رئيسة قسم البيئة البحرية بوزارة الزراعة: "المد الأحمر" يتمدد في سواحل السلطنة وهو غير سام

بلادنا الأربعاء ٠٤/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
رئيسة قسم البيئة البحرية بوزارة الزراعة: 
"المد الأحمر" يتمدد في سواحل السلطنة وهو غير سام

مسقط - سعيد الهاشمي

نوهت وزارة الزراعة والثروة السمكية عبر حسابها في تويتر بأنها رصدت ظاهرة المد الأحمر على سواحل مسندم إلى جنوب الشرقية، حيث تضفي مياه البحر صبغة باللونين الأحمر والأخضر، وتناشد الوزارة مرتادي البحر بأخذ الحيطة وعدم التعاطي مع الأسماك النافقة التي قد تظهر نتيجة نقص مستويات الأكسجين المذاب في طبقات الماء، وأكدت بأن ظاهرة المد الأحمر تتجاوز منطقة رأس الحد وتدخل في مياه بحر العرب ولم تسجل حالة نفوق أسماك إلى الآن.
وحول هذا الموضوع قالت رئيسة قسم البيئة البحرية وعلوم المحيطات بمركز العلوم البحرية والسمكية التابع لوزارة الزراعة والثروة السمكية أحلام بنت سليمان الخروصية في تصريحات لـ "الشبيبة": تشهد الفترة الحالية في معظم المناطق الساحلية بالسلطنة ازدهارا للعوالق النباتية "ظاهرة المد الأحمر" والتي صبغت مياه البحر باللون الأخضر، وكان النوع المسبب هو نوكتيلوكا، أما في بعض المناطق فقد تصبغت مياه البحر باللونين الأخضر والأحمر معا، وكان النوع المسبب في تغير لون البحر باللون الأحمر هو نوع جديد لم يسجل من قبل في المياه العمانية ويعرف باسم (Myrionecta rubra)، ويعتبر هذا التسجيل الأول له في المياه العمانية، وتم رصده في سواحل مسقط وبالتحديد في منطقة البستان و يصبغ مياه البحر باللون الأحمر وهو غير سام، ويتميز هذا النوع بأنه كروي الشكل مع وجود انقباض في خط المنتصف للخلية مع وجود أهداب تساعدها على الحركة، حيث واجه الباحثون صعوبة في تصوير الخلايا الحية لهذا النوع وذلك لحركته السريعة جدا وهي سمة يتميز بها هذا النوع، ولم يتم تسجيل أي حالة نفوق في هذه الفترة.

جهود وزارة الزراعة والثروة السمكية
وأكدت الخروصية أن وزارة الزراعة والثروة السمكية ممثلة بالمديرية العامة للبحوث السمكية أولت اهتماما كبيرا بهذا الموضوع لما لهذه الظاهرة من آثار سلبية على البيئة والصحة العامة، فقد نفذت العديد من المشاريع البحثية لدراسة وإدارة هذه الظاهرة، وذلك على النطاق المحلي والدولي والتي تهدف إلى رصد ومراقبة الظاهرة ومحاولة التنبؤ بوقت حدوثها باستخدام أحدث التقنيات المستخدمة في هذا المجال كالنماذج العددية والاستشعار عن بعد باستخدام الأقمار الصناعية، كما تم تشكيل فريق (المد الأحمر) بمركز العلوم البحرية والسمكية والذي يهدف إلى الاستجابة السريعة لحالات حدوث ظاهرة المد الأحمر والقيام بالإجراءات اللازمة من أجل المعاينة والتحليل، بالإضافة إلى التعاون مع المؤسسات الحكومية مثل مركز الأمن البحري.
وكشفت الخروصية أن وزارة الزراعة والثروة السمكية بصدد تنفيذ برنامج استراتيجي لظاهرة ازدهار الطحالب الضارة بالتعاون مع مجلس البحث العلمي وبمشاركة مختلف الجهات والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة، وذلك لوضع مسار وآلية لإدارة الظاهرة وتأثيراتها البيئية والاقتصادية والصحية. كما كثفت المديرية الجهود لنشر الوعي العام حول هذه الظاهرة وتنبيه الصيادين ومرتادي البحر في حال حدوث الظاهرة باتباع الإرشادات التي يتم الإعلان عنها في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الصحف المحلية.

ظاهرة ازدهار العوالق النباتية
وحول ظاهرة ازدهار العوالق النباتية "المد الأحمر" قالت الخروصية: هي ظاهرة طبيعية تحدث في مختلف البحار والمحيطات نتيجة لازدهار العوالق النباتية، والعوالق النباتية هي كائنات دقيقة جدا تعيش على سطح الماء لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، وتعتبر هي مصدر الحياة في البحر فهي تشكل سلسة الغذاء الأولى إلا أنها تتكاثر في بعض الأحيان بكميات كبيرة جدا إذا ما توافرت لها الظروف الملائمة مثل درجات الحرارة والملوحة والمغذيات فتسبب التكاثر أو الازدهار الطحلبي، وتصبغ لون المياه إلى اللون الأحمر أو الأخضر أو غيرها من الألوان ويعتمد اللون على نوع العوالق المسببة للازدهار؛ لأن كل نوع لديه صباغات لونية خاصة به، وكان اللون السائد سابقا هو اللون الأحمر لذلك عرف قديما بـ (المد الأحمر)، أما الآن فيطلق عليها ظاهرة ازدهار العوالق النباتية.

العوامل المساعدة على حدوث الظاهرة
وحول العوامل المساعدة على حدوث الظاهرة أشارت الخروصية إلى أن هناك عوامل طبيعية وغير طبيعية، فالطبيعية تشمل التغير في درجات الحرارة للمياه البحرية، وحركة التيارات البحرية، فضلا عن نشاط الرياح الموسمية خاصة في هذا الوقت من السنة، وأن هذه الفترة تعتبر فترة انتقالية مابين فصل الشتاء والصيف وتصاحبها تغيرات في خواص المياه مثل التغيرات المفاجئة لدرجات الحرارة وحركة التيارات البحرية واندفاع المغذيات الأساسية القاعية إلى طبقات المياه السطحية، مضيفة أن العوامل غير الطبيعية تنتج عن ازدياد الأنشطة البشرية على طول السواحل البحرية كإنشاء المدن السياحية والمصانع ومحطات تحليه المياه والمزارع السمكية، والتي بدورها تساهم في زيادة نسبة المغذيات البحرية (فسفور، نيتروجين ، سيلكون..) التي تتغذى عليها هذه العوالق النباتية.

أنواع العوالق النباتية المسببة للظاهرة
وعن أنواع العوالق النباتية المسببة للظاهرة أوضحت الخروصية أن هناك العديد من العوالق النباتية المسجلة على مستوى العالم، أما الأنواع المسببة للظاهرة فيصل عددها إلى حوالي300 نوع، منها 70 نوعا له القدرة على إنتاج المواد السامة.
أما الأنواع المسببة للظاهرة في المياه العمانية فهي متنوعة، أشهرها النوع Noctiluca scintillans والذي يسبب حوالي 50% من حالات الازدهار في المياه العمانية، يصبغ هذا النوع مياه البحر باللون الأخضر غالبا، وهو غير سام، لكنه قد يؤدي إلى نفوق الأسماك عند ازدهاره بكميات كبيرة بحيث يعمل على غلق فتحات الخياشيم ويحول دون وصول الأكسجين المذاب مما يتسبب في اختناقها وبالتالي نفوقها، لذلك يعزى السبب الرئيسي لنفوق الأسماك في حالات المد في السلطنة إلى نقص الأكسجين المذاب في الماء.

الآثار المترتبة على حدوث الظاهرة
قالت رئيسة قسم البيئة البحرية وعلوم المحيطات بمركز العلوم البحرية والسمكية: إنه وبالرغم من أن ظاهرة الازدهار الطحلبي تعتبر من الظواهر الطبيعية والتي أصبحت شائعة على نحو متزايد حول العالم، إلا أن لها آثارا خطيرة على البيئة والصحة والاقتصاد والسياحة، منها: نفوق عدد من الأسماك والكائنات البحرية، موضحة بأن ازدهار العوالق النباتية بشكل كبير يتسبب في اختناق الأسماك من خلال انسداد فتحات الخياشيم، كما يسبب نقص نسبة الأكسجين المذاب في الماء مما يؤدي إلى موت الكائنات البحرية.
وأضافت الخروصية: أما الأثر الثاني للظاهرة فهو التسمم، وقد تسبب حالات الازدهار التسمم البشري من خلال تناول الكائنات البحرية خاصة المحاريات، حيث تتغذى هذه المحاريات على العوالق النباتية وقد تكون بعض هذه العوالق المزدهرة من الأنواع السامة، فيتم تخزين هذه السموم في أنسجة هذه الكائنات من دون أن تتضرر، حيث إنها لا تتأثر بتراكم السموم، إلا أنه عند تناول الإنسان للمحار المسموم فإنه يؤثر على صحته، ومع الأسف الشديد فإن هذه السموم تبقى حتى بعد طبخها إلى درجة الغليان، ولهذه السموم تأثير كبير على صحة الإنسان فهي تسبب الإسهال وبعضها قد يؤثر على الجهاز العصبي ويسبب الشلل وبعضها قد يؤثر على الجهاز التنفسي، وقد تصل بعض الحالات إلى الوفاة بحسب ما سجل عالميا.
وبيّنت الخروصية أن الظاهرة تؤثر على محطات تحليه المياه وأن ازدهار العوالق النباتية بشكل كبير قد يؤثر أحيانا على حركة تدفق المياه في محطات التحلية، بالإضافة إلى تزايد المواد العضوية المتحللة مما قد يؤدي إلى توقف بعض محطات التحلية عن العمل، كما أن الظاهرة تتسبب بالروائح غير المستحبة التي تؤذي قاطني المناطق الساحلية المتضررة، فقد يصاحب الظاهرة ظهور روائح كريهة نتيجة لتحلل هذه العوالق وموت الكائنات البحرية.