حظيت الولاية بنصيبها من التنمية في عهد جلالة السلطان.. الذرة والصيد "غذاء" رخيوت قبل النهضة المباركة

بلادنا الخميس ٠٥/يناير/٢٠١٧ ٠٤:١٠ ص

رخيوت - علي باقي

يتذكر الأهالي في ولاية رخيوت قسوة الحياة في الماضي.. قبل إشراقة فجر النهضة المباركة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- حيث كانوا يعانون قسوة معيشية وحياتية، فكل أشكال الحياة الحديثة كانت معدومة آنذاك في الولاية، وكان مصدر الرزق الوحيد في هذه الولاية هو الزراعة البسيطة وتربية الحيوانات وصيد البحر والهجرة للخارج للعمل.
ولا يتوانى الأهالي عن تذكير أبنائهم بصورة الحياة في الماضي ليحافظوا على ما ينعمون به من خدمات ومن تطور في أشكال الحياة المدنية فقد حظيت الولاية مثل باقي الولايات بالسلطنة بالتنمية الشاملة في العهد الزاهر لجلالته -حفظه الله ورعاه-.

السفر والعودة
الشيخ علي بن محمد المشيخي يتذكر ما كانت عليه الحياة في تلك الأوقات الصعبة فيقول: مررنا بعدة مراحل في الحياة وكانت بدايتها السفر إلى الخليج ومن ثم عودتنا إلى أرض الوطن ولم تكن هناك أية خدمات أبداً، فكانت الحياة متواضعة وبسيطة وكان الاعتماد على بعض المصادر الرئيسية وأبرزها تربية الحيوانات واستخراج اللبان والزراعة الموسمية للذرة واللوبي وبعض أعمال الحرف والمشغولات اليدوية، والكل كان يعمل من أجل لقمة العيش سواء في منطقته أو خارج السلطنة.

حياة بسيطة
الشيخ سالم بن تمان جشعول يقول: كانت الحياة في رخيوت متواضعة، كان الناس معتمدين على المواشي وبخاصة القاطنين في المناطق الريفية والنجد من الولاية، واعتمد سكان الساحل على عدة حرف ومشغولات يدوية إضافة إلى التجار الذين تمركزوا في مركز الولاية برخيوت.

التعاون بين الناس
يتذكر الشيخ سالم بن سهيل شماس الحياة في الماضي فيقول: مع قلة مصدر العيش إلا أن الراحة النفسية والتعاون والمحبة بين أبناء الولاية كانت حاضرة ولا تزال موجودة، ولم تكن هناك أي رواتب أو أجور من الحكومة، كان الناس يعتمدون اعتماداً كلياً على الثروة الحيوانية والزراعة الموسمية، ويعمل الناس من الصباح وحتى غروب الشمس والفترة المسائية يجتمعون ويتبادلون الأخبار، وفي بعض الليالي تقام ليال شعرية وبعض الأيام أيضاً إذا اجتمع الناس يقيمون الألعاب التقليدية.

مقايضة السلع
يقول الشيخ سالم بن علي أجهام عكعاك عن الأيام الخوالي في الولاية: كان الناس يبيعون ويشترون بالمقايضة حيث كانت الزراعة الموسمية ترتكز على زراعة الذرة واللوبي والمصدر الآخر هو اللبان الذي يعد رئيسياً إضافة إلى منتجات الثروة الحيوانية، حيث يستقبل التجار تلك البضاعة وتصدّر إلى الخارج وبخاصة الهند وأفريقيا، وإلى عدن، وتتم عملية المبادلة بمتطلبات الحياة الأخرى من ملابس وأرز وسكر وشاي وغيره من الاحتياجات الأساسية، أما التمور فكانت تستورد من البصرة من العراق.

الذرة محصول رئيسي
ويقول الشيخ مسلم بن سعد هبيس: الحياة والرزق موجود ولكن كان الوقت هو الذي يعد مختلفا، حيث كانت هناك عدة مصادر رزق أولها الثروة الحيوانية وزراعة "المشاديد"، أي مع بداية موسم الخريف تتم زراعة بعض المحاصيل بخاصة الذرة واللوبي أو الذي يسمى محليا "الدجر"، ولا يوجد لدى سكان المنطقة أي مصدر للعيش عدا الحرف التقليدية التي عاش عليها آباؤنا وأجدادنا منذ القدم وهي حرف متوارثة كتربية الحيوانات والزراعة الموسمية وحرفة استخراج اللبان.

العلاج بالكي
الشيخ سهيل بن سعيد باقي يقول: كانت الحياة مختلفة وكان الوقت مختلفاً، كل شيء كان متواضعاً، طبعاً هذا كان قبل عصر النهضة المباركة، حيث لا توجد أية خدمات، وكان الناس يعيشون على إمكانياتهم اعتماداً على إدارة الشخص وأسرته، أما الصحة والتعليم فهما منعدمان، فقط كان هناك معلمون للقرآن الكريم من خلال إقامة دورات لتعليم وحفظ القرآن الكريم والبعض منهم تعلّم ويجيد القراءة والكتابة بخاصة الذين عاشوا وهاجروا إلى العراق أو الخليج، وأيضاً لم تكن هناك رعاية صحية إلا أن بعض أبناء المنطقة كانت لديهم معرفة ودراية بعلاج بعض الأمراض عن طريق الكي أو الحجامة وليس هناك بديل نظراً لعدم قدرة الناس على السفر لصعوبة الظروف المعيشية آنذاك، فالعمل يبدأ مع طلوع الشمس ويستمر إلى مغيبها والكل يعمل وتسند له مهمات عمل، حتى الأطفال الذين في سن السادسة والسابعة كانت تسند لهم أعمال سواء رعاية إخوانهم الصغار أو كبار السن، أي العجزة، فكان الوقت من ذهب أي لا يوجد وقت كافٍ، فمصدر الحياة يعتمد على مدى إنجازك اليومي، وأذكر أن بعض الأمهات كن يجهّزن بعض وجبات الطعام للأطفال وهي قليلة مثل خبزة الذرة أو العصيدة، وكل شيء بالذرة مع آخر الليل أو مع طلوع الفجر؛ لأن خروج أولياء الأمور يبدأ من الفجر والعودة بعض الأحيان مع الغروب في بعض المواسم بخاصة عندما يبدأ الناس في زراعة "المشاديد".

تزويد المنطقة الغربية
ويتحدث الشيخ ناصر بن محمد عكعاك عن الحياة في الولاية فيقول: ولاية رخيوت ولاية عريقة وتاريخية لعبت دوراً مهماً وكانت تغذي المنطقة الغربية بشكل عام من باديتها إلى جبالها وإلى ساحلها، وكانت جميع المنتجات الزراعية والحيوانية تصدّر من بندر رخيوت الذي يعد مركزاً رئيسياً للتصدير والاستيراد إلى بعض الولايات العمانية الأخرى وخارجياً إلى بعض الدول كالهند واليمن وأفريقيا، وأكثر التعامل كان مع الهند، وكانت طريقة البيع والشراء بالمقايضة حيث يتم تبادل تلك المنتجات والمحاصيل بسلع أخرى كالأرز والسكر والشاي والتمور والملابس إضافة إلى بعض الاحتياجات الأساسية الأخرى من خلال موزعين وتجّار من أبناء الولاية هنا في بندر رخيوت وأيضاً من لديه وكيل أو ممثل في الخارج بخاصة في الهند. وأكثر المستهلكين هم من سكان الجبال والبادية على مستوى المنطقة الغربية بشكل عام.

بندر رخيوت
الشيخ محمد بن سالم العمري قال: كانت كل المحاصيل تصدّر من خلال بندر رخيوت إلى الدول المجاورة، أما التمر فلا يوجد إلا في البصرة فقط، وتتم عملية البيع والشراء بالمقايضة أو من خلال الريال الفرنس والريال الفرنس من الفضة وعملة مضمونة، ويسمى الريال الفرنس نسبة إلى بلد الصنع فرنسا وهذا حسب المعلومة المتداولة آنذاك، والاعتماد الكلي كان على تلك المهن التقليدية وتتنوع نسبة المحاصيل الزراعية حسب مساحة "المشاديد" أو المزارع، فعندما تزرع مساحة كبيرة تجني الكثير إضافة إلى تعاون الناس، حيث كان هناك تعاون وتكاتف من قبل الأهالي فعندما تتعرّض أسرة لظروف صحية أو اجتماعية بخاصة مع بداية زراعة "المشاديد" تشكل الناس من خلال الأسر مجموعة أفراد لتجميع الحبوب سواء كانت ذرة أو لوبي لتزرع لتلك الأسرة التي تمر بظروف صحية كانت أو معيشية فترة موسم الصرب ليحصدوا محصولا جيدا يغطي مصروفاتهم واحتياجاتهم خلال السنة، وهكذا كانت الحياة حتى جاءت النهضة المباركة الكريمة التي أسعدت الجميع.

الثروة الحيوانية
ويشارك في الحديث وتذكر الحياة في الماضي الشيخ محمد بن أحمد العامري فيقول: مرت الحياة في رخيوت بعدة مراحل ومر الناس بأوقات مختلفة فاعتمد الناس على الثروة الحيوانية والتجارة واستخراج اللبان والبعض منهم عمل في حرف ومشغولات يدوية.

الصغير يعمل
الشيخ مبارك بن سالم جومع يقول: كل شيء كان مختلفاً وكانت الحياة بسيطة جداً. كان الاعتماد على عدة مصادر للرزق من اللبان والحيوان والتجارة والزراعة والكل يعمل من كبير وصغير في الأسرة ويسند له عمل؛ لأنه في حالة لم يعمل ويشتغل من الصعب توفير طعام له، وكانت الحياة معتمدة على مدى إنجاز ومحصول الأسرة نفسها، حتى المياه كانت تجلب من مواقع بعيدة وأيضاً إن لم تزرع فلن تجني، لذلك كان الجميع يعمل كل في حرفته، وكذلك العمل في الخليج الذي يعد مصدر رزق آخر. وكذلك في البصرة سابقاً. إلى جانب التعاون في تلك الظروف. فأذكر عندما يقل الحليب لدى أسرة معيّنة من الأبقار أو الأغنام فيتم منح تلك الأسرة أبقارا أو أغناما حلوبا من الجيران أو الأهالي فيتم تغطية مصدر الحليب الذي يعد مهما للأطفال والأسرة بشكل عام.

"مشاديد" كبيرة
الشيخ أحمد بن سالم الجحفلي تحدّث عن الماضي في الولاية فقال: كانت الأسر تزرع "مشاديد" كبيرة المساحة من الذرة إضافة إلى الدجر أو ما يسمى اللوبي، وتحصد الأسرة محصولا غير عادي من الذرة التي يتم بيع البعض منها سواء بالكاش بالريال الفرنس أو بالمقايضة من خلال السلع الأخرى، وتخزّن الأسر احتياطيا غذائيا من الذرة يكفي استهلاكها لسنة كاملة وقد يزيد عن سنة، فالحيطة والحذر كانا موجودين، وكان يتم تخزين تلك الكميات في مواقع مخصصة وليس في أي مكان، بعيدا عن الرطوبة والملوحة فلا توجد أسرة لم تحسب حسابا للاحتياط، فكانت الذرة هي الغذاء الرئيسي الذي اعتمدت عليه الأسر في السابق من خلال الذرة التي يتم طبخها بطرق مختلفة سواء كانت خبزا أو عصيدة أو شوربة أو القلي على النار مباشرة، ولم أذكر أنه وصلت أسرة إلى مرحلة الفقر بخاصة عندنا في رخيوت؛ لأن التعاون والتكاتف كان موجودا وكان الناس يتعاونون مع بعضهم بعضا ويساندون بعضهم في كثير من الجوانب الاجتماعية والمعيشية.

حرف متوارثة
الشيخ أحمد بن سهيل جشعول تحدّث لنا كذلك عن ظروف المعيشة والحياة في الماضي فقال: في ذلك الوقت من الزمن كنا نعتمد على المواشي و"المشاديد" التي نزرعها بالذرة والبعض الآخر على الثروة الحيوانية والبعض على اللبان والبعض على التجارة، فالمجتمعات تنفرد بسبل حياتها وتنوع حرفها ومصدر دخلها. ولم تكن هذه الحرف جديدة بالنسبة لنا آنذاك بل هي متوارثة عن الآباء والأجداد، وكانت الحياة قبلنا بهذا النمط والكل عاش وقته من الزمن حتى جاءت النهضة المباركة وجاء الرجل الحكيم جلالة السلطان قابوس بن سعيد -أطال الله في عمره- وتغيّرت الحياة جذرياً.

أما مسلم بن سالم العمري فقال: نالت رخيوت كغيرها من الولايات العمانية، نصيبها من الخدمات والبنى الأساسية وحظي الناس باهتمام القائد ورعايته الدائمة، فعلى مدى أربعة عقود من الزمن أصبحت عُمان من الدول التي تحظى بتقدير واحترام وتعاون من معظم بلدان العالم وهذا بفضل من الله تعالى وسياسة القائد الحكيم- حفظه الله ورعاه. اليوم نتحدث عن إنجازات عصر النهضة المباركة وما وصلت إليه بلادنا من نمو وتطور ورقي في شتى ربوع عُمان، ونحمد الله على هذه النعمة.

ويقول سهيل بن أحمد رجحيت: كانت الحياة مختلفة ولا يوجد مصدر للدخل إلا من خلال حرفة معيّنة أو تجارة، هنا في هذه المنطقة مر الناس بعدة مراحل ولم تكن هناك مرحلة فرح بها الناس وعاشوا سعداء مثل هذه المرحلة التي نحن نعيشها اليوم، ولله الحمد منذ بزوغ عصر النهضة أصبحت هناك نقلة في الحياة. فقبل النهضة المباركة كان الناس يعتمدون على الحيوانات والزراعة واللبان ولا توجد أية وظائف ولا خدمات وكل شيء وفق الوضع التقليدي، فالتعليم كان فقط للقرآن الكريم والعلاج كان بالكي والطرق التقليدية القديمة، وعاش الناس وقتها، وعندما جاءت النهضة جاء الخير والعمل والفرص وجاءت الخدمات وتعلّم الشعب وعمّت البنية الأساسية واليوم نعيش في وضع نُحسد عليه من أمن وأمان ومحبة وتعاون.