مـــع القــراءة

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٥/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
مـــع القــراءة

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby
malrahby

.. وحيث أريد أن أكون «محفزا» لأجل فعل القراءة وترسيخه في حياتنا اليومية فإني أكتب المرة تلو المرة عن القراءة، وفي ختام «تشاؤلات» الأسبوع أكتب عن حالة قرائية، ضمن الالتزام بأن يكون هناك عمود يومي عن الكلمة، قراءة أو كتابة، ضمن العلاقة الراسخة معها.

لا يمكن، في لحظة عابرة، أن نقيّم وضع الكتاب في مجتمعنا من خلال الإقبال على معرض أو بقائه هامشيا، وأستحضر صورتين التقطتهما في مجمع تجاري كبير خلال يوم إجازة لمعرضين (مؤقتين)، الأول للعسل، والثاني للكتب، وبين المشهدين فارق هائل، واحد يكاد لا تستطيع السير فيه بسبب الزحام، مع رضا طيب لمسته لدى الباعة، مع أن في قلوب العارضين غصة على تكاثر عدد «النحّالين» من الجنسيات الآسيوية التي تنافس المواطن حتى على تربية نحل العسل، ويسمى بالطبع «عماني»، نسبة إلى الأرض، مشيرين إلى حالات غش لا يتورع عنها أولئك «الدخلاء».
أما المعرض الآخر فقد أريت الكتب بين الأرفف الصامتة تكاد تشتكي من الهجر، رغم زحام البشر في المجمع التجاري، والبائع واحد، على طاولته كنت أتأمله من شرفة علويّة، لاشتراكنا في هم واحد، عدم وجود الكتاب في مفكرة الحياة اليومية للناس، وهذا هو «بيت القصيد»، حيث لا يتشكل من فراغ، بل هو حالة وطنية يجري بناؤها وفق رؤية، وللأسف الشديد فإن الثقافة بمفرداتها الأقرب للجماهير، المكتبات والمسرح، أهملت، كأنما بتعمّد، وأصبحت كلمة «مثقف» لدى المسؤولين (وهذه سمعتها كثيرا) دالة على السخرية، وليست محل إعجاب وفخر وطني، حيث المواطن المثقف إضافة إلى وطنه، وليست دلالة انتقاص!
الكتاب ليس هاجسا لدى «القرار الحكومي» بل يجري تهميشه، والأدلة على ذلك كثيرة، من أبرزها: كم كتاب صدر عام 2016 بدعم من أية جهة رسمية؟ وكيف نقارن هذه الأعداد بأية دولة فقيرة، أما إذا قارنا بأصغر دولة أوروبية فإننا نغوص في جلودنا خجلا من أرقام ربما تصدرها جامعة عدن أو صنعاء قبل الحرب، ومجلاتهما، ورغم الظروف الاقتصادية حتى ما قبل الأزمة، أكثر مما تطبعه جميع جامعاتنا وكلياتنا ومعاهدنا.. وربما (وزارتنا)، هذا إذا كانت فعلا.. تطبع كتبا!!
كيف نضع الكتاب في قائمة اهتمام الناس، ونقربه منهم؟
أن تكون في مدارسنا حصة قراءة، في مكتبة مدرسية ثرية يدخلها المعلم أولا ليقرأ، وأن تكون في كل قرية مكتبة صغيرة تنشط «دون يأس» لتجذب القراء إليها، وفي كل بيت «أب وأم» يتمسكان بعادة القراءة ليكتسبها جيل يحتاج إلى المعرفة، ليس من أجل التسلية، ولكن لإطلاعهم على أكبر قدر ممكن من الأفكار واتساع الرؤية تجاه هذا العالم.
هذا الذي لا يتم (فجأة) يتطلب رؤية نبدو غير قادرين عليها؛ لأن المعنيين بالتخطيط لهكذا «معرفة» علاقتهم واهنة مع الكتاب، وينظرون إليه على أنه «لغة الأمس» مقابل أخرى تحتل أولويات اليوم حيث وسائل التنقية ومن بينها «الحاسوب» خطفت الناس حتى من أنفسهم.
ويبقى السؤال: ماذا فعلتم لوضع هذه المعرفة على وسائل التقنية، وقد عجزتم حتى عن بلوغ مرحلة الكتاب؟!