تجارة البحوث العلمية ومشاريع التخرج.. خيانة علمية

بلادنا الاثنين ٠٢/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص

خاص - ش
تعد البحوث والمشاريع معيارا أساسيا لقياس كفاءة الطالب ومهاراته وقدراته في تخصصه الدراسي، وهي ثمرة ما درسه خلال مسيرته التعليمية.
وفي الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة بيع وشراء البحوث العلمية ومشاريع التخرج وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالإعلانات الترويجية لهذه الظاهرة.
اختلفت الأسعار والعروض ووسائل الترويج والكل اجتمع على مادة علمية جاهزة بدون عناء أو جهد، معدة من قبل متخصصين سواء كانوا أكاديميين أو باحثين أو طلابا.
وقد كشفت "الشبيبة" من خلال تواصلها مع تجار المشاريع بأن سعر 1000 كلمة يصل إلى ما بين 20 و 40 ريالا ويصل سعر 5000 كلمة إلى 160 ريالا. وأحد هؤلاء قال إن طلبات المشاريع كثيرة جدا وإنه استطاع أن يصل إلى الطلاب في شهر واحد فقط.

تدمير الفكر
يقول مازن الغشري الطالب بكلية القانون بجامعة صحار: إن ما طرأ على أبناء الجيل الحالي من العلوم والمسارات العملية ربما من وجهة نظر البعض شيء مرهق وعسير، وهذا ما يدفعهم إلى الاتكال على غيرهم في إعداد البحوث العلمية وذلك باللجوء إلى مكاتب إعداد البحوث التي انتشرت في الفترة القليلة الفائتة بكثرة بشتى مسمياتها، والتي هي من وجهة نظري تدمير لفكر الطالب وتعطيل لقدراته وإعاقة لمهاراته وتجميد لطاقاته وابتكاراته.

خيانة علمية
وتقول تهاني العبرية الأستاذة المساعدة بقسم الاتصال الجماهيري بكلية العلوم التطبيقية بنزوى: عندما كنت بالخارج لنيل درجة الماجستير أصابتني الدهشة من تصرفات بعض الطلاب الجامعيين في مختلف المستويات ومختلف الجنسيات، حيث يقضون وقتا للبحث عن شخص ينجز لهم الفروض والمشاريع الدراسية أكثر من قضائهم وقتا في الدراسة نفسها، والأمر الغريب أن تلك المشاريع البحثية كانت تباع بمبالغ طائلة!
وأضافت: انتابني الخوف من وصول هذه الظاهرة إلى كليات وجامعات السلطنة أو بالأحرى تفاقمها، وبالطبع كوني مررت بعدة مراحل دراسية فقد لاحظت حالات الغش ولكن لم أتخيل يوما بأن تصل إلى مرحلة شراء البحوث! تنبهت أكثر إلى هذه الظاهرة بعدما وصلتني رسالة في مواقع التواصل الاجتماعي قبل عدة أشهر وهي عبارة عن إعلان لإعداد البحوث بمبالغ رمزية والمشرفون عليه ليسوا من داخل السلطنة، وذلك بسبب أرقام التواصل المعروضة وبالتالي هذا فساد وهذه الظاهرة هي خيانة علمية.
وترى العبرية أن بعض الطلبة لا يهتمون بالمحصلة التعليمية التي سيجنونها بقدر ما يركزون اهتمامهم على الشهادة التي سيحصلون عليها وهذا سيؤثر سلبا على مخرجات التعليم، حيث كلما اهتم الطالب بالعلم الذي يجنيه سواء نظريا أو عمليا كلما وضح تأثيره وظهرت نتائجه الطيبة في المستقبل.

حالات فردية
وأكد الدكتور حمود النوفلي الأستاذ المساعد بقسم الاجتماع والعمل الاجتماعي بكلية الآداب بجامعة السلطان قابوس أنه لا توجد لدينا هذه الظاهرة ولم أسمع من قبل أحدا في الكلية يشتكي منها، وإن حدثت فهي لا تعد، وحالات فردية وليست ظاهرة، والسبب كون المشاريع لدينا تمر بخطوات بحثية من اختيار الموضوع إلى تصميم أدوات البحث وتحكيمها ومن ثم جمع المادة الميدانية وكل تلك المراحل تخضع لإشراف الدكتور مما يجعل من الصعب تقديمه جاهزا.
أما عن السرقة الأدبية والنسبة المسموح بها فإنه بالسهولة اكتشافها من خلال البرامج الحاسوبية المخصصة لذلك وفي حال تم اكتشاف أي شراء أو سرقة أدبية فإن لائحة الجامعة بها من النصوص والعقوبات ما يكفل ردع الطالب عن ذلك.

الأسباب تعود للطالب
وعن الأسباب التي تدفع بالطالب إلى مثل هذه السلوكيات يقول عمر الأنصاري الطالب في كلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس: بداية الأسباب ترجع للطالب نفسه فهو يركز على تحصيل الدرجات أكثر من تحصيل العلم والمعرفة هو ما يجعل الطالب يتبع أسهل الوسائل للحصول على الدرجات بدون أي جهد عملي ومعرفي، وأيضا عدم معرفة الطالب بأهمية المشروع ومبرراته، علاوة على ذلك فإن سهولة الحصول على هذه المشاريع من الناحية المالية تجعل الطالب يلجأ إليها.

أما عن الأسباب التي تعود للمعلم؛ فهي كعدم بيان الأهمية المعرفية والمهارية لهذه المشاريع. كما أن بعض المعلمين تنقصهم تلك النظرة التدقيقية التي يتبينون من خلالها العلاقة التناسبية بين مستوى الطالب ومستوى المشروع المقدم من قبله. وأن بعض المعلمين لا يلجأون -مثلا- إلى أخذ عينة من الطلبة كي تجرى عليهم بعض الاختبارات الكاشفة للتحقق من مصداقيتهم.
ومن بين الأسباب كذلك غياب المحفزات، حيث قد يكون غياب دور الأسرة في التوعية بأهمية المصداقية العلمية والتربية الدينية بمسألة عدم انتحال أعمال الآخرين، كذلك عدم وجود قدوات علمية وندرتهم، كل ذلك قد يكون سببا في عدم إدراك الطلبة لأهمية البحث العلمي والإنساني، وقد يتخذ توظيف المخرجات من مؤسسات التعليم العالي في غير أماكنها، علة لنشوء اللامبالاة بأهمية ومبررات البحث العلمي.

نقص الخبرات والمهارات
وبين عمر النبهاني الطالب في الكلية التقنية بنزوى أن جميع الطلاب ذوي المستوى الأكاديمي المتدني أو الطلاب غير المتميزين، تنقصهم الخبرة والمهارة والقدرة على إنشاء (مشروع ناجح) فكل إنسان لا يستطيع فعل شيء إلا بالتعليم، وبالتالي فإن الطلاب لا يستطيعون إنشاء مشروع ناجح إلا بوجود الورش التعليمية أو التدريبية، ويجب على الجهات المختصة بهذا الأمر أن تقوم بالورش التعليمية والتدريبية بما يخص المشاريع، لكي يكون الطالب قادرا ومتمكنا من القيام بالمطلوب منه.