلية لتطوير ساحل الباطنة تغني عن كل هذه الإشكاليات تستند على تجربة مشروع تطوير صحار وذلك بإنشاء طريق ساحلي وترميم أو إعادة بناء منازل القاطنين على الساحل بدون نقل السكان عبر طرح حزمة لتطوير كل ولاية على حدة تبدأ من ولاية بركاء وتنتهي بولاية شناص، بحيث ستوفر هذه الخطوة العديد من الأهداف أبرزها المحافظة على التجمعات السكانية وتوفير مئات الملايين من الريالات صرفت كتعويض عن الأملاك المتأثرة.
الغموض الذي يلف المشروع يتطلب إيضاحًا من وزارة الإسكان باعتبارها المشرفة على المشروع حول الخطوات التي تم إنجازها والعقبات التي تواجهه، ووضع خارطة طريق تنهي هذا المشروع الحلم وتنهي معه انتظار أكثر من أربعة آلاف حالة تعويض تضمها قائمة الانتظار، مع أهمية الأخذ في الاعتبار بملاحظات المنتظرين للتعويض سواء كان التعويض نقديًا أو بمسكن مع مراعاة ارتفاع أسعار البناء للتغلب عليها.
باختصار هل سينجز هذا المشروع قريبًا؟ وهل سنسمع إيضاحًا من وزارة الإسكان عنه وعن النسب التي حققها؟ وهل يمكن التراجع عنه بعد هذه السنوات الطوال مع تراكم المشاكل المرتبطة به؟ أسئلة مشروعة ينتظر آلاف من السكان إجابة لها مع الصمت الغريب الذي يلف هذا المشروع ونحن معهم من المنتظرين.